امريكا مضطرة الى التراجع
منذ ان اندلعت التظاهرات بتاريخ 1-10-2019 الى الان نجد ان الخط البياني للموقف الامريكي سار بمتعرجات عديدة وتابينات كثيرة وخط بياني يوشر تراجع المخطط الامريكي, واخرها يستشعر المراقبون ان الموقف الامريكي في تراجع في لغته ومواقفه, ويكاد ان ينسحب, وهذا ماتوكده المعطيات الاخيرة من تخفيف التوتر في المحافظات وانسحاب الجوكر الامريكي من خطة الهجوم على الخضراء في (10-12-2019) والتي تم التبيلغ لها كثيرا والاسباب تتلخص فيما يلي:
اولا: دخول المرجعية على الخط لمنع ان تنزلق العملية السياسية الى الخطر, او ان تنتهي امريكا بالعراق الى حرب اهلية , او ان تمارس دورها في القيام بانقلاب عسكري , او ان ترفع من سقف مطالبها من خلال الجوكر الامريكي. كان هذا الموقف من المرجعية جرس انذار مبكر, مما اشعر امريكا بان المعادلات في الشارع العراقي تبدلت والتوازنات اختلفت لصالح النجف الاشرف, وامريكا غير قادرة ان تواجه المرجعية.
ثانيا: ان خروج العشائر في الجنوب لمواجهة الجوكر الامريكي وهي ترفع شعارات عبر الاهزوجات الجنوبية برفض التدخل الامريكي والسعودي وتاييد المرجعية,((لا امريكا ولا ال سعود....الملعب للسيستاني الملعب)), جعل الامريكان يدركون انهم امام ثورة شعبية وحركة جماهيرية تقودها العشائر ضد الجوكر الامريكي ولابد لامريكا من الانسحاب والا تكون امام الطوفان الشعبي وبهذا تخسر الكثير, فليس امامها الا الانسحاب.
ثالثا: ان خطبة المرجعية التي صارحت الامة بان ((يطردوا المندسين من صفوفهم)) كان واضحا لدى امريكا بانه تهديد من المرجعية بالغ الخطورة , لانها تتذكر جديا فتوى ((الجهاد الكفائي)) الذي قلب الموامرات الداعشية الى نصر عراقي , ومن الموكد ان تصعيد النجف الاشرف في الخطاب ضد الموامرات الخارجية بدوره قلب الموقف الشعبي ضد الجوكر الامريكي, وعليه فليس امام امريكا الا ان تتراجع.
رابعا: كررنا القول ان امريكا وصلت الى قناعة مضطرة لها بانها ليس بصالحها اسقاط العملية السياسية في العراق او انهيار الامن لانها ادركت موخرا ان المرجعية ضدها والشعب ضدها ,وعلى فرض انهيار الامن والعملية السياسية فان الذي يعيد رسم الخريطة السياسية والامن في العراق- حسب التقارير الامريكية موخرا - هو النجف وقم وبهذا يكون الخطأ الامريكي بالغ الحجم.
خامسا: ايضا من اسباب تراجع امريكا هو العنف الذي مارسته العناصر الامريكية, والذي ولد ردة فعل شعبية لا تسمح للجماهير العراقية السير باتجاه التظاهرات التي تندس فيها هذه العناصر, وبتقلص العدد وخروج حركة شعبية مضادة من الجماهير العراقية للمخطط الامريكي كانت , جعل امريكا مجبرة على التراجع.
سادسا: ومن الاسباب الفاعلة والتي اجبرت امريكا على التراجع - ايضا - واعلان الفشل , هو ان المرجعية ومن خلال خطبها ومواقفها ودعمها بالاسناد والمال والغذاء للمتظاهرين , ومن خلال بياناتها انتهى الامر بان جعلت المرجعية نفسها خيمة للمتظاهرين الشرفاء الوطنيين حتى ينكشف امر من يريد ان يستظل بالخيمة الامريكية ومن هو ((مندس)) كما اسمته المرجعية.
سابعا: وصول الحشد الجماهيري الي ساحة التحرير بسيل من الرجال والشباب الرساليين , وبعده بيوم واحد انطلقت تظاهرات العتبات جعل امريكا تتلقى الدرس واضحا من النجف ((ان للبيت رب يحميه)), وان المرجعية والجماهير والقوى الواعية لا تغادر الساحة مهما كلف وغلى الثمن, ولا مكان لامريكا في الميدان.
ثامنا: رقي الخطاب الذي اعلن به عادل عبد المهدي استقالته امام المرجعية كان صدمة لامريكا لا يمكن وصفها , لانها عرفت ميزان القوة ونقطة تاثير المرجعية في الواقع السياسي الحكومي.
تاسعا: ادركت امريكا ان التظاهرات خرجت عن السيطرة وتحولت الى فوضي لايمكن السيطرة عليها وبهذا فهي - امريكا - لاتمسك وحدها بخيوط اللعبة في التظاهرات , وهذا قد يجرها الى مواقف غير مدروسة وتتورط في وحل غير مستعدة له سيما ان توقعاتها عن رياح التظاهرات كلها جرت بما لاتشتهي سفنها فهي فلم يكن بحسبانها تدخل المرجعية والشعب وشيوخ العشائر ضدها , مما تصاغير قدر مخططها الذي يقوده النفر القليل.
عاشرا: امريكا وحسب – نيويورك تايمز – ترى ان الخط البياني لعدد المتظاهرين تقلص موخرا بعد شهرين من التظاهرات مما جعل امريكا تستعين ببعض من رجالها التقليديين من رواد المتنبي حتى يسدوا النقص الكبير في ساحة التحرير, ولكن لايمكنهم جبران النقص مهما فعلوا امام اعداد الجماهير التي نزلت موخرا لتاييد توجهات المرجعية وهنا ادركت امريكا تبدل المعادلات الشعبية ضدها.
الحادي عشر: تلقت امريكا الدرس جديا وجيدا, وخلاصته: انها لو مكنت ((جوكرها)) ان يعبر الجسور الى الخضراء فان ((ولد الملحة)) سوف يكون يوم سعدهم , لانهم ينتظرون هذا اليوم بفارغ الصبر لتمريغ انف امريكا بالتراب.