الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية عزز قدرات إيران أكثر من ذي قبل
جاء الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية بعد 40 يوما من احتجازها، ليجدد فشل التوجهات السياسية لإدارة الرئيس دونالد ترامب، ومن هنا فعليه أن يعيد النظر في حساباته بشأن ايران ویتجنب مقارنتها بدول أخرى كالكوريا الشمالية.
وإيران تمكنت رغم كل ضغوطات مارستها الولايات المتحدة، أن تفرج عن ناقلتها النفطية وتفرض إرادتها على حكومة جبل طارق التابعة لبريطانيا في هذا المجال، مما يدل على نقاط عدة نختصرها في ما يلي:
النقطة الأولى هي أن المحكمة العليا في جبل طارق قضت يوم الخميس الماضي بالإفراج عن الناقلة رغم الضغط الأمريكي وحتي طلبها من حكومة جبل طارق مصادرة الناقلة لصالح الولايات المتحدة.
والنقطة الثانية هي أنه بعد الکشف عن فشل مساعي الولايات المتحدة ضد طهران وإلقاء الضوء عليه في وسائل الإعلام ، أصبحت حكومة الرئيس دونالد ترامب محط السخرية والإهانة عند الرأي العام الأمريكي فهذا سيؤثر بلاشك على مستقبله السياسي سيما في الانتخابات المقبلة.
والنقطة الثالثة هي أن الإفراج عن الناقلة رغم عدم رضوخ إيران لشروط الحكومة البريطانية في هذه المضمار والإبقاء على ناقلة النفط البريطانية قيد الاحتجاز في مضيق هرمز، أظهر مرة أخرى أن إيران خرجت منتصرة من المواجهة الدبلوماسية والميدانية.
والنقطة الرابعة هي أن ايران تمكنت بدهاء ورغم كل اجراءات الحظر والضغوط والتهديد التی مورست من قبل واشنطن، أن تضع بريطانيا، كأقرب حليف لها، في موضع المواجهة للتوجهات السياسية الأ،مريكية ومن ثم تفرض هذا التفهم والإدراك لبريطانيا بأن عليها أن لاتصرف كل وقتها لللعب في ملعب أمريكا وتحديدا ملعب ترامب على حساب سياسات بلاده في المنطقة.
والنقطة الخامسة هي أن إيران استغلت بحصافة مواقف ترامب اللاعقلانية لإثارة الخلاف بين بريطانيا والولايات المتحدة لأن ترامب كان قد أعلن سابقا أن الولايات المتحدة لن تحشر أنفها في توترات حاصلة في منطقة الخليج الفارسي، وبناء على هذا، فعلى بريطانيا أن تدافع بنفسها عن مصالحها في المنطقة.
والنقطة السادسة هي أن البريطانيين خلصوا إلى نتيجة فها هي أن المواجهة غيرالمثمرة مع إيران قد تكون مكلفة للغاية لبلدهم الذي يواجه في الوقت الحاضر أزمة بريكزت، ومن هذا المنطلق ونظرا للتوجهات الأمريكية الأحادية الجانب، فقد قررت لندن أن تتجه نحو الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية.
والنقطة السابعة هي أن لندن وصلت إلى هذه القناعة أن الخطوة غيرالقانونية للقوات البريطانية في احتجاز ناقلة النفط الإيرانية لن تساهم في تحقيق مآربها، ذلك أنه تفتقد العناصر القانونية ما أشار إليها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر وفي معرض تعليقه على قضية الإفراج عن الناقلة مؤكد أن احتجاز “غريس-1” كان عملا غيرقانوني مائة بالمئة.
والنقطة الثامنة هي أن إيران باتخاذ الخطوة القانونية في احتجاز ناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز وجهت رسالة إلى الغرب وبالتحديد إلى الولايات المتحدة وبريطانيا، مفادها أنها جادة في التعامل مع إجراءات غيرقانونية تتخذ ضدها وفي ظل الظروف الراهنة التي تمر بها المنطقة، لها اليد العليا في التعامل مع التطورات وبالتالی فلن تدخل في أي نوع من مساومات على حساب مصالحها العليا.
والنقطة التاسعة هي أن الحكومة البريطانية كانت تدعي وتروج بأن ناقلة النفط “غريس- 1” (والتي تغير إسمها إلى أدريان دريا) كانت متجهة إلى سوريا منتهكة عقوبات الاتحاد الأوروبي، غير أنه تجدر الإشارة إلى أن العقوبات الأوروبية ضد سوريا اولاً لاتنطبق على إيران وثانيا قد أعلنت إيران من اليوم الأول أن ناقلة غريس1 لم تكن تتجه إلى سوريا.
والنقطة العاشرة والأخيرة هي أن احتجاز ناقلة النفط الإيرانية ومن ثم الإفراج عنها بعد محاولات مجدية من طهران، تسبب في تعزيز قدرات إيران في المجال البحري وانطلاقا من هذا، فالناقلات والسفن الإيرانية ستتحرك في المستقبل، بحرية تامة وبقوة كاملة في المياه والممرات الدولية دون أى عائق، ذلك أن إيران أثبتت للعالم بأسره بأنها لاتتهاون في التعامل مع أي نوع من تهديد ضد سفنها ومصالحها براً كان أو بحراً أو جواً، وكذلك أثبتت للجميع بأن لها اليد العليا كالمرتكز الرئيس لمحور المقاومة في المنطقة ولن تدخل في أي نوع من صفقة ومساومة على حساب هذا المحور وبالتالي فإن الجهود الأمريكية لإخضاعها ومن ثم القيام بتنفيذ مخططات معدة للمنطقة بما فيها المشروع المسمى بـ”صفقة القرن” لبيع أراضى فلسطين للاحتلال، ستبوء بالفشل.