أكثر من 300 يوم من العدوان الصهيوني على غزة.. أين العالم؟
أكثر من ثلاثمئة يوم من الدماء والدموع والدمار والجوع والأمراض والتنقّل والترحال والهروب الداخلي من حيّ إلى آخر، من مدينة إلى أخرى، كلّ ذلك يحدث أمام الرأي العام العالمي...
أكثر من ثلاثمئة يوم من الدماء والدموع والدمار والجوع والأمراض والتنقّل والترحال والهروب الداخلي من حيّ إلى آخر، من مدينة إلى أخرى، كلّ ذلك يحدث أمام الرأي العام العالمي...
يمرّ على يومنا هذا اليوم الـ 305 من زمن عدوان الصهاينة الإسرائيليين والأميركيين والأوروبيين الغربيين من عصابات حلف شمال الأطلسي العدواني على البشرية كلّها.
ففي هذه الرحلة العصيبة المُرّة الحزينة سطّر فيها أهلنا في فلسطين المحتلة وتحديداً في قطاع غزة أعظم ملحمة أسطورية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وأعظم رواية إنسانية خالدة، وأروع سردية نضالية من أجل استرداد الحقّ الفلسطيني المنهوب الذي حاول الغرب الاستعماري المتصهين تحديداً إضاعته وسرقته، وتحويله إلى حقّ الأرض لليهود المشرّدين من جميع أصقاع العالم.
حاول الأوروبيون المنتصرون في الحرب العالمية الثانية أن يثبتوا حقّ من لا حقّ له، ويشرعنوا أرضاً لمن لا أرض لهم، وأن يخصصوا ويزرعوا أرضاً استعمارية جديدة في أرض فلسطين التاريخية لحفنة من اليهود الصهاينة "الملقطين" من غيتوهات أوروبا وأميركا وأفريقيا وآسيا، الذين يدّعي الصهاينة أنّ لهم حقّ أرض العودة أو الميعاد التي عمرها أكثر من 2000 عام، بحسب كتبهم الدينية المزيّفة والمحرّفة من كتب المسيحية الصهيونية الذي أثبت المؤرخون والباحثون في العالم، بأنّ جميع تلك الكتب هي من كتابة وصنيعة أحبار اليهود الزنادقة ويساعدهم قساوسة الأناجيل القديمة والجديدة من باباوات الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية والأنجليكانية وغيرها.
أكثر من ثلاثمئة يوم من الدماء والدموع والدمار والجوع والأمراض والتنقّل والترحال والهروب الداخلي من حيّ إلى آخر، من مدينة إلى أخرى، من مخيم إلى آخر، كلّ ذلك المشهد يحدث أمام الرأي العام العالمي، وصورة أعظم مأساة في العالم في زمننا الراهن تنقل عبر الكاميرات المرئية ووسائط الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي من حول العالم، وحتى قنوات للدول الغربية كانت تنقل على مضض واستحياء عدداً من جرائم الكيان الصهيوني.
لقد كنا نسمع من وسائل الإعلام العربية والإسلامية عبارة شهيرة تقول (بأنّ فلسطين قضية الأمة العربية والإسلامية المركزية)، فأين هي القضية؟ وأين هي فلسطين؟ وأين هم الشهداء والجرحى الفلسطينيون الذين بقوا لوحدهم في قطاع غزة قرابة ما يزيد عن ثلاثمئة يوم يكابدون من جرّاء قصف الطائرات الإسرائيلية "أميركية الصنع" ومن قصف المسيّرات القاتلة ومن دمار دبابات الميركافا الصهيونية؟!.
أين الجيوش العربية المدججة بالأسلحة الحديثة؟ وأين القادة العرب الأشاوس الذين يتفرّجون على مأساة إخوانهم الفلسطينيين طيلة هذه المدة؟ أين القادة العرب الذين يشاهدون يومياً من على القنوات المتلفزة آلة القتل الصهيونية الإسرائيلية وهي تمزّق أجساد الأطفال والنساء الفلسطينيات؟ وتشرّد عشرات الآلاف من النازحين من أهالي قطاع غزه وهم يجوبون شوارع ومناطق وضواحي قطاع غزه للبحث عن مكان آمن يلوذون فيه من جحيم آلة القتل اليهودية الصهيونية التي تسحقهم وبشكل يومي من أيام جحيم بني صهيون.
ألّا نتذّكر أن تلك الجيوش العربية بأسلحتها الحديثة الصنع، والمختلفة الأنواع والأشكال قد صُرفت عليها مليارات الدولارات من أموال الأمة وخيراتها لكي تُدافع عن كرامة وشرف وحياض الوطن والأمة العربية وحتى الإسلامية؟
فليتذكّر معي القارئ العربي الحُرّ المجروح والمظلوم حينما يقرأ مثل هذه المقالات المستنفرة والمستفزّة للذات الإنسانية وهو يشاهد بألم وحسرة ما يتعرّض له أهلنا في فلسطين المحتلة من قبل اليهود الصهاينة وبشراكة مباشرة من صهاينة أوروبا الغربية، والصهاينة الأميركيين، يتألم بحسرة وهو يرى أن القادة العرب في النظام الرسمي العربي مشاركون مع العدو الصهيوني بصمتهم وخذلانهم وانبطاحهم وأحياناً بالتنسيق المباشر معه، إنه العار الأسود والخيانة العظمى التي تلحق بآدميتهم وبعروبتهم وإسلاميتهم وبإنسانيتهم إن بقي فيهم ذرة من الصفات الإنسانية أمام ما يحدث من جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
هؤلاء القادة العرب الخونة والمتخاذلون قد فضحتهم الأيام الطويلة للعدوان على قطاع غزة، كما فضحتهم سلوكياتهم ضدّ عدد من الأقطار العربية، وتدحض مقولتهم الهزيلة بأنهم، أي النظام العربي الرسمي، لا يستطيعون أن يشاركوا الفلسطينيين الأحرار في الدفاع عن أرواح الشهداء والجرحى الفلسطينيين في قطاع غزة وعموم فلسطين المحتلة.
ألّا تتذّكرون معي الأحداث المُرّة التي شارك فيها القادة العرب في إسقاط دول وحكومات عربية، وهنا سأستعين بما قدّمه الناشط العربي الدكتور/ يونس الجعبري، في إحدى رسائله العديدة لأبناء الأمّتين العربية والإسلامية لفهم مدى خيانة القادة والحكّام العرب:
كتب الدكتور/ يونس الجعبري عبارات مهمة جداً، لفهم مدى الخيانة من الحكّام العرب الآن، "لما شيخ منافق يطلع ويقلك دولنا لا تستطيع.. قولوا له كذبت.. دولك لا تريد لأن هذه الجيوش ليست للشعوب".
للتاريخ، للوعي... ولكلِّ عقل حرّ..
في عاصفة الصحراء على الجيش العراقي بقيادة أميركية شاركت:
مصر بـ 20 ألف جندي.
سوريا بـ 14 ألف جندي.
المغرب بـ 13 ألف جندي.
الكويت بـ 9 آلاف جندي.
عمان بـ 6300 جندي.
الإمارات بـ 4300 جندي.
قطر بـ 2600 جندي.
في فجر الأوديسا ضد ليبيا بقيادة حلف الناتو شاركت:
قطر بـ 4 طائرات حربية.
والإمارات بـ 6 طائرات أف 16، و6 طائرات ميراج.
والأردن بـ 4 طائرات حربية.
كما شاركت الدول نفسها بقوات من النخبة للقتال على الأرض... كما دفعت دويلات محميات الخليج عن كل صاروخ وقنبلة يلقيها الناتو على ليبيا مليون دولار.
دُمّرت ليبيا، وشرّد أهلها، وسلبت ونهبت أموالها.
في عاصفة الحزم ضد اليمن بتعليمات أميركية بريطانية، شاركت:
السعودية بـ 100 طائرة مقاتلة و150 ألف جندي.
والإمارات بـ 30 طائرة مقاتلة.
والكويت بـ 15 طائرة مقاتلة.
والبحرين بـ 15 طائرة مقاتلة.
وقطر بـ 10 طائرات مقاتلة.
والأردن بـ 6 طائرات مقاتلة.
والمغرب بـ 6 طائرات مقاتلة.
والسودان بـ 5 طائرات مقاتلة، وبآلاف الجنود من الجنجويد السودانيين أيضاً.
ومصر أيّدت الحرب، وكانت ضمن غرفة العمليات، وأبدت جاهزية قواتها الجوية والبحرية في العملية.
وأمام مجازر الكيان الصهيوني وقف جميع هؤلاء يتفرّجون عاجزين حتى عن فتح معبر وإدخال الدواء والغذاء للمحاصرين في غزة!!! لأنّ أميركا لم تعطِ الضوء الأخضر!! يا له من خزي وعار..
هل عرفتم الآن من يدير الحروب؟ ولمصلحة من؟ وبأمر من تتحرّك الجيوش؟ ويتكفّل الإعلام المموّل المأجور بغسيل العقول لشرعنة حروب الخراب بأنها في:
العراق (تحرير).
وفي ليبيا (حماية المدنيين).
وفي اليمن (الشرعية).
وفي سوريا (الديمقراطية).
بينما في فلسطين وقفوا يتفرّجون على 39000 شهيد أكثر من ثلثيهم من الأطفال والنساء!!
الأرقام والبيانات هي أصدق من جميع العبارات والصياغات الأدبية لشرح أيّ قضية في هذه الحياة، على القرّاء تأمّل الأرقام أعلاه وقد يجدون إجابات شافية عن أسئلتهم الحائرة.
وهنا أودّ أن أذكّر القارئ العربي الحُرّ بما كانوا يسمّونه (الربيع العربي) الذي أدارته بحقدٍ أعمى دوائر الإدارة الأميركية والغربية عموماً، وموّلته دول مجلس التعاون الخليجي بمئات المليارات من الدولارات، بأدوات محلية داخلية رخيصة من أحزاب الإخوان المسلمين وبقايا أحزاب اليسار والناصريّين والبعثيين والاشتراكيين والقومجيين، أين هم هؤلاء ممّا يحدث في فلسطين؟!.
لم يتبقَّ مدافع عن تراب وأحرار فلسطين غير محور المقاومة العظيم، هذا المحور الذي يبدأ من الجمهورية اليمنية من صنعاء مروراً بالمقاومة الفلسطينية الحُرّة في قطاع غزة، ومن المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان الحُرّ، ومن سوريا العروبة، ومن جبهة العراق المقاوم النشامى وبدعم سخي مادي ومعنوي ولوجستي وإعلامي وسياسي من قيادة وشعب الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
هذا المحور المقاوم الحرّ هو الضامن الوحيد لاستعادة وحرية وتحرير فلسطين الغالية من النهر إلى البحر من دون قيد أو شرط.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الإشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً