الانتصارات السورية .. كَسرت أهداف الغربِ الاستراتيجية
مما لا شك فيه أن معالم النصر الاستراتيجي في سوريا بدأت تظهر بوادره سياسيا و ميدانيا ، و ما من شك ايضا أن العمليات العسكرية التي تدور رحاها في سوريا منذ 2011 أوشكت على النهاية
فعلى الرغم من حشد ألاف الارهابيين من شتى بلاد العالم والزج بهم في الجغرافية السورية ، و في ظل تفاهمات ومخططات اميركية اسرائيلية خليجية تركية، تَلقت التنظيمات الإرهابية وداعميها هزائم وانكسارات متتالية ، وكانت الدولة السورية وجيشها سدا في وجه الخطط الأميركية، ليتم بالانتصار السوري إعادة التوازن للشرق الأوسط ، وبات من الواضح أن التطورات الميدانية في سوريا تشي باقتراب الحرب من نهايتها، في ظل تطورات مفصلية هامة حدثت في الشهور الأخيرة، تؤكد أن الانتصار الاستراتيجي في سوريا بات قاب قوسين أو أدنى
” لماذا استُهدفت سوريا ؟ .. الموقع و الدور الإقليمي ”
الحرب على سوريا حملت العديد من الاهداف الاستراتيجية و السياسية والاقتصادية ، حتى بات الميدان السوري ساحة صراع جيوسياسي إذا ما نظرنا الى الأطراف التي كانت ضالعة في الحرب على سوريا، فجملة الأهداف الغربية المراد تحقيقها في هذه الحرب تميزت بتعدد الأهداف التي تستمد أهميتها من أهمية الشرق الأوسط ، خاصة أن سوريا تُمثل البعد الإقليمي المؤثر في العديد من قضايا المنطقة
و من أهم الأهداف السياسية و الاقتصادية للحرب على سوريا
السياسية :
كسر التحالف الاستراتيجي بين سوريا و محور المقاومة بما يضمن أمن "اسرائيل" و يدعم بقاءها كقوة إقليمية قادرة على التحكم في المنطقة وتقسيم البلاد على اسس قومية وعرقية وطائفية بما يساعد على ظهور دويلات متناحرة ومتفرقة وفي ذات الوقت تكون موالية للغرب ، فضلا عن ان تغير الوضع الجغرافي في المنطقة انطلاقا من سوريا سيسمح لواشنطن بالبقاء في موقع القوة الكونية الأولى وذلك تنفيذا لنظرية ” بريزنسكي ” التي توصي بالتحكم في منطقة آسيا الصغرى
الاقتصادية:
التطبيع الاقتصادي الكامل بين العرب و "اسرائيل" بعد كسر محور المقاومة وهذا من شأنه أن يساعد على إيجاد حل للقضية الفلسطينية بما يخدم "اسرائيل" و يبقي على هضبة الجولان و مزارع شبعا تحت السلطة الاسرائيلية ، اضافة للتحكم في المخزون النفطي الهائل المكتشف على سواحل سوريا و لبنان وفلسطين عبر الأنبوب القطري وتحرير أوروبا الغربية من الهيمنة الروسية في ما يتعلق بالطاقة و نقل الغاز القطري عبر الاراضي السورية والتركية ومشروع الطاقة ” الاميركي السعودي القطري ” الذي لاقى بدوره معارضة الدولة السورية فكان لابد من اسقاط الدولة السورية و تقسيمها لخلق كيان في شمال سوريا بما يسمح بتمرير الأنبوب القطري
” الدولة السورية و حلفاؤها .. تحالف صدم الغرب ”
مع دخول المنطقة العربية في معمعة ما سمي بالربيع العربي، لم يدرك احد ماهية الربيع الذي تريده اميركا و ادواتها في المنطقة، و لم ينتبه الكثيرون لأبعاد هذه المؤامرة على سوريا ومحور المقاومة، فالغالبية منتشون بالربيع وبالتغيير الذي كانت تقوم أميركا بتسويقه في المنطقة، ليتوضح لاحقا أن سوريا بذاتها هي الهدف، و كانت المفاجأة أن سوريا صمدت في وجه العاصفة
و على اعتبار أن سوريا هي العمود الفقري لمحور المقاومة، بالتالي كل أركان هذا المحور كان مستهدفا، من ايران إلى العراق وصولا إلى حزب الله، فكان التنسيق فيما بينهم على أعلى المستويات، الأمر الذي وجه ضربة قاسية للمحور الغربي و خططه في المنطقة، و بدأت التطورات الميدانية لصالح محور المقاومة، هذه التطورات عززت موقف الدولة السورية وحلفائها، وشكلت مؤشراً قوياً على أن زمام المبادرة في الميدان والسياسة بات بيد سوريا وحلفائها، وأن الجماعات المسلحة باتوا في حالة تراجع مستمرة
” نتائج الانتصار السوري على الغرب و مخططاته ”
إن المتابع لتطورات الحرب على سوريا بات يدرك تماما أن الغرب لم يتمكن من تحقيق أهدافه المعلنة وغير المعلنة، بل أكثر من ذلك، فقد كان لصمود الدولة السورية وجيشها دورا في كسر خطط الغرب التقسيمية في المنطقة، و عليه يمكننا القول أن واشنطن والغرب لا يمكنهم فرض هيمنتهم على العالم، و لا بد لهم من التعامل مع قوى إقليمية لرسم سياسات المنطقة، خاصة أن روسيا فرضت نفسها و عبر الحرب على سوريا كقوة دولية أظهرت براعة في إدارة مسارات الحرب السياسية و الميدانية، يضاف إلى ذلك تعاظم كقوة محور المقاومة واكتسابه خبرات قتالية عملياتية، ما سيشكل قوة ردع لأي حماقة اسرائيلية مقبلة، كما يمكننا القول بأن تركيا الحالمة بعودة الخلافة العثمانية قد أصبح أمنها القومي مهددا جراء السياسات الحمقاء للنظام التركي في سوريا، و بات اليوم هذا النظام في انتظار عودة إرهابييه الذين أرسلهم إلى سوريا
” في النتيجة ”
اعتقد الكثيرون من متابعي الشأن السوري، تقسيم سوريا نتيجة المساحات الكبيرة التي كانت خاضعة للفصائل الإرهابية والتي كانت تقوم بتنفيذ أجندة الداعمين، وبطبيعة الحال أعداء سوريا كانوا يسعون إلى تقسيمها، لكن عبر استراتيجية محكمة اعتمدتها الدولة السورية، يضاف إلى ذلك تماسك معظم العناصر التي تضمن وحدة البلاد، ومنها بنية صلبة للجيش السوري، إدارة عاملة طوال سنوات الأزمة، جسم دبلوماسي نشط ومتماسك، تحالفات خارجية مؤثرة جداً، وتملك مختلف وسائل تعطيل الحلول المفروضة من الخارج، من الفيتو إلى الميدان، وسيطرة على قلب البلاد ومناطقها ذات الأهمية المرتفعة، و الأهم أن الرئيس الأسد صاحب العقل القيادي القادر على الصبر لتلقي النتائج الأفضل واستثمار توتر أعدائه في انتزاع مكاسب نوعية منهم، كل هذه المعطيات كانت سببا في كسر إرادة الغرب و خططه في سوريا خاصة والشرق الأوسط عامة
A.K