السياسات الاميركية.. حظر وتصعيد ضد ايران لإبتزاز الحلفاء
كثرت التصريحات والمواقف الاميركية في الأيام الأخيرة فيما يتعلق بالتصعيد ضد ايران لاسيما على خلفية اسقاط طهران لطائرة (MQ) الاميركية التجسسية. لكن ما يلفت في كل ذلك اجراءات الحظر الأخيرة التي وقعها الرئيس دونالد ترامب وتصريحاته حول حلفائه وحول طهران.
فترامب أعلن عن حظر جديد ضد ايران كرد اعتبار بعد الضربة التي تلقتها الولايات المتحدة باسقاط طائرتها والتي كان يأمل حلفاؤها بان تساهم في دفع ترامب باتجاه حرب مع ايران رغم عدم ادراكهم لتبعاتها، غير ان ترامب لجأ للحظر لتعويض الضربة التي تلقاها.
اضافة لذلك اشار ترامب الى عدة قضايا قد يكون الملفت فيها كلامه عن صقور ادارته اضافة لكلامه القديم الجديد عن ضرورة دفع حلفائه العرب لفاتورة حماية واشنطن لهم، وايضا حديثه عن سياسته تجاه ايران.
وهذه المواضيع لا يمكن فصلها عن بعضها كونها ترتبط في سياق متصل يوضح طبيعة التعاطي الاميركي مع ما يجري في المنطقة..
فالسياسة الأميركية تجاه ايران تقوم من وجهة نظر ترامب وادارته على قاعدة ان ايران تشكل تحديا جديا وقاسيا وتشكل خطرا على كيان الإحتلال الاسرائيلي الذي بات يشعر بقوة متزايدة لمحور المقاومة حول حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة. وبالتالي فان محور السياسة الاميركية هنا هو حماية الكيان الاسرائيلي، وهنا يمكن فهم كلام ترامب حين قال انه سيواصل حماية الكيان الإسرائيلي وطبعا بدون مقابل كما هو الحال مع حلفائه العرب.
اما مقولة عدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي فترامب يدرك جيدا ان ايران لا تسعى وراءه، وهي اكدت مرات عدة اخرها تاكيد قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي خامنئي بان ايران لا تسعى وراء سلاح نووي ولو ارادت لن يمنعها احد في العالم. وعليه فان تكرار ترامب للمقولة هذه مردها الى انه متخوف من هذا الموضوع وتأثيره على الكيان الاسرائيلي الذي للمناسبة يمتلك مئات القنابل النووية. وتركيز واشنطن على هذا الموضوع هو لإبتزاز طهران لكن دون جدوى.
عامل اخر يساهم برسم السياسة الاميركية تجاه ايران هو ان حلفاء ترامب في المنطقة باتوا غير مفيدين لواشنطن. فالأخيرة اعلنت منذ عامين انها تقترب من ان تكون المنتج الاول للنفط في العالم بعد تخطي مشاكل وعقبات استخراج النفط الصخري، وهو ما وصلت اليه واشار اليه ترامب في كلامه عن عدم حاجة بلاده للتواجد في مضيق هرمز، وهذا يعني ان الولايات المتحدة لن تحتاج النفط السعودي ونفط الدول العربية، لكن ما لدى هذه الدول يبقى مفيدا لترامب وهو المال، وعليه لا بد من مواصلة تخويف هذه الدول من ايران لإستخراج ما تبقى من مليارات لديها لصالح خطط ترامب الاقتصادية داخل الولايات المتحدة.
وهنا يبرز كلام ترامب حول اتصاله الهاتفي بولي العهد السعودي محمد بن سلمان حيث قال انه اتصل به للتحدث في موضوع واحد وهو ان تكلفة حماية السعودية والامارات من قبل واشنطن عالية للغاية وعلى الرياض وابو ظبي ان تدفع ليجيب ولي العهد السعودي بنعم والكلام لترامب.
كل هذا يشير بقوة الى ان ترامب يتعامل مع القضية من زاوية رجل الأعمال الذي يحب الدخول في اعمال مشبوهة وغير سليمة للحصول على صفقاته، فهو يدرك جيدا ان ايران لا تشكل خطرا على احد في المنطقة، وان دعمها للمقاومة نابع من عوامل رؤيتها السياسية عبر اربعة عقود، لذا فهو يستغل الخروج من الاتفاق النووي مع ايران وطرح الموضوع النووي لابتزاز حلفائه العرب وتدفيعهم ثمن مواقفه المعادية لايران، رغم ان الدلائل تشير الى عدم رغبته بحرب مع طهران لأسباب كثيرة اهمها ان المعادلة التي رسختها واظهرت وزنها الحقيقي في المنطقة تحضر على طاولة حسابات ترامب لأي حرب رغم وجود صقور في ادارته يدفعونه لهذه الحرب وباعترافه حيث قال ان جون بولتون احد الداعين للحرب لديه ولو ترك لنفسه سيدخل في مواجهة مع العالم كله في وقت واحد.
اذا بين المصلحة والمليارات فان ترامب يلعب على وتر الايرانوفوبيا للحصول على مليارات دول النفط في المنطقة من خلال فرض اجراءات حظر جديدة و ابتزاز حلفائه بها تزامنا مع محاولته فهم الوضع الجديد الذي اوجدته ايران اقليميا والذي اضافة الى انه سيدفع واشنطن لتغيير سياساتها، سيعيد ترتيب احجام واوزان دول المنطقة من جديد.