تراجع حظوظ بنيامين نتنياهو بتشكيل حكومة تحقق وعوده لناخبيه
أظهرت النتائج النهائية للإنتخابات الكنيست الأخيرة لكيان الإحتلال الاسرائيلي تفوق رئيس وزراء الكيان بنيامين نتن ياهو وحزب الليكود، على منافسه بني غانتس زعيم حزب "ازرق أبيض" بواقع مقعد برلماني واحد، مايعني انه لن يتمكن من تشكيل حكومة لوحده وعليه الإستعانة بالأحزاب الأخرى وفي مقدمتها حزب منافسة غانتس.
وبعيدا عن المشاكل التي يواجهها بنيامين نتن ياهو في تشكيل الحكومة هناك الكثير من القضايا التي قد تعوق نشاطه وتحول دون تحقيق امنيته في تشكيل الحكومة نحاول التطرق اليها بقدر ما يسمح به المقام.
اولا- بالرغم من أن ظاهر الأمور يعكس أن بنيامين نتن ياهو حقق نجاحًا في الانتخابات الأخيرة، إلا أنه قد يواجه عقوبة السجن لإتهامه بأربعة ملفات فساد، مازالت مطروحة على طاولة القضاء، وتلاحقه الشرطة بسببها.
وقد نشرت صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية مقالا بعيد الإعلان عن فوز نتن ياهو وحزبه بالانتخابات وقالت ان هذا الفوز لايعني نهاية متاعبه، كما أن منافسه حقق نجاحًا باهرًا أيضا، خاصة وإن بني غانتس دخل عالم السياسة ستة أشهر قبل الإنتخابات وتأخر عن نتن ياهو بفارق مقعد واحد فقط، ما يؤكد انقسام الجمهور الإسرائيلي حيال الشخص الذي يجب ان يقود الكيان في المرحلة المقبلة.
ومن المقرر ان تنشر الصحيفة البريطانية ذاتها الأسبوع المقبل أدلة ضلوع نتنياهو في اربع قضايا فساد متهم بالتورط فيها، وهي ملفات رقم 1000 و 2000 و 3000 و 4000 كما اعلنت شرطة الإحتلال. وتقول الشرطة ان الملف 1000 يتعلق بتلقي نتنياهو وزوجته رشاوى على شكل هدايا ثمينة من رجل الأعمال الإسرائيلي الملياردير أرنون ميلتشين، فيما يكون الملف 2000"؛ يتعلق بمساومة ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" لتحسين صورة نتنياهو في الصحيفة مقابل ما تنشره عنه صحيفة "يسرائيل هيوم"، والملف 3000 الذي مازال التحقيق فيه مستمر يتعلق بشبهة فساد في صفقة شراء الكيان غواصات وسفن ألمانية، والملف 4000 هو الملف الرابع الذي يتعلق بتقديم نتن ياهو تسهيلات ضريبية بنحو مليار شيكل(280مليون دولار) لشركة الاتصالات الإسرائيلية(بيزك) مقابل تحسين صورته في موقع "واللا" العبري الذي يمتلكه صاحب شركة "شاؤول ألوفيتش".
ثانيا- تطبيق لاءاته الثلاث أي لا للموافقة على قيام دولة فلسطينية مستقلة، ولالعودة اللاجئين الفلسطينيين، ولا لتقسيم القدس، ما يجعل نتن ياهو امام مواجهات داخلية واقليمية ودولية سرشة. فعلى صعيد الداخل مواقف نتن ياهو هذه خدمت القضية الفلسطينية أكثر من اي وقت آخر وراحت تعيد النظر في مواقفها المتشتتة، وتفكر بتوحيد الصف من خلال إعادة الترتيب الداخلي للبيت الفلسطيني في الضفة والقطاع بشكل متزامن. كما حمل الرأي العام العربي والعالمي ليتساءل عن ثمرة جهود اكثر من ثلاثة عقود اقليمية ودولية أمضتها مفاوضات ما يسمى بـ "السلام"، لتكشف حقيقة الكيان اكثر من اي وقت آخر، خاصة اذا ما أصر نتن ياهو على تنفيذ مخططاته المشؤومة.
ثالثا- يراهن رئيس وزراء كيان الإحتلال بنيامين نتن ياهو كثيرا على الأنظمة العربية المتخاذلة اللاهثة وراء سراب التطبيع، تلك الأنظمة المهزوزة أساسا من الداخل، والتي لايمكن ان تعول لإسبوع واحد على بقائها في السطلة دون الدعم الأمريكي كما اكد سمسار البيت الأبيض ترامب أكثر من مرة. وبالرغم من ان المشروع السعو- امريكي الأخير، كان من افضل المشاريع لإنقاذ كيان الإحتلال الإسرائيلي من الهلاك تحت عنوان صفة القرن، التي تستهدف القضية الفلسطينية في الصميم، وتجعل من كيان الإحتلال لاعبا اساسيا في المنطقة خاصة في المشاريع الإقتصادية، لكنها اليوم تواجه أشد المعارضة من قبل الشعوب العربية والإسلامية ناهيك عن الشعب الفلسطيني الذي وعى عمق المؤامرة وراح يستعد بدءا من الأسبوع القادم لـ "جمعة مقاومة التطبيع"، بعد أن امضى اربعة وخمسين جمعة في مسيرات العودة وكسر الحصار على غزة، وقدم الغالي والنفيس وعشرات الشهداء من أجل تحقيق ما يصبو اليه. ما دفع كيان الإحتلال للتفاوض عبر الوسيط المصري والقبول بالهدنة التي فرضت عليه، ليتمكن من الخوض في الانتخابات الاخيرة. وفي هذا الإطار أكدت الفصائل الفلسطينية بأنها ستتابع تطورات الموقف بكل جدية، وستتخذ الرد المناسب. ونذكر هنا تصريحات السيد خالد البطش عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الاسلامي، و رئيس الهيئة القيادية لمسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار، حيث قال يوم أمس ”إنْ تمادى الاحتلال في عدم التزامه بالتفاهمات "فنحن في الميدان ولن نتركه، وسنعرف كيف نفرض عليه شروطنا". ومن اهم هذه التفاهمات: إطلاق مشاريع تشغيل مؤقت في غزة، وتوريد الوقود لمحطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، وإلغاء تقليص مساحات الصيد، ورفع الحظر عن 30% من المواد التي تمنع قوات الاحتلال إدخالها إلى القطاع، وتسريع خطوات التصدير والاستيراد.
ويرى المراقبون ان الفقرات الثلاث الآنفة الذكر، كفيلة بعرقلة مشاورات نتن ياهو لتشكيل الحكومة التي يطمح لتشكيلها ليكون الشخص الذي يتمتع بأطول فترة في رئاسة الحكومات التي تعاقبت خلال هيمنة الكيان المحتل على فلسطين المحتلة. خاصة تطبيق لاءاته الثلاث التي رأت الأمم المتحدة ومجلس امنها، أن مجرد طرحها، لم يكن خروجا على الشرعية الدولية والإستهانة بها فحسب، بل أنه يمكن أن يشكل تهديدا للأمن والسلام الدوليين. كما واكبت العديد من دول العالم الأمم المتحدة في التعبير عن قلقها إزاء خروج كيان الإحتلال عن المواثيق والإتفاقيات الدولية، ولم يكن الأمر مختلفا بالنسبة للإتحاد الاوروبي الذي اعلنت المسؤولة عن سياسته الخارجية فدريكا موغريني، ان الخطوة لايمكن قبولها بأي حال من الأحوال. فمن الطبيعي ان يبقى نتن ياهو معلقا بين ملاحقة الشرطة له، والمواعيد التي قطعها على ناخبيه، وكلما تقدم الزمان، بات أقرب من ملاحقة الشرطة وتقديمة للمحكمة والسجن الذي لامفر منه حسب المختصين بمكافحة ملفات الفساد، أو المحاسبة من قبل الموالين والمنافسين في تطبيق وعوده الإنتخابية والأيام بيننا.