ترامب إحترس .. فيتنام ستكون نزهة
كما كان متوقعا لم تمر ساعات حتى غير الرئيس الاميركي دونالد ترامب ، كعادته ، موقفه من تهديد ايران بلغة لا يمكن وصفها سوى بالبلطجية والسوقية ، الى الاعلان عن استعداده للتوصل إلى اتفاق حقيقي مع ايران حول برنامجها النووي.
في الوهلة الاولى قد يبدو التغيير السريع في موقف ترامب ازاء ايران ، يعود الى طبيعة ترامب المتقلبة ،كما يرى البعض ، ولكن في هذه القضية بالتحديد ، لا يعود هذا الانقلاب السريع في موقف ترامب الى طبيعته النزقة ، بل الى الرد الايراني القوي والحازم الذي وأد حرب ترامب النفسية ضد ايران في مهدها .
ترامب ومتطرفو ادارته اطلقوا التهديدات كبالون اختبار لمعرفة المدى الذي يمكن الوصول اليه في تهديد ايران لتغيير مواقفها ، ازاء اهم القضايا المصيرية للامتين العربية والاسلامية ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، والعدوان على الشعبين السوري واليمني.
السذج والمغرضون ، هم فقط من صدّق تهديدات ترامب وطبل لها ، اما الغالبية العظمى من المراقبين للمشهد السياسي لمنطقة الشرق الاوسط ، تعلم جيدا ان من المستبعد جدا ان تكون هناك اية جدية وراء هذه التهديدات ، فايران تملك من القوة والنفوذ في المنطقة ، تجعل من حرب فيتنام نزهة بالنسبة لامريكا ، اذا ما نفذت تهديدها.
من الواضح ان ايران اتخذت خيارا استراتيجيا ، في الا تقف مكتوفة الايدي امام مرور 18 مليون برميل من النفط يوميا عبر مضيق هرمز ، بينما لا تستطيع هي من تمرير برميل من النفط من المضيق ، كما هدد وزير خارجية امريكا بومبيو.
الاستراتيجية الايرانية قائمة على قاعدة “اما الامن والتجارة ، واما لا امن ولا تجارة لاحد ، فمن السذاجة ، بل من الغباء ، اعتماد استراتيجية اخرى ، فمنع الدول ، تحت التهديد والوعيد ، من شراء النفط الايراني ، هو اعلان حرب وبشكل سافر ضد ايران ، ليس امام ايران للانتصار فيها ، الا ان تغلق مضيق هرمز وتمنع النفط عن الجميع ، فنتائج مثل هذا الاجراء لن تكون بسوء نتائج موقفها اذا ما تراجعت امام التهديدات الامريكية.
اكثر الاحتمالات تفاؤلا بالنسبة لترامب ، بعد تهديداته الطفولية التي كتبها بالاحرف الكبيرة على تويتير ضد ايران ، كان توقعه حصول حالة من الصدمه في ايران تُدخل قيادتها في حال الصمت ، الا ان ما حصل كان على العكس تماما ، فهناك في ايران من سخر بترامب ووضع تهديداته في خانة رعونته ، بينما جاء الرد صاعقا من قبل القيادة العسكرية والسياسية لايران ، الذي ذكّر ترامب بوقوع عشرات الالاف من الجنود الامريكيين ، والمصالح الامريكية ، ومصالح الدول الحليفة لامريكا ، في مديات الصواريخ الايرانية.
في كل خطابات ترامب ، منذ انتهاكه للاتفاق النووي ، وحتى تهديده ايران بلغة رعاة البقر ، توجد هناك جملة مشتركة ، وهي انه على استعداد للتفاوض مع ايران ، للوصول الى اتفاق افضل ، وهي جملة تؤكد وبشكل واضح ، ان فكرة شن حرب على ايران ، لا تدور مطلقا في مخيلة ترامب ، رغم كل الضجيج الاعلامي الذي يثيره عادة ، فهذا السمسار ، الذي ما انفك يعكر صفوعلاقات امريكا مع دول العالم من اجل المال ، والحصول على قدر اكبر من الارباح ، يعرف جيدا ان اي مغامرة مع ايران ستجعل كلفة عدوان امريكا على العراق وافغانستان ، تبدو اصفارا لا قيمة لها.
ترامب يعلم قبل غيره ، انه قبل اربعين عاما ، عندما كانت ايران وحيدة وفرضت عليها حرب عبثية استمرت ثماني سنوات ، كما فرض عليها حظر شامل ، الا انها لم ترضخ للاملاءات الامريكية ، ، فمن باب اولى الا ترضخ لهذه الاملاءات اليوم ، وهي الان في ذروة قوتها ، وفي ذروة استعدادها ، وفي ذروة انتصار محورها في المنطقة ، وفي ظل هزيمة امريكا ومحورها من الحكومات الرجعية واذنابها من الدواعش والقاعدة ، واخرها اصحاب الخوذ البيضاء، الذين تم تهريبهم الى اوروبا وامريكا وكندا عبر “اسرائيل” ، لاخفاء شهود الزور في مسرحيات الكيمياوي التي اخرجهتها امريكا والغرب و”اسرائيل” والرجعية العربية.