بوتين يُتوّج “زعيمًا” لمنظّمة “أوبك” ويُوجّه صفعةً قويّةً لطُموحات ترامب
بوتين يُتوّج “زعيمًا” لمنظّمة “أوبك” ويُوجّه صفعةً قويّةً لطُموحات ترامب في الفوز في الانتخابات الرئاسيّة المُقبلة كيف؟ وهل يعود الفَضل للقائه مع الأمير بن سلمان على هامِش قمّة العشرين في أوساكا؟ ولماذا غضِب وزير النّفط الإيراني ثم تراجع؟
لم يُشارك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماع منظّمة الدول المُصدّرة للنّفط (أوبك) الذي انعقد أمس في فيينا، ولكنّه كان الزعيم الحقيقي للمُنظّمة وصانِع القرار فيها، ويعود الفضل إليه في استمرار العمل في اتّفاق خفض الإنتاج وزيادة أسعار النّفط الخام بالتّالي، الأمر الذي سيُوجّه صفعةً قويّةً للرئيس الأمريكيّ دونالد ترامب الذي يُمارس ضُغوطًا قويّةً على المملكة العربيّة السعوديّة وأعضاء آخرين في المُنظّمة من أجل زيادة الإنتاج لتخفيض الأسعار، ممّا يؤدّي إلى تحسين أوضاع الاقتصاد الأمريكي، وزيادة فُرصه في الفَوز في الانتخابات الرئاسيّة المُقبلة لفترةٍ ثانيةٍ.
سُبحان مُغيّر الأحوال، فبعد أن كانت روسيا هي العدو الأشرس لمنظّمة “أوبك” طِوال العُقود الماضية، وتنتقدها بصفتها منظّمة “احتكاريّة”، وتُحاول تقويض اتّفاقاتها وقراراتها أصبحت روسيا في عهد الرئيس بوتين صديقة “حميمة” للمُنظّمة، وتقودها كجبهةٍ قويّةٍ للتصدّي لمطالب ترامب في رفع الأسعار، وتحوّلها (أيّ أمريكا) إلى دولةٍ مُصدّرة للنفط بسبب إنتاجها المُتسارع من النّفط الصّخري (أكثر من 12 مليون برميل)، وبِما يُعزّز هيمنتها على اقتصاد العالم.
إنّه زواج مصلحة، أو زواج مُتعة، بين “أوبك” وروسيا، خرج منه الرئيس بوتين الفائز الأكبر بالنّقاط على الأقل، في ظِل حربه الباردة المُتصاعدة مع الولايات المتحدة الأمريكيّة، فروسيا وضعت ميزانيتها على أساس أسعار نفط تتراوح بين 45 ـ 50 دولارًا للبرميل، والآن وبفضل تعاونها مع “أوبك”، والحِفاظ على مُعدّلات الإنتاج الحاليّة، وصل سِعر خام برنت القياس العالمي إلى 65 دولارًا للبرميل وهو إنجازٌ مهمٌّ لمُواجهة العُقوبات الأمريكيّة المفروضة على روسيا بسبب ضمّها لشبه جزيرة القرم، خاصّةً أنّ العوائد النفطيّة والغازيّة تُشكّل 50 بالمِئة من دخل الميزانيّة الروسيّة.
لا نُجادل مُطلقًا بأنّ الاتّفاق الذي عقده الرئيس بوتين مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان لتمديد العمل باتّفاق خفض الإنتاج على هامِش قمّة الدول العشرين في أوساكا هو العامل الحاسم في الحِفاظ على أسعار النفط مُرتفعة، والتوصّل إلى الاتّفاق المذكور آنفًا بخفض الإنتاج.
من المُفارقة أنّ هذا الاتّفاق الروسي السعودي الذي تم من خلف ظهر منظّمة “أوبك”، وقبل بضعة أيّام من انعقاد مؤتمرها نصف السنوي في فيينا، وجرى تبنّيه في هذا المُؤتمر، أغضب إيران ووزير نفطها بيجن زنكنة، الذي هاجمه بشدّةٍ في البداية، واتّهم روسيا والسعوديّة بالسّيطرة على منظّمة “أوبك”، لكنّه عاد وتراجع، ووصف اجتماع المنظّمة في فيينا بأنّه كان جيّدًا بالنّسبة إلى بلاده التي حقّقت من خلاله ما تُريد حسب قوله، وربّما يعود الفضل في ذلك إلى الشّرح الروسي.
السّؤال الذي يطرح نفسه الآن، وبعد أن أكّدت زعامة روسيا ورئيسها بوتين على منظّمة “أوبك” وأسواق الطاقة العالميّة بالتّالي، كيف سيكون رد فعل الرئيس ترامب على هذه الصّفعة، ودور حليفه السعودي المُشارك فيها؟ وهو الذي كان يُهاتف العاهل السعودي ويُملي عليه زيادة الإنتاج لتخفيض أسعار النفط، وبِما يخدِم اقتصاد بلاده ويجِد التّجاوب الكامل؟
ما زال من المُبكر الإغراق في التكهّنات، ولكن الأمر المُؤكّد أنّ الرئيس الأمريكيّ لن يكون مُمتنًّا لهذا التّقارب السعوديّ الروسيّ، والتحكّم بأسعار الطّاقة عالميًّا، وبِما يضُر طُموحاته الانتخابيّة الرئاسيّة.. واللُه أعلم.