ازمات وفضائح بالجملة داخل البيت الابيض
منذ العشرين من كانون الثاني يناير عام الفين وسبعة عشر اي تنصيب دونالد ترامب الرئيس الخامس والاربعين للولايات المتحدة، اثبتت الادارة الاميركية الحالية انها من اكثر الادارات تخبطا وفوضوية وانتاجا للازمات الداخلية على وجه الخصوص يمكن القول ان الازمات بدأت مع ادارة ترامب قبل دخوله البيت الابيض رئيسا حتى، حيث طغت قضية ما يعرف بالتدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية وما زالت تطغى على المشهد السياسي الداخلي في الولايات المتحدة.
الازمة تعمقت مع تعيين روبرت مولر رئيسا للتحقيقات في التدخل الروسي، وما تبع ذلك من انعكاسات على الحياة في البيت الابيض. فاضافة الى ان شخصية ترامب نفسه تشكل عاملا منتجا للازمات والتوترات والخصومات، ادت ازمة تحقيقات مولر الى خضات تعرضت لها ادارة ترامب، التي شهدت خلال عامين فقط اقالة واستقالة حوالي ستة وعشرين شخصا على كافة المستويات. من سالي ياتيس ومايكل فلين الى جيمس كومي وانطوني سكاراموتشي وستيف بانون مرورا بأندرو مكابي واوماروزا مانيغولت وهربرت ماكماستر وصولا الى ريكس تيلرسون وجيف سيشنز ونيكي هايلي وجون كيلي.
الاقالات والاستقالات لا تعتبر ظاهرة صحية في اي ادارة سياسية، خاصة اذا ما كانت نتيجة صراعات بين صقور هذه الادارة (وهو ما يطغى على البيت الابيض) وايضا اذا ما كانت مرتبطة بقضية قانونية او دستورية كما هو الحال مع تحقيقات روبرت مولر التي اطاحت بموظفين كبار في ادارة ترامب من قبيل مايكل فلين ومايكل كوهين وبول مانافورت...
وما يكشف اكثر تخبط الادارة الاميركية ليس قضية التدخل الروسي فقط، بل طبيعة تعاطي ترامب نفسه مع القضايا المهمة، فوزير خارجيته السابق ريكس تيلرسون كشف في اخر مقابلة له ان ترامب انسان غير منضبط ولا يحب ان يقرا ولا يطلع على اي تقارير تقدم اليه.. ما يعيد للاذهان ما سرب سابقا عن ان ترامب وقع على قرار اقالة كبير مستشاريه ستيف بانون دون ان يعلم على ماذا يوقع..
معظم من خرجوا من ادارة ترامب وصفوه بانه غير قادر وغير مؤهل على ادارة بلد مثل الولايات المتحدة... واقع بدأ اعضاء بارزون في الحزب الجمهوري على ما يبدو يدركونه بقوة.. ادراك ينعكس في تعاطي كبار قادة الحزب الجمهوري في الكونغرس مع قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي واصرارهم على مناقضة موقف ترامب من السعودية وولي عهدها محمد بن سلمان... ليصل الامر الى حد اصدار قرار في الكونغرس يدين بن سلمان اضافة الى التحضير لاجراء تحقيق حول علاقة مستشار ترامب وصهره جاريد كوشنير مع بن سلمان وايضا علاقة ترامب نفسه المالية مع الرياض...
كل ذلك يعني امرا واحدا بالنسبة للمراقبين وهو ان الادارة الاميركية الحالية هي الاكثر جدلا ربما في تاريخ البلاد مع ما يرتبط بذلك من ازمات داخلية بالاخص، اوصلت الامور الى حد طرح سيناريوهات تبدو نوعا ما غريبة عن الحياة السياسية الاميركية لاسيما عملية عزل الرئيس اضافة الى الكلام مؤخرا عن محاكمة ترامب كما اعلن عضو مجلس النواب الديمقراطي ادم شيف الذي قال ان هناك احتمال كبير ان يتعرض ترامب للسجن بمجرد مغادرته البيت الابيض.
وما يساعد في اهتزاز صورة الادارة الاميركية شخصية الرئيس التي لعبت على مدار العقود السابقة دورا اساسيا في تمرير ملفات معينة او الخروج من ازمة ما هنا او هناك.. لكن شخصية دونالد ترامب قد لا تساعده في تخطي التحديات التي تواجهه، خاصة مع تسلم الديمقراطيين الاغلبية في مجلس النواب بداية العام المقبل، ليصح عندها تطبيق المثل الشهير ليصبح على نفسه جنى ترامب.