كيف تفوّقت روبوتات الصين على مفاخر الغرب وهيبته؟
في الشارع غير المكتظ - كما جرت العادة في الصين - تتجول بين المارة مجموعة روبوتات. أحد الروبوتات يعطي إنذاراً بارتفاع حاد في حرارة أحدهم. سرعان ما يأتي طاقم طبي ويأخذ المريض إلى المستشفى. هذا ليس مشهداً من أفلام الخيال العلمي، بل هو روتين يومي في الصين.
منذ أسبوع، أعلنت الصين، أول دولة أعلن عن انتشار فيروس كورونا فيها، عن السيطرة عملياً على الوباء المستجد. هذا الإنجاز النوعي يفسّره عاملان أساسيان، أولهما الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الدولة في عزل المناطق، والآخر توظيف التكنولوجيا للسيطرة على الوباء.
اعتبر الخبراء أنّ الصين كانت الأكثر استخداماً للتقنية للحدّ من انتشار الوباء، فبدءاً من أجهزة الدولة، عملت السلطة على تجهيز رجال الشرطة بخوذات تكشف عن المصابين، من خلال قياس درجة حرارة الجسم عن بُعد 500 متر.
ولم تكتفِ الدولة بالطاقة البشرية للكشف عن حالات الإصابة، بل نشرت في الشوارع روبوتات متخصصة في كشف المرضى، وأخرى تعطيهم نصائح وإرشادات صحية.
لم يقتصر التعاون بين الروبوت والبشر على أجهزة الشرطة الصينية، فقد خصّصت الدولة، إلى جانب الروبوت المتنقّلة، مجموعة من الربوتات تحمل اسم "الروبوت الممرض"، وتتمتّع بقدرة تفوق القدرة البشرية، إذ يستطيع الروبوت الآلي أن يعاين 10 أشخاص في وقت واحد، وأن يكشف عن حالات الإصابة في غضون 40 دقيقة لا أكثر.
لهذه الروبوتات فوائد تفوق فكرة اختصار الوقت أو سرعة العمل، إذ إنها تقلّل من الاحتكاك البشري، ما يؤدي إلى انخفاض نسبة الإصابة بفيروس كورونا.
وإلى جانب تكنولوجيا الروبوتات، كان للبيانات الضخمة (BIG DATA) دور فاعل في الحد من انتشار الوباء، إذ إن الدولة نشرت 300 مليون كاميرا للمراقبة، تتعرف إلى الوجه من خلال الخوارزميات، وتكشف عن الاسم ومكان الإقامة والرقم الوطني للمارة، وتحدد إذا ما كان الشخص ملتزماً بالوقاية الطبية، من مثل ارتداء الكمامات.
وفي موازاة ذلك، أنشأت الدولة خوارزمية جديدة تجمع بين السجلّ الصحي والملف الجنائي وخارطة السفر، لتحديد إذا ما خالط الشخص أحد المصابين، وبالتالي حجره.
إلى جانب ذلك، تمّ نشر عدد من التطبيقات، أحدها ذو برمجية تصنّف الأشخاص إلى 3 ألوان، يرفق كل لون بكود. وبذلك، فإن أصحاب اللون الأخضر غير مصابين بكورونا، ما يسمح لهم بالتنقّل، في حين أن أصحاب الكودات الملونة بالأصفر والأحمر، يحملون عوارض تمنع خروجهم أو أنهم خالطوا أشخاصاً مصابين بالفيروس. وبالتالي، في حال خرقوا الحجر، تتلقى الشرطة فوراً إشارة بذلك، من خلال تفعيل الكود في الخارج. كما انتشرت في الصين العديد من التطبيقات التوعوية التي تقدم إرشادات صحية للمواطنين.
يبدو أنَّ قطاع التكنولوجيا في الصين سخّر كل ما لديه للحد من الوباء. وإلى جانب ما ذُكر، تم نشر طائرات "درونز" مجهّزة بكاميرات حراريّة لقياس حرارة الأفراد داخل المباني، فيما انتشرت طائرات أخرى من دون طيار لنقل العيّنات الطبية من المختبرات إلى المستشفيات. إذاً، بدءاً من الطّائرات، وصولاً إلى الروبوتات التي تعقّم، وتلك التي تقوم بإعداد الطعام، عمل قطاع التكنولوجيا جاهداً للحد من الوباء.
إن سرعة استجابة الصين خلال أزمة كورونا، واستغلالها التكنولوجيا وتوظيفها في الحد من الوباء، ونجاحها في ذلك، يمكنه أن يعزّز دور قطاع التكنولوجيا في البلاد، وأن يُغني تجربتها.
من هنا، ستكون هذه التجربة حافزاً كبيراً لتطوير القطاع التقني، فقد أذهلت الصين العالم في استخدامها التقنية خلال الوباء، وظهرت أهمية القطاع التكنولوجي في السيطرة عليه، فهل سنشهد نقلة كبرى في التقنية الصينية؟
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً