اليمن… هل مات ضمير العالم!؟
تزامناً مع التقارير الدولية التي أكدتها منظمة الصحة العالمية حول تراجع انتشار وباء الكوليرا في اليمن ، عادت وأعلنت نفس المنظمة عن “رصد 84 حالة وفاة بمرض الدفتيريا في اليمن ،وفي بيان لها، لفتت الصحة العالمية إلى أنه “تم أيضا رصد 1516 حالة إصابة بهذا المرض “، وهنا من المؤكد أن انتشار هذا المرض الجديد في اليمن يرجع إلى تردي الأوضاع الطبية، جراء الحرب العدوانية السعودية – الأمريكية المستمرة منذ أكثر من ثلاثة أعوام على اليمن ، والتي مازالت ايضاً اصدائها و نتائجها وتداعياتها على اليمن تأخذ أبعادها المحلية والإقليمية والدولية، فتزامناً مع الاوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشها اهل اليمن عادت من جديد محاولات قوى العدوان للتخطيط لمعارك جديدة في ساحل اليمن الغربي “لاغلاق اخر معبر يمد اليمن واهله بالحياه.
واليوم وتزامناً مع كل هذه التقارير وكل تلك التطورات المتوقعة على الارض اليمنية ، عادت من جديد عدة مسارات على صعيد مواقف وخلافات مكونات هذا الحلف العدواني وأدواته في اليمن ” الانسحاب السوداني العسكري المرتقب من اليمن “،وهنا وليس بعيداً عن هذه الخلافات يلاحظ كل متابع لما يجري باليمن كيف بدأ بشكل واضح أن تداعيات الحرب العدوانية على اليمن بدأت تأخذ مسارات خطيرة جداً، وبهذه المرحلة لا يمكن لأيّ متابع لمسار تحركات الحرب العدوانية السعودية- الأمريكية على اليمن أن ينكر حقيقة أنّ هذه الحرب بطريقة عملها ومخطط سيرها ستجرّ المنطقة بكاملها إلى مستنقع الفوضى والاحتراب ، والكلّ يعلم أنّ المستفيد الوحيد من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب هو الكيان الصهيوني، ومع كلّ هذا وذاك ما زالت طبول حرب قوى العدوان تقرع داخل حدود اليمن براً وبحراً، وطائرات “الناتو الخليجي” تغطي سماء اليمن، والقصف يستمرّ والجوع يستمرّ ويموت أطفال اليمن ونساؤه ورجاله، ونستعدّ بفضل وبركة “ناتو الخليج” لحرب مذهبية تقسيمية جديدة مسرحها الجديد هو اليمن.
بهذه المرحلة يبدو واضحاً، أن تداعيات العدوان السعودي- الأمريكي على اليمن بدأت تلقي بظلالها على الوضع المأساوي والمعيشي بالداخل اليمني، فاليوم جاء المشهد اليمني ليلقي بكل ظلاله وتجلياته المأساوية واقعا جديدا على الواقع العربي المضطرب، فيظهر إلى جانب هذا المشهد العربي المضطرب واقع المشهد اليمني بكل تجلياته المؤلمة والمأساوية، والتي ما زالت حاضرة منذ اندلاع الحرب العدوانية السعودية -الأمريكية على الشعب اليمني قبل ما يزيد على ثلاثة أعوام ، وفي آخر تطورات هذا المشهد استمرار فصول هذا العدوان العسكري على الأرض، تاركاً خلفه عشرات آلاف الشهداء وعشرات الآلاف من الجرحى ودمارا واضحاً وبطريقة ممنهجة لكل البنى التحتية في الدولة اليمنية.
الأهم اليوم ،هو إنّ ندرك إنّ هذه المرحلة وما سيتبعها من مراحل دقيقة من تداعيات الحرب العدوانية على اليمن، تستدعي بكلّ تطوراتها وأحداثها من الجميع أن يقفوا وقفة حق مع ضمائرهم، وأن لا يكونوا شركاء في مشروع التدمير والتمزيق والإجهاز على اليمن العربي، فالحدث الجلل وعدوان ”ناتو الخليج” الشامل على اليمن يستدعي حالة من الصحوة الذهنية والتاريخية عند كلّ العرب والمسلمين وشرفاء العالم ، فالمرحلة لم تعد تحتمل وجود مزيد من الانقسام والتفتيت والتمزيق لهذه الأمة جغرافياً وديمغرافياً.
ختاماً، يمكن القول إن المشهد اليمني يزداد تعقيدا مع مرور الأيام، ولقد أسقطت حرب “ناتو الخليج” الأخيرة على اليمن الكثير من الأقنعة التي لبسها البعض من العرب كذباً ورياء وتملقاً أحياناً، وأحياناً أخرى بهدف تحقيق بعض المصالح الضيقة والسعي إلى اكتساب شعبوية كاذبة مزيّفة، فالبعض ذهب مرغماً إلى هذه الحرب لارتهانه لمشروع ما أو بهدف الانتفاع الشخصي، والتفاصيل تطول هنا ولا تقصر، ففكرة “الناتو الخليجي” الجديد، وأن يكون اليمن هو الساحة الأولى لاختبار نماذج نجاحات هذا “الناتو الخليجي”، فكرة “لعينة “بكلّ المقاييس، وستكون لها نتائج كارثية وتداعيات خطيرة على المنطقة كلّ المنطقة.