بروفة أولى شمال- شمال.. الحرب الشاملة على "إسرائيل" وحلفائها
نحن نرى أنَّ الفرات السوري المُحتل والجولان السوري المُحتل واجهتان لعدوٍ واحدٍ هو الاستنساخ الإردوغاني للصهيونية، ونرى أنَّ حرب بنيامين نتنياهو ودونالد ترامب ورجب طيب إردوغان على الشمال السوري هي بروفة أولى شمال- شمال على حرب الشمال الأولى ضد العدو الصهيوني ومَن معه.
هذا هو ما يفعله ترامب وإردوغان ونتنياهو وعُربان الخليج. ويُعدّ إردوغان الأداة المُكثّفة في هذه اللحظة، والمشطوبة من مُعادلات المستقبل بالنسبة إلى الأميركي والصهيوني والأوروبي، وإن كلَّفهم ذلك رأسه، وهي كلفة رخيصة الثمن لديهم، حتى إذا حقَّقت لهم بعض الأهداف الوقتية، فقد حوَّلوا بمُقتضى الأمر الواقع عصاباتهم الإرهابية المُرتزقة مع مرور الوقت إلى جيش احتياط إرهابي إردوغاني لا يصحّ توصيفه والتعامُل معه عسكرياً وسياسياً وتكتيكياً واستراتيجياً بغير هذا التوصيف، كأيّ جيش احتلال، إلا إذا حسمها الإخوة الأتراك، وتخلّوا عن إردوغانهم.
ثم إنهم حوَّلوا جيش إردوغان إلى جيش احتياط لأميركا وحلف الناتو والعدوّ الصهيوني، بمعنى أنَّه بات، بالمعنى الصريح، جيشاً إردوغانياً لترتيب أجواء حرب الشمال الأولى من سوريا ضد محور المقاومة.
إردوغان كذلك لأنه يبدو يداً ميتة على العدو الصهيوني، يداً عدائية ومُعادية لقيادة المقاومة الفلسطينية في دمشق، ما دام يُنفِّذ الهدف الصهيوني حَرْفياً، وهو إسقاط القيادة الفلسطينية في سوريا. وهو كذلك لأنه ينفّذ الهدف الصهيو-أميركي في إسقاط القيادة الوطنية والقومية في سوريا، وإيصال المجاميع الإرهابية إلى الحُكم، عن طريق الانقلاب العسكري الإرهابي المُسلَّح من الخارج إلى الداخل، وهو ما يقوم به الآن. ولأنه أخيراً يعمل على تحقيق القطيعة والانفصال بين أطراف محور المقاومة، وخصوصاً بين الجمهورية العربية السورية والجمهورية الإسلامية في إيران.
وبما أن كيان العدو وعُربان الصهيونية العربية يُشكِّلان، بوجود القواعد العسكرية الأميركية، طوق الإرهاب المضروب على محور المقاومة في هذه الحرب الإرهابية الشاملة وغير المسبوقة، فإن علينا أن نذهب إلى القتال، كما نذهب إلى الصلاة "في القدس"، كما يقول الأخ الأمين العام زياد النخالة.
لقد بتنا نعرف أنفسنا بالقَدْر نفسه، في الوقت الذي بتنا فيه نعرف عدوّنا، من إردوغان إلى نتنياهو. وعليه، نظنّ أن هذا الوقت هو الوقت المناسب لشروع المقاومة العراقية في معركة طرد الاحتلال الأميركي من العراق ومن الحدود العراقية- السورية، وإطلاق المقاومة الشعبية السورية في شرق الفرات تحضيراً للتحرير.
كما أنّه الوقت المناسب نفسه حتى تتجهَّز في دمشق، وفي عموم المنطقة، أجواء تنظيف السماء من الإعتداءات الصهيونية مرة تلو مرة، أو تجهيز أجواء حرب الشمال الأولى من الجولان السوري المُحتل. وعلى هذا الأساس، يجب أن تعمل المقاومة الفلسطينية.
نحن هنا لا نهوِّل ولا نهوِّن، وإنما نحاول إخراج الصورة العدوانية الراسِخة في دماغ العدو إلى العَراء، وإخراج صورة الإيمان الراسِخ بضرورة المقاومة حتى الخلاص في ذهن كلّ مقاوم على وجه الأرض.
لقد قمنا قبل سنوات بمُقارنةٍ بين الإرهاب الصهيوني والإرهاب التكفيري على قاعدة مُقارنة ما أسميناه وقتها: الإردوغانية "بنغريونيّة" جديدة، ونُسمّيها الآن "الإردوغريونية" دَمْجاً بين الإسمين. وهنا، تفتح كل صوَر وجوه الشبه بين المُشبّه والمشبّه به في أصل السياسة، وفي التطلّعات والعقائد، وحتى في الخاصيّات الشخصية.
يُحتلّ الفرات شرقاً وغرباً في الجانب السوري. يُعتدى عليه ويُعتدى من خلاله على جغرافيا واسعة من الأرض السورية، ويُعتدى على الإنسان السوري والدولة السورية والقيادة السورية، ويتواصل العدوان بعد العدوان على سيادة الوطن السوري، وعلى وحدة أراضيه وشرعيّة قيادته وحقّها في الذّود عنه وتحريره شبراً شبراً.
يحتلّ جيش إردوغان، بديلاً من جيش الإرهاب المُعولَم ومعه، ما يصل إليه من التراب السّوري، ويُعربِد مُدِّعياً ملكيّة ما لا يملك ولا يستحقّ، وكيلاً عن العدو الصهيو-أميركي والإخواني-الوهّابي، وكل هذا الخليط المُهجَّن من كل حدبٍ وصوبٍ، جمعاً لشتاتهم من كلِّ فجّ، كأن الجمهورية العربية السورية أرض بلا شعب، ولا شخصية قانونية، ولا ذات معنوية، ولا قيادة سياسية، ولا جيش دفاع.
ولذلك، نقيم هذه المُماثَلة الرمزية بين الجولان السوري المُحتل والفرات السوري المُحتل. وبالتالي، وفي المقابل الجغرافي والجيوسياسي، نقول إن معركة الشمال السوري هي معركة شمال فلسطين وكل فلسطين، فإردوغان يعمل على استدامة احتلاله لما ليس له، ويختلق الأساطير وراء الأساطير لتبرير عدوانه، ويُغيِّر الجغرافيا، ويُزيِّف الديموغرافيا، ويُزوِّر التاريخ، ويُحرِّف الحضارة، ويُفسِد الثقافة، ويَنهب الثروات، ويَخترع القوانين، ويستنسخ الذرائِع الأمنية والعسكرية، ويرفع راياته، ويريد أن يحصد نتائج حرب لم تكتمل، ولم تنتهِ، ولن تنتهي إلا بالنصر المؤزر.
نعم، "تسقط إسطنبول ولا تسقط حلب". نعم، يجب أن يعود الشمال السوري بالقوَّة، كما أُخِذ بقوَّة الغَدْر الإرهابي المُعولَم، ولن يرضى أهله بقبول المُحتل، مهما تكبَّدوا من مآسي التهجير الإرهابي القَسْري والتنكيل والذبح والتشريد والتجويع والحِرمان والعبودية والرَهْن.
يتابع كلّ العالم ما يقوم به جيش إردوغان المُركَّب من عسكر التطبيع العثماني ومُرتزقة عصابات التطبيع الإرهابية، التابعة للصهيونية العربية وأصقاع أخرى من العالم، كما يتابع ما يقوم به جيش نتنياهو الإرهابي وجيش ترامب الإرهابي وعموم عسكر الناتو الإرهابي.
وبقَطْع النظر عن سَيْرِ المعارك ومسار التصعيد وما ستؤول إليه الأمور، نجزم بأن سلوك إردوغان العسكري هو سلوك إرهابي أهْوَج، وأنه لا يفهم إلا لغة القوَّة الكاسِحة القاسية القاصِمة، ولا يرتدع إلا بإشهار القرار الحاسِم الجازِم الحازِم الناجِز.
لا يسعنا إلا التذكير بقاعدة وحكمة النصر التي نراها مناسبة: علينا أن نحسُم حالما توجَّب علينا الحَسْم. ولقد كُتِبَ علينا الحَسْم، وإنما النصر للمقاومة.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي الاشراق وإنما تعبّر عن رأي صاحبها حصراً