ازمة المياه.. واي عراق سنكون بعد الرافدين؟
دجلة والفرات، وشحة المياه وتردي نوعيتها مسألة حياة او موت.. وترتبط الشحة بالعوامل الطبيعية وسلوك الدول المتشاطئة.. وتخلفنا في الخزن، والهدر بسبب انظمة الري والتبخر..
انخفض معدل المياه الواصلة سنويا الى نصف الحال قبل ربع قرن (80-100مليار/م3/سنوياً).. وتردت نوعية المياه بسبب الاستخدامات ونقص المبازل واختلاطها بالملوثة. لتبلغ الملوحة اكثر من (1000) "جزء المليون" عند الحدود.. واكثر من (6000ج.م) احياناً في اسفل الفرات، وكلها غير صالحة للشرب (قناني الشرب100ج.م.).
فهل نستمر باستيراد مياه شربنا من دول الخليج، او نستمر بخسارة (250-500) الف دونم مع كل مليار متر مكعب نقصاً او تلوثاً. لنخسر (5%) من اراضينا الصالحة سنوياً.
يحتاج العراق الى ما لا يقل عن (30-50) مليون متر مكعب سنوياً من مياه الشرب والطعام.. وضعف هذا الرقم خلال العقدين القادمين.. واضعاف ذلك للاستخدامات غير الزراعية.. وهي ارقام يمكننا تحقيقها بسهولة اكبر مما تحققه دول الخليج، التي تعتمد على مياه البحر بملوحتها العالية (35000 ج.م).
سنحتاج بنظمنا الحالية الى اكثر من (70مليار/م3/س) لارواء 10 مليون دونم، وهي كمية لم نعد نملكها اساسا.. وبتفاؤل مفرط نحتاج بالارواء المقنن (25-30مليار/م3/س) لنفس المساحة. فاذا حمينا حقوقنا مع جيراننا!! وكان المتوفر المتيقن هو حوالي (50 مليار/م3/س)، وقمنا بتحسينه!! ومعدل المياه الجوفية هو (18مليار/م3/س)!! المتجدد منها هو (7مليار/م3/س)!! وان ثلث الاراضي يمكن زراعتها باستخدام الامطار مباشرة وبالخزن!! فسيتسنى استصلاح اراض العراق الصالحة (44 مليون دونم) وتحقيق الامن المائي والغذائي!! وسيتطلب هذا الامر انفاق (5) مليار دولار سنوياً كمعدل خلال السنوات العشر القادمة!! لبناء السدود والخزانات والري والبزل والمياه الجوفية والمصبات والصيانة وانعاش الاهوار!! هذه المبالغ ستنقذ الحياة في بلاد الرافدين!! وسنستردها اضعافاً بتطوير الزراعه والثروة الحيوانية والعمالة والصادرات والخدمات والصناعات المرتبطة بها ومنع التصحر والعواصف الرملية. كذلك باضافة اكثر من (3000) ميغاواط من الكهرباء المجانية والمستدامة والنظيفة!!
مشكلتنا الاساسية ليست الاموال بل حسن استخدامها في استراتيجيات موحدة حازمة. عشرات مليارات الدولارات، تصرف سنوياً في خطط وعسكرة وعقود فاشلة ونفقات استعراضية، استهلاكية، ليس الا.. فهل سنستمر بعبثنا.. لنحكم بالموت والفناء على انفسنا. فلا نواجه حقائق الطبيعة ومصالح الدول والتطور. لنتباكى على بلد كان اسمه بلاد الرافدين!!