قبل 5 سنە
جمال كامل
368 قراءة

زيارة الأسد الى إدلب.. رسالة واضحة الحروف

لم يكن هناك ما يعكر صفو الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وهو يسجل النقاط تلو النقاط على حساب الكورد السوريين، لا سيما بعد "اتفاقية انقرة" في 17 اكتوبر/تشرين الثاني مع نائب الرئيس الامريكي مايك بنس، عندما شرعن اردوغان اعتداءه على سوريا، وبعد "اتفاقية سوتشي" يوم امس 22 من نفس الشهر، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لتثبيت "انتصاره" في المنطقة المحصورة بين راس العين وتل ابيض، الا التصريح الناري للرئيس السوري بشار الاسد الذي وصفه، اي اردوغان، بـ"اللص" الذي سرق المعامل والقمح والنفط وهو اليوم يسرق الأرض.

من الواضح ان الكورد السوريين كانوا من اكبر الخاسرين بعد الاتفاقيات التي تمت من وراء ظهورهم بين الامريكيين والروس مع الاتراك، الا ان هذه الخسارة تبقى في المحصلة النهائية خسارة سورية، فكل الذي يجري هو على الارض السورية، والخسارة تتوزع على جميع السوريين، ولكن في المقابل بامكان الكورد السوريين ان يقللوا من حجم هذه الخسائر عبر زيادة التنسيق مع الحكومة السورية، للحيلولة دون تدحرج كرة الخسارة اكثر، والتي ستعود بالضرر لجميع السوريين.

اردوغان الذي كان يخطط بعودة تركيا الى سوريا، عبر احتلال كل الشمال السوري بعمق عشرات الكيلومترات بذريعة محاربة "الارهاب الكوردي" واعادة اسكان اكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري، لم يتوقع الرفض الدولي لمخططه المكشوف والذي كان سيجد طريقة الى التنفيذ عبر اراقة الدمار والتطهير العرقي والعدوان والاحتلال، كما تفاجأ بالتنسيق الذي حصل بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) والحكومة السورية، وهو التنسيق الذي سمح للجيش السوري ان ينتشر في مناطق في شمال سوريا كان اردوغان يُمنّي نفسه في احتلالها واقامة مناطق سيطرة فيها، فعندما كان اردوغان في سوتشي مع بوتين لثبيت "انتصاراته"، تواردت انباء عن عقد اجتماع هام بين وفد عسكري روسي والقائد العام لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) مظلوم كوباني، تم الاتفاق فيه على انتشار الجيش السوري على طول الطريق الدولي الذي يربط حلب بالحسكة، وهو طريق هام كان من بين اهداف اردوغان من هجومه على شمال سوريا، وعلى الفور انتشر الجيش السوري على امتداد الطريق بطول 60 كيلومترا.

يبدو ان مساحة احلام اردوغان في السيطرة الكاملة على الشريط الحدودي داخل سوريا، من تل أبيض حتى الحدود العراقية، ومن ثم ربط هذه المنطقة بجرابلس، بدأت تتقلص، بعد دخول الجيش السوري الى عين العرب (كوباني)، وهو الدخول الذي سيمنع اتصال الشريط ببعضه البعض، وهو ما سيحول حلم اردوغان القديم بابتلاع الشريط الحدودي السوري الى كابوس.

التأكيد على "حلم اردوغان" القديم لم يأت من فراغ، فالمتتبع لمواقف وتصريحات اردوغان، يعرف ان الرجل ليس حريصا على اللاجئين السوريين، وليس هناك من "ارهاب كوردي" يهدد بلاده، فيكفي لأردوغان ان يحقق تلك الاهداف بالكف عن دعم الجماعات الارهابية المنضوية تحت عناوين "الجيش الحر" و"الجيش الوطني" و..، والعمل على تفعيل اتفاقية "اضنة" بين بلاده وسوريا، عندها سيعود جميع اللاجئين الى سوريا، ولن يكون هناك بالتالي اي "تهديد ارهابي" يهدد تركيا من جانب سوريا.

في عام 2016 وتحديدا في 28 سبتمبر/ايلول من ذلك العام، ندد اردوغان باتفاقية "لوزان" عام 1923، وحمل على الذين يعتبرونها انتصارا، والمعروف ان هذه الاتفاقية هي التي ثبتت الحدود الحالية لتركيا، وهي حدود يبدو ان اردوغان لا يعترف بها، لانها حسب اعتقاده اقتطعت أراض واسعة من تركيا و"الحقتها" بسوريا والعراق، فقبل فترة نشرت صحيفة "ديليليش" المقربة من اردوغان مقالا تحت عنوان "هذه هي الاراضي التي اقتطعت من تركيا"، مرفق بخريطة لتركيا تضم كركوك والموصل واربيل في العراق وحلب وادلب والحسكة في سوريا.

زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى ادلب بالامس، كانت في غاية الاهمية بالتوقيت وبالمكان، فقد اعلن من الخطوط الامامية لجبهة ادلب ان كل المناطق في سورية تحمل نفس الأهمية ولكن ما يحكم الأولويات هو الوضع العسكري على الأرض، مشددا على ان معركة ادلب هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سوريا،

رسالة زيارة الرئيس السوري الى ادلب، كانت واضحة الحروف، فسوريا التي هزمت التكفيريين الارهابيين، ستهزم المحتلين، مهما تلوّن هذا الاحتلال، فإنتشار الجيش السوري على مساحة جغرافية واسعة في الشمال السوري، سيسهل إمكانية نقل معدات وأسلحة ثقيلة، للتعامل مع الوجود التركي في شمال سوريا وخاصة في المنطقة المحصورة بين تل ابيض ورأس العين، التي مازال اردوغان يتصور انه سيبقى فيها.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP