الموساد...في زمن داعش
لا يمر يوم إلا ونسمع عن جريمة اغتيال لأحد المجاهدين أو الناشطين الفلسطينيين والعرب، داخل فلسطين أوخارجها ؛الحالات بالمئات ، ولن يكون آخرها ما جري في ماليزيا من اغتيال العالِم الفلسطيني فادي البطش ؛ فمن قبله القائمة طويلة ومؤلمة من غسان كنفاني مروراً بأبي جهاد وفتحي الشقاقي وصولاً إلى المبحوح والبطش ..ومئات غيرهم من خيرة أبناء فلسطين والعرب ..في كل هذه الجرائم كان علينا دائماً أن نبحث عن (الموساد ) أو (عين داؤاد) كما يسمّونه في الكيان الصهيوني.
الحقائق تؤكّد على الأرض أن دوره تصاعد وعملياته تسارعت وتنوّعت والتقاطع الوظيفي بينه وبين تلك الجماعات المسلّحة تزايد بوتيرة ملحوظة
لا يمر يوم إلا ونسمع عن جريمة اغتيال لأحد المجاهدين أو الناشطين الفلسطينيين والعرب، داخل فلسطين أوخارجها ؛الحالات بالمئات ، ولن يكون آخرها ما جري في ماليزيا من اغتيال العالِم الفلسطيني فادي البطش ؛ فمن قبله القائمة طويلة ومؤلمة من غسان كنفاني مروراً بأبي جهاد وفتحي الشقاقي وصولاً إلى المبحوح والبطش ..ومئات غيرهم من خيرة أبناء فلسطين والعرب ..في كل هذه الجرائم كان علينا دائماً أن نبحث عن (الموساد ) أو (عين داؤاد) كما يسمّونه في الكيان الصهيوني.
فهو المتهم دائماً والوثائق والحقائق إثر كل عملية ؛ تؤكّد ذلك. ولأننا في مقام العِلم والتحليل الموضوعي ؛ نحتاج اليوم إلى إلقاء إضاءة كافية عن هذا الجهاز الذي يحاول الإسرائيليون تصويره باعتباره أسطورة .اليوم وفي زمن تنظيمات الإرهاب باسم الإسلام وفي مقدّمها (داعش ) نجد الموساد وقد زادت عملياته وبعضها خاصة في سوريا والعراق تتم مع تنظيم داعش وأخواته من تنظيمات الإرهاب المسلّح ..اليوم نحتاج أكثر إلى فتح ملف هذا الجهاز الإرهابي ووظيفته في دولة قائم كيانها كله على الإرهاب والعنف ؛ في تقاسم وظيفي مع داعش وأخواتها ..السؤال الآن ..ماذا عن هذا الجهاز الصهيوني : طبيعة ومكوّنات وأهداف ..ماذا عن الموساد ؟
أولاً في البداية يحدّثنا التاريخ أن (الموساد) اختلف المؤرّخون على تاريخ تأسيسه، فتارة هو عام 1951، وتارة عام 1953، وأخرى تعود به إلى عام 1937 وأياً كان تاريخ نشأته فمن المؤكّد أنها واكبت تأسيس هذا الكيان الصهيوني (1948) بل وسبقته، هذا الجهاز كان يمثل بالنسبة للإسرائيليين رمز القوّة إلى التحدّي وعنوان السيطرة والنجاح، إلى حد أنهم يلقّبونه بـ(عين داود) نسبة إلى وهمهم التاريخي بالانتساب لأنبياء الله (داود وسليمان) ووفقاً للمتوافر من المعلومات والوثائق ؛ فإن الموساد يتشكّل من عشرة أقسام رئيسية وكل قسم من هذه الأقسام له مهمة خاصة به، ولا شك أن هذه الأقسام هي عبارة عن حلقات متداخلة يؤدّي بعضها إلى البعض الآخر ، وأبرز تلك الأقسام ما يلي:
-القيادة العامة- جمع المعلومات والأرشيف- الدراسات والتقييم
- المراقبة والتجسّس - التجنيد - النفوذ- التقنيات- والتدريب والتخطيط - مكافحة التجسّس- العمليات.
أما أبرز مهام ووظائف الموساد فوفقاً للمتوافر من مصادر استراتيجية هي:
إدارة شبكات التجسّس في الأقطار الخارجية وزرع عملاء وتجنيد المندوبين.
إدارة فرع المعلومات العلنية الذي تقوم برصد مصادر تلك المعلومات التي ترد في وسائل الإعلام مثل النشرات والصحف والدراسات الأكاديمية والاستراتيجية في أنحاء العالم.
وضع تقييم للموقف السياسي والاقتصادي للدول العربية (تحديداً )، مرفقاً بمقترحات وتوصيات حول الخطوات الواجب اتباعها في ضوء المعلومات السرية المتوافرة.
التخطيط والتنفيذ لعمليات خاصة (تشمل الاغتيالات والتخريب والتواصل مع نظائرهذا الجهاز من مؤسسات وتنظيمات إرهابية مثل (داعش وأخواتها ).
ثانياً :تحدّثنا الوثائق والمعلومات المنشورة أيضاً أن الموساد يُعدّ جزءاً من مجتمع الاستخبارات الإسرائيلية وليس كياناً مستقلاً أو منعزلاً وهذا المجتمع الاستخباري مكوّن من ثلاثة أضلع الموساد ضلعه الثالث والأضلاع هي (أمان: المخابرات العسكرية، الشاباك: الأمن العام، والموساد) والأخير وفقاً لأحدث المعلومات يضمّ ما بين 1500 ـ 2500 عنصرقيادي ؛ منهم حوالى 500 ضابط وشبكة من العملاء في جميع أنحاء العالم يقدّر بعض الخبراء في تاريخ الموساد ، عددها بحوالى 30 ألفاً منهم 15 ألفاً في بيات شتوي، وبدأت ميزانية الموساد مع التأسيس ب 20 ألف دولار و 5 آلاف للعمليات التخريبية والاغتيال والتصفية وتبلغ حالياً ما بين 650 مليون دولار إلى 800 مليون دولار ينفق منها على العمليات الخارجية ،(وفقاً لبعض الدراسات الاستراتيجية الإسرائيلية ) حوالى مليون دولار يومياً! ورغم تعدّد أقسام ووحدات وأفرع وشعب الموساد إلا أن وحدة العمليات الخارجية تُعتبر الأهم ويُطلق عليها (قيساريا) وتضمّ وحدة العمليات الخاصة المنفّذة لعمليات الاغتيال والتصفية ويُطلق عليها (متسادا) وتتكوّن من 55 عنصراً من بينهم نساء (وفي مقال قادم سنتحدّث عن دور المرأة في جهاز الموساد وأهميته ) ، ويتفرع منها وحدة أخرى صغرى معروفة باسم (كيدون) أي وحدة العمليات الجسورة ، وعدد أفرادها قليل جداً ويقيمون وبشكل شبه دائم في قاعدة عسكرية في صحراء النقب ، وبها تتم عمليات تدريبهم على الضربات والمخططات المستقبلية.
ثالثاً : هذا هو الموساد تكويناً ووظيفة؛ ماذا عنه في زمن ماسمّي بالربيع العربي ..زمن داعش وأخواتها ؟ الحقائق تؤكّد على الأرض أن دوره تصاعد وعملياته تسارعت وتنوّعت والتقاطع الوظيفي بينه وبين تلك الجماعات المسلّحة تزايد بوتيرة ملحوظة ، خاصة في البلاد التي تُعدّ وفقاً للرؤية الصهيونية ،بلاداً مركزية وذات جيوش رئيسية في المنطقة ونقصد بها تحديداً (العراق -سوريا – مصر ) ، لقد زاد دور الموساد في تلك البلاد أو تجاه علماء وخبراء ونخبة هذه الدول في الخارج .. ونحسب أن هذا الدور للموساد في قتلهم او مطاردتهم أو حصارهم وتشويههم؛ سيستمر، وهو الأمر الذي يتطلّب بالمقابل استراتيجية عربية مقاوِمة وكاشِفة لهذه الأداة الصهيونية الإرهابية ، والتي بلا صديق ..ولا تحترم اتفاقات سلام كما هي الحال مع مصر والتي ضبطت خلال الفترة التالية لتوقيع معاهدة السلام (1979)وحتى اليوم (2018) أكثر من عشرين عملية تجسّس لعلّ أشهرها قضية عزّام متعب عزّام وقضية عودة ترابين وقضية محمّد سيد صابر وغيرهم ، فضلاً عن تمويل جماعات الإرهاب في سيناء والدلتا بأسلحة ومتفجّرات إسرائيلية بطرق غير مباشرة ، وفي هذا السياق نود الإشارة إلى أن الحوادث الكبري في سيناء وحادثتي تفجير مديرية أمن الدقهلية 024/12/2013) والقاهرة(24/1/2014) كانت بمتفجرات كُتِبَ عليها (صنع في إسرائيل ) ، لكن للأسف كان في فم الأجهزة وقت كشف هذه الحقائق ..ماء .. وهو ماء تطبيعي إسرائيلي آسن وملّوث..بامتياز، منعهم من النطق بتلك الحقائق فلم يعرف بها الرأي العام آنذاك ! وهي عينها الحقائق التي نحتاج اليوم عربياً وليس مصرياً فقط إلى شجاعة الكشف عنها من دون الخوف أو الخضوع للابتزاز الصهيوني والأميركي . إن الموساد قادم في عمليات جديدة ومن الواجب الوطني والأخلاقي الاستعداد لها بالإعلام والاستراتيجية والقرار الوطني المستقل والشجاع فهل نقدرعلى ذلك؟ هذا هو التحدّي !