محاولات أممية لإنقاذ 'اتفاق الحديدة' المتعثر
إلى الواجهة تعود التحركات بخصوص تنفيذ اتفاق الحديدة الموقع عليه من الأطراف اليمنية في العاصمة السويدية استوكلهم قبل نحو عام، والذي يمثل واحداً من الاتفاقات الموقعة حينها لمعالجة الأزمات الإنسانية وبهدف التهيئة لعملية السلام الشاملة والمرجوة.
بهدف تحريك الجمود في اتفاق الحديدة المتعثر حتى اللحظة وإزالة التعقيدات أمام تنفيذه تكثفت المحاولات خلال الأيام الأخيرة وآخرها عقد اجتماع مشترك بين الفريق الوطني والطرف الممثل لحكومة عبدربه منصور هادي على متن سفينة أممية في المياه الدولية للبحر الأحمر بمحاذاة مدينة الحديدة وبرعاية بعثة المراقبة التابعة للأمم المتحدة، وكان من أولويات هذا الاجتماع فتح الممرات الإنسانية، ورفع حصار قوى العدوان على منطقة الدريهمي، وبحث تعزيز آليات مراقبة وقف إطلاق النار، والبناء على نجاح مرحلتي إعادة الإنتشار التي نفذها طرف صنعاء منذ أشهر من جانب واحد، ومن ضمن ذلك تسليم الموانيء الثلاثة "الحديدة والصليف ورأس عيسى" لقوات خفر السواحل بإشراف أممي.
ووفق هذه المعطيات تواصل بعثة المراقبة الأممية في الحديدة بقيادة الجنرال "ابهيجيت جوها" تحركاتها من منطلق ان نجاح الاتفاق يعني إيقاف الحرب وتأسيس لسلام شامل في اليمن، وأن مسألة المساعدات الإنسانية محور أساسي للوصول إلى اليمنيين، وإعادة الانتشار سيكون الضمانة لمرور القوافل الإنسانية، وانها تعمل على هذا الأساس.
إذن فإن فتح الممرات الإنسانية للمدنيين وممرات دخول قوافل الغذاء هي النقطة المشتركة بين اهتمامات الأمم المتحدة الراعية للاتفاق وبين الفريق الوطني الذي دائما ما يرحب بخطوات إعادة الانتشار، ويتهم الطرف الآخر بالمماطلة وأنه يطرح نقاطا خارج اتفاق السويد، ما يعني أنه يعكس تهربه من تنفيذ التزاماته التي حددها الاتفاق.
أضف الى ذلك أنه لم تتوقف خروق قوى العدوان لاتفاق وقف إطلاق النار في الحديدة والالتزام بالتهدئة المفترضة خلال عام كامل منذ اتفاق السويد، والاحصائيات تشير الى ارتكابهم اكثر من ٣٠ ألف خرق خلال هذه الفتره مقابل تأكيدات لطرف صنعاء أنه نفذ كامل التزاماته التي نص عليها الاتفاق الموقع وبخطوات بدت واضحة للجميع وباركها في أكثر من مناسبة مبعوث الأمم المتحدة لدى اليمن مارتن غريفيث.
عدم جدية الأمم المتحدة وصمتها أمام تعنت الطرف الآخر ومماطلته أمر يثير الاستغراب بالنسبة لقوى الطرف الوطني التي تؤكد بياناتها أنها تتطلع لدور أممي فعال لإلزام الطرف الآخر تنفيذ التزاماته التي نص عليها اتفاق السويد، متهمين المنظمة الدولية أنها لم تقم بواجباتها لحقن دماء أبناء محافظة الحديدة واليمنيين بشكل عام، وأنها واكتفت بالفرجة على خروقات وجرائم الطرف الممثل للعدوان وما يتسبب فيه ذلك من سقوط العديد من الضحايا المدنيين ناهيك عن تصاعد الأزمات الانسانية في محافظة الحديدة نتيجة استمرار القيود على الميناء أو ما يفرض من حصار على عديد من مناطق المحافظة ومن ذلك "منطقة الدريهمي"، إلى جانب استمرار إغلاف المنافذ الإنسانية، وهو ما يخل بجوهر هذا الاتفاق الذي هو إنساني بالأساس.
تحديات عديدة تبدو أمام فريق التنسيق الأممي وطرفي الاتفاق في ظل هذا الواقع على الأرض، في وقت يدرك الجميع أن التوصل لعملية سلام شامل في اليمن يبدأ من التطبيق الفعلي لاتفاق الحديدة وبقية اتفاقيات استوكهولم، ولذلك عادت تحركات البعثة الأممية في الحديدة مؤخراً لمحاولة ما يمكن إنقاذه من اتفاق بدى في أكثر من مرة أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.