الاخوان وارهاب الاميركان
لم يعد غريبا ما يعتزم القيام به الرئيس الاميركي دونالد ترامب من اجراءات متهورة ومستفزة ضد دول او منظمات او جماعات او شركات او شعوب، لان الرجل حساباته ربحية صرفة ومن يدفع له المال يحصل على مرامه من توقيع الرجل الحاكم في البيت الابيض.
واستغلالا لهذا الجشع الترامبي صاحب التاريخ في الرهانات على المصارعة الحرة ورجل الفضائح، كانت اللوبيات الفاعلة في الساحة الاميركية نشطة وسخية جدا في التقرب من ترامب وكسبه لصالح ما تريده منه من مواقف واجراءات لم يجرؤ عليها من سبقوه اليها من رؤساء.
وهنا كانت اللوبيات الصهيونية المعروفة بنفوذها الواسع، يضاف اليها اللوبيان الاماراتي والسعودي وما يبذخانه من مئات ملايين الدولارات على العلاقات العامة ومؤسسات صنع القرار، عدا صفقات بمليارات الدولارات، متحكمة بدرجة كبيرة فيما يصدر من ترامب من قرارات صادمة ومباغتة ليس لخصومه فحسب بل حتى لحلفائه.
فنقل السفارة الاميركية الى القدس المحتلة، ومن ثم الاعتراف بالجولان السوري المحتل جزءا من كيان الاحتلال الاسرائيلي ومن ثم الانسحاب من الاتفاق النووي الايراني رغم تصديقه من الامم المتحدة ومشاركة 5 دول اخرى في ضمانه، وادراج حرس الثورة الاسلامية الايرانية على قائمة الارهاب في وقت يرفض قرارات الكونغرس الرافضة للحرب السعودية الامارتية ضد الشعب اليمني وما تسببه من كوارث وفضاعات، تثبت ان مواقف ترامب مدفوعة الثمن وانه يريد ان يوفر اموالا لتحسين اقتصاده من خلال ارقام فرص العمل والنمو وتحسين صورته داخليا طمعا بولاية رئاسية ثانية.
ولهذا لم يعد غريبا ما يتردد عن عزم الادارة الترامبية على وضع جماعة الاخوان المسلمين على قائمة الارهاب الاميركي، وهي جماعة وان كان مهدها مصر الا انها اليوم حاضرة في برلمانات دول حليفة لواشنطن كالاردن والمغرب وتركيا عبرالوسائل الديمقراطية والانتخابات ولما تمتلكه هذه الجماعة من شعبية في الكثير من البلدان والشعوب المسلمة.
ولا شك ان خطوة ترامب تاتي في ظل تحالف ثلاثي سعودي اماراتي مصري ضد جماعة الاخوان المسلمين منذ فوزها برئاسة الجمهورية في مصر في اول انتخابات حرة ونزيهة، ومن ثم مطالبة كوادرها بقائمة اصلاحات سياسية من دولة الامارات التي تقدمت في العمران لكنها لا زالت متخلفة في النظام السياسي الذي يقوم على حكم العوائل بشكل قبلي صرف.
فالادارة الاميركية ومعها محور انظمة العوائل او العسكر تستهدف منافسين قويين لهما في المنطقة هما المقاومة والاسلام السياسي الذي يدعو الى التغيير من خلال الوسائل الديمقراطية ويمتلك شعبية كبيرة قادرة على اسقاط انظمة او منافستها بقوة اذا سنحت الفرصة.
ومع وضع ترامب لكافة فصائل المقاومة، فلسطينية ولبنانية وعراقية على قائمته للارهاب بهدف توفير الامن لاسرائيل ولقواته العسكرية المنتشرة في المنطقة، جاء الدور على جماعة الاخوان المسلمين التي تمثل منافسا قويا وخبيرا للانظمة التي تعول عليها واشنطن في تمرير سياستها المتمثلة في هدفين رئيسين هما: امن اسرائيل وتامين امدادات طاقة رخيصة.
ورغم ان تفاصيل قرار ترامب المتوقع لم تحدد ان كان الحظر يقتصر على جماعة الاخوان المسلمين في مصر او التنظيم العالمي لهذه الجماعة، الا ان القرار سيمثل نكوصا اميركيا واضحا وفاضحا عن هدف رئيسي ثالث لطالما تبجحت به الادارات الاميركية وهو دعم الديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط، فباتت الانظمة القبلية والعسكرية هي الاقرب الى واشنطن وباتت الديمقراطية عدوا لواشنطن ان كانت تتضمن اي تهديد لامن اسرائيل او تامين امدادات الطاقة الرخيصة.
وفي ظل ما تتعرض له جماعة الاخوان المسلمين من قمع ومطاردة واعتقالات من قبل الانظمة القبلية وخاصة السعودية والامارات والانظمة العسكرية خاصة النظام المصري، فر الكثير من قيادات الجماعة وكوادرها الى بلدان الغرب وخاصة الولايات المتحدة لما ترفعه من شعار توفير الملاذ الآمن للمظطهدين من قبل انظمتهم السياسية، فكيف سيتم التعامل مع هذه الجماعات وافرادها؟
ومما يجدر الاشارة اليه هنا، ان الادارة الاميركية لا تستطيع حظر جماعة او حركة الا اذا توفرت الادلة على تورطها في اعمال تهدد الامن القومي الاميركي او حياة الاميركيين ولحد الان لم تقدم الادارة الاميرية ولا استخباراتها اي دليل من هذا القبيل ضد جماعة الاخوان المسلمين لكن ترامب مستفيدا من صلاحياته الرئاسية تعود على فرض ما لا يفرض بالمنطق والقانون.
مهما فعل ويفعل ترامب من اجراءات حظر وعقوبات ضد من يظن انه يهدد مصالح القوات الاميركية في الشرق الاوسط او حلفاء واشنطن من قبائل او عسكر فانه لن يستطيع ان يكسر ارادة شعوب وعزم كوادر ونخب لا يهمها ما يظنه الاميركان عنها بل عاقدة العزم على استقلال بلدانها وحفظ كرامتها الوطنية وعدم الاستسلام لقوى الرجعية والسلفية والتبعية.