كلمة السر: هضبة الجولان ؟!
عندما يسود الاحباط ويعم اليأس وتبلغ القلوب الحناجر يحتاج الناس الى من يهدئ من روعهم ويبعث فيهم الامل المستند الى القوة والاقتدار والايمان بحتمية النصر وليس الى من يثبط العزائم ويضعف الهمم ويفكر كما يريد له العدو ان يفكر . ومن يضطلع بجدارة بهذا الدور الريادي والقيادي والتنويري هو سماحةالسيد حسن نصر ألله أمين عام حزب الله اللبناني الذي اوضح في خطابه الهام ليل العاشر من محرم بما لا يدع مجالا للشك بان المشروع الاسرائيلي الامريكي السعودي في سوريا قد سقط وفشل .وبتتالي فان معسكر المقاومة على وشك الانتصار التام والنهائي. بكلمات اخرى فطالما ان اسرائيل التي دعمت وسلحت وعالجت المجموعات الارهابية في مشافيها وشنت عشرات الغارات على الاراضي السورية لدعهم ومساندتهم وهي في مقدمة من هزموا في سوريا فان من الوقاحة ان يطالب قادتها بالحصول على مكاسب وغنائم وكأنهم من معسكر المنتصرين وليس المنهزمين بامتياز.
ولعل ادراك حكام اسرائيل بان هذا الانتصار الكبير لم يكن ليتم لولا ان موازين القوى في المنطقة وفي العالم قد تغيرت بشكل كبير لغير مصلحتهم ومصلحة حليفهم الامريكي هو الذي دفعهم وقد يدفعهم للاقدام على حماقات غير محسوبة العواقب ومنها اسقاط او التسبب في اسقاط طائرة الاستطلاع الروسية في محاولة يائسة للوقيعة بين الدولة السورية وروسيا وهذا ما روجه مسؤول امني اسرائيلي عندما زعم ان بوتين رفض استقبال مكالمة هاتفية من الرئيس الاسد الامر الذي نفاه الناطق بلسان الكريملين جملة وتفصيلا. ان حكام اسرائيل مرتعبون من ان يؤدي استكمال تحرير محافظة ادلب ومن ثم تحرير مناطق شرق الفرات من الاحتلال الامريكي الانجلو فرنسي الى خروجهم خاليي الوفاض من الحرب التي راهنوا منذ الايام الاولى لنشوبها بان تؤدي الى سقوط نظام حكم الرئيس بشار الاسد وتحطيم الدولة السورية وتفكيك جيشها ولكنهم فشلوا في كل ما راهنوا عليه.
ولأن السيد حسن نصر الله هو الذي يفهم ما يرمي اليه اصحاب الرؤوس الحامية في تل ابيب المفتونون بعقدة العظمة والغطرسة فقد اوضح لهم في خطابيه ليل ويوم عاشوراء مسالتين في غاية الاهمية الاولى ان غاراتهم على اللاذقية سوريا قد خرجت عن المالوف ولم تعد تحتمل وبالتالي فان على معسكر المقاومة تدارس الامر بجدية والرد على تلك الغارات والثانية ان الصواريخ الدقيقة وغير الدق اكتمل وصولها الى المقاومة وبالتالي فقد قضي الامر. وباتت اسرائيل كما يقول المثل الفلسطيني لا مع ستي بخير ولا مع سيدي بخير لسببين الاول لانها ادركت بان واقع موازين القوى على ارض الصراع هو اقوى من غطرسة حكامها والثاني لان ما فعلته من حماقة شن الغارة على اللاذقية واسقاط الطائرة الروسية سوف يدفع روسيا دفعا لتغليب مصالحها الحقيقية على ارض الواقع مع سوريا وايران على لغة الدبلوماسية والمجاملات اتي اعتمدتها سابقا مع اسرائيل لاعتبارات تتعلق بالامن القومي الروسي و باولوية مكافحة الارهاب التكفيري ووجود نوع من النفوذ الصهيوني على دوائر صنع القرار في موسكو وهذه مسالة لها جذورها منذ ايام الاتحاد السوفياتي السابق.
ولكي يكتمل فهم كل ما تقدم فان اشد ما يخشاه نتنياهو صاحب كتاب (مكان تحت الشمس) الذي وفر الارضية العقائدية لقتل رئيس الوزراء الاسرائيلي الاسبق اسحق رابين على يد الارهابي ايغال عامير بذريعة انهم كان ينوي التنازل عن هضبة الجولان السورية المحتلة لسوريا مما سيمكن اعداء اسرائيل من الهبوط من الهضبة لابادة اليهود وهو قطعا لم يكن ينوي ذلك ، ان يضطر هو نفسه للانسحاب من الهضبة سلما بفعل موازبن القوى الجديدة سيما وانه يوجد قرارين دوليين ينصان على ذلك صراحة وهما ٢٤٢ و٣٣٨ او حربا اذا تعذر الامر.
فمبرر الاحتفاظ بهذه القطعة الغالية من الوطن السوري (١٨٠٠ كيلو مترا مربعا) ليس الامن كما ادعى ويدعي نتنياهو لانه في ظل وجود تقنيات المراقبة المتطورة والصواريخ الدقيقة لا تبقى اهمية عسكرية للارتفاع اوالانخفاض لضمان الامن او عدمه بقدر ما له ارتباط باهداف استعمارية ودواعي نهب وسرقة. فمن الجولان تاخذ اسرائيل ٣٣%من احتياجاتها المائية ناهيك عن ان الدراسات الجيولوجية اثبتت وجود كميات هائلة من الغاز في جوفها.