قبل 5 سنە
اسراء البحيصي
304 قراءة

غزة تودع عاما وتستقبل آخر، والحصار يطوق أنفاسها

العام الثالث عشر لحصار قطاع غزة يطوي صفحته الأخيرة مع أفول نجم عام 2019 الذي لم يكن مضيئا بقدر ما كان حالك الظلام فعام 2019 هو الأسوأ اقتصاديا والأكثر كارثية من الناحية الإنسانية

فقد وصل عدد العاطلين عن العمل إلى ربع مليون مواطن بينما ٨٥٪ من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر كما توقفت نحو ٨٠٪ من المنشآت الاقتصادية عن العمل بسبب الحصار والاعتداءات الاسرائيلية لتصل الخسائر الاقتصادية مع نهاية عام 2019 الى 100 مليون دولار شهرياً ، وبينما يكابد المواطنون عناء حياة اقتصادية مريرة لم تتوقف اعتداءات الاحتلال الاسرائيلي فمسيرات العودة وكسر الحصار واصلت عامها الثاني أما الاحتلال فواصل عنفه بالغاز السام والرصاص الحي ليقتل 362 مواطنا ويجرح عشرات الآلاف .. مشهد العدوان الاسرائيلي ظل سائدا طوال عام 2019 لاسيما جولة التصعيد الأخيرة عقب اغتيال القيادي في الجهاد الاسلامي الشهيد بهاء أبو عطا ، فقد كانت الأحداث تتجه نحو عدوان رابع بَيْدَ أن الوساطات نجحت في التوصل لتهدئة عقب اثنين وسبعين ساعة استشهد خلالها 35 مواطنا و أصيب 120

وفي ظل هذا وذاك من حصار واعتداء ظلت المقاومة الفلسطينية حريصة على تثبيت قوة الردع فانتهى عام 2019 بإفصاحها عن عمليات استخباراتية حققت من خلالها انجاز معلوماتي جعلها تتفوق على الموساد الاسرائيلي لاسيما من خلال ما أعلنته من معلومات حول عملية حد السيف التي أفشلت بمقتضاها مهمة كانت تريد فرقة اسرائيلية خاصة تنفيذها في القطاع وقد اختارت الذكرى الأولى للعملية لتعلن عن ما وصلت إليه يد المقاومة من معلومات .

أما على الصعيد السياسي فقد شهد ملف المصالحة قفزة نوعية من خلال الموافقة غير المشروطة لحماس على إجراء الانتخابات الفلسطينية لكنها ظلت قفزة في الهواء لاسيما وأن الأيام الأخيرة لعام 2019 تودعنا دون أن يُصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس المرسوم الذي وعد به لتحديد زمن وآليات تلك الانتخابات

فلغة الاتهامات عادت من جديد بين طرفي الانقسام بعد الجدية التي أبدوها في الذهاب باتجاه انتخابات حقيقية في ظل الجولات المتتالية لحنا ناصر رئيس لحنة الانتخابات المركزية ما بين غزة والضفة ، وإن كان المتهم في تعطيل الانتخابات هو السلطة الفلسطينية في ظل المرونة العالية التي أبدتها حركة حماس في هذا الملف بالذات .

يأتي ذلك كله في ظل وضع خطير تعاني منه القضية الفلسطينية اذ يمضي ترامب قدما لتحقيق طموحه في تطبيق صفقته المشؤومة فواصل قطع المعونات المادية عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين بل إنه يسعى ليحجب دعم الدول الأخرى عنها ، ومع ذلك فقد شهد الشهر الأخير من هذا العام انتصارا فلسطينيا في المحافل الدولية فقد استطاعت فلسطين أن تنتزع قرارين دوليين الأول هو تجديد التفويض للأونروا ، والثاني إعلان مكتب المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية انتهاء مرحلة الدراسة الأولية للحالة في فلسطين ، واستيفاء كافة الشروط القانونية لفتح التحقيقات التي يرديها الفلسطينيون في الجرائم المرتكبة بحقهم ، وهذا يعني أن الفلسطينيين ربما يبدؤون عهداً جديداً من الكفاح الدولي بسلاح القوة الناعمة وهو سلاح القانون الدولي الذي امتلكوه بقوة الحق وليس بالقوة العسكرية .

وبينما يغلق عام 2019 ابوابه مازال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية في جولة خارجية هي الأولى من نوعها بعد توليه المنصب عام 2017 والكواليس يدور فيها مباحثات وتفاهمات لم تتضح تفاصيلها ولا هيئتها بعد لكن عام 2020 سيخبرنا عنها بكل تأكيد .

وإذا ما صحة نبوءة التقارير الدولية بأن قطاع غزة سيصبح مكانا غير صالح للسكن بحلول عام 2020 فهذا يتطلب جهدا دوليا لكسرا الحصار الاسرائيلي بشكل عاجل كما يتطلب خطوات فلسطينية متسارعة لإنهاء ملف الانقسام ، وإلا ستغرق غزة بين تفاصيل أيام العام الجديد وستُشيّع بصمت إلى مثواها الأخير ، لكن التاريخ أثبت أن غزة حينما تُحتضر هناك من يحزن ألماً عليها وهناك من يحزن قهراً منها لأن أنفاسها الأخيرة قادرة على أن تعيدها للحياة من جديد ، فهي عصية على أن يفهمها إلا من عاش فيها متناقضات الموت والحياة في لحظة واحدة .

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP