قبل 5 سنە
عادل الأمين
429 قراءة

الطريق إلى الأمم الحرة

لم تعد منظومة الأمم المتحدة بشكلها الحالي ذات جدوى وليس لها أية أبعاد إنسانية حقيقية، تجعل الإنسان سعيداً في هذا الكوكب..لم تكن ديمقراطية الدول الغربية أخلاقية ولم تكن اشتراكية الدول الشرقية إنسانية..وسعى الكثير من دول العالم الثالث للرفاهية والسلام في مشوار البحث عن خلاصها بفطنة وعبقرية أبنائها البَرَرة كالبرازيل والهند وظلت الأخرى تتخبّط في دياجير ظلمات أنظمتها الفاشية المزمنة.

بعد ازدياد مُعاناة الناس في كل مكان ونشوء الحروب الأهلية هنا وهناك ، وترنّح العديد من الدول بين البقاء والفناء في المشوار الطويل إلى الديمقراطية التي نعني بها العدالة السياسية الحقّة والاشتراكية ، ونعني بها العدالة الاجتماعية الحقّة، أضحت الأمم التي ما تحدّت يوماً ميتة سريرياً حيث لازالت دول الاستعمار القديم ودولة الامبريالية الوسيطة توظفها لإطماعها الذاتية ، من دون المُراعاة للأهداف الإنسانية التي واكبت نشأتها المختلّة بعد الحرب العالمية الثانية ، حيث كان العالم يتأرجح بين دول استعمارية مُنتصرة ودول محور مهزومة.. وبما أننا نعيش عصر العِلم والمعلومات وأصبحنا نرى بعضنا جيداً في هذا العالم. لن يُجدي مبدأ خِداع بعض الناس بعض الوقت. ومن الأمثلة على سبيل المثال وليس الحَصْر في أفريقيا ، مجازر رواندا بين شعبي التوتسي والهوتو التي تمّت على مرمى نظر من قوات الأمم المتحدة.. وأيضاً إقليم دارفور السوداني واليوم أيضاً في بورما مأساة أقلية الروهنجا.. بل أيضاً مذابح البوسنا والهرسك والصرب التي حدثت في قلب أوروبا نفسها...انهيار دولة أفغانستان الصومال وترك شعبها نهبة للمجاعات والحروب غير المجدية من دون تفعيل الفصل الثامن المُناط به إعادة إعمار الدول الفقيرة التي تخرج من حرب أهلية طويلة، مع الإسراع في تأسيس وتفعيل محكمة الفساد الدولية التي أتمنّى أن يكون مقرّها في اليابان ، تعيد المال المنهوب من قِبَل الطُغَم الحاكمة الفاسدة المكدّس في بنوك الدول الغربية من دون طائل إلى خزينة البنك المركزي للدولة التي تم تأهيلها ديمقراطيا ، ويتم صرفه مباشرة في الإعمار والصحة والتعليم، ونحن كمسلمين نعرف أن الحَجْر على مال السفيه أمر مشروع بصرف النظر عن أمر شخص إذا كان مواطناً عادياً أو صاحب منصب دستوري رفيع المستوى لا يستحقه، تسلّل إليه في غفلة من الزمن ..أما عن الربيع العربي فحدّث ولا حَرَج يتم التدخّل بمعايير محدّدة..هي ما الذي تجنيه تلك الدولة من زوال هذا النظام أو ما الذي تجنيه دول الطرف الآخر من بقاء النظام نفسه ، وبين هذا وذاك يتشرّد الشعب ويزيد عدد النازحين في العالم.. سوريا والسودان واليمن نموذج حيّ آخر لتقاعُس الأمم المتحدة والدولة العُظمى عن واجبها المباشر والأخلاقي أيضاً حيال هذه الشعوب.
لم تعد منظومة الأمم المتحدة بشكلها الحالي ذات جدوى وليس لها أية أبعاد إنسانية حقيقية، تجعل الإنسان سعيداً في هذا الكوكب..لم تكن ديمقراطية الدول الغربية أخلاقية ولم تكن اشتراكية الدول الشرقية إنسانية..وسعى الكثير من دول العالم الثالث للرفاهية والسلام في مشوار البحث عن خلاصها بفطنة وعبقرية أبنائها البَرَرة كالبرازيل والهند وظلت الأخرى تتخبّط في دياجير ظلمات أنظمتها الفاشية المزمنة، كما هي الحال في كوريا الشمالية التي تعيش شتاءها الطويل وإيران وحكم الملالي الذي عفا عنه الزمن..ويصدر أزماته يميناً وشمالاً..فما الذي يجب أن يتغيّر فعلاً في هذا العالم؟؟
إذا أخذنا حال الشرق الأوسط نموذجاً، والذي أضحى أكبر مصدر للنفط والإرهاب معاً، نجد أن من أعاق النمو الديمقراطي في هذه الدول العربية عبر العصور من استشراف عصر الأمم الحرة واكسسواراتها من التعدّدية والدولة المدنية والفدرالية والاشتراكية وحقوق المرأة والأقليات..هو الظروف الاستثنائية التي تم بموجبها إنشاء حلم طوباوي للدولة العبرية في 1948 وإحاطتها بأنظمة فاشية عبر السنين ، شوّهت المنطقة أرضاً وإنساناً بإغراقها في أيدولجيات خمسينات القرن الماضي في أوروبا بعد إعادة تدويرها من جديد لتناسب الظرف ، وجعلتها منطقة استهلاكية لا تنتج معرفة وتعجز أن تكون شريكاً حقيقياً للإنسانية الحاضرة..أسوة بباقي الأمم والشعوب التي لها قدم راسخة في العِلم والحضارة الإلكترونية الآن ، ولها تاريخ مجيد من الحضارة والإنجازات كالصين مثلاً. وليس ذلك فقط.. بل أن يتشرّد شعب سوريا وجزء كبير من شعب السودان وهي دول لها تاريخ مجيد وقامة كبيرة في زمن الحضارات الإنسانية الخلاّقة القديمة..يجسّد قمّة العار الآن..أن يمارس شعب في هذين البلدين حقه الانتخابي بإقدامه وبالنزوح من وطن ما عادت فيه روح... وتم تدمير اليمن والديمقراطية الناشئة بها بالفصل السابع وعاصفة الحزم التي هي ليست سوى مشروع إبادة نموذجي مفضوح ومستمر من دون داع ...
من الواضح أنه إذا أردنا علاج أزمة إنسانية حقيقية يجب علينا أن نشخصها أيضاً بصورة سليمة بكل أبعادها التاريخية والفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية أيضاً،هذه المصفوفة (الابورية) يجب معالجتها تدريجاً من أعلى إلى أسفل، إن أكاذيب التاريخ تروّج للأفكار والأيدولجيات الهدّامة والفكر الهدّام يفسد الثقافة والثقافة تفسد السياسة والسياسة تفسد الاقتصاد والاقتصاد يفسد المجتمع، وفساد المجتمع يفسد الفرد والفرد المُحبَط قنبلة موقوتة تنفجر في أية لحظة وفي أي مكان ، إن ما ينقص دول العالم الثالث القديم التي لازالت ترزح تحت نظم مركزية فاسدة وفاشلة وفاشية وأيدولجيات عفا عنها الزمن ..ليس التدخل العسكري المدمّر الإقليمي أو الدولي تحت الفصل السابع فقط..بل إجراء الانتخابات التي تتضمّنها الحلول السياسية نفسها بصورة كاملة من التسجيل حتى إعلان النتيجة تحت الفصل السابع وبإشراف تام من قِبَل الأمم المتحدة..ودعم إرادة الشعوب الحرّة في اختيار مَن يمثلها حقيقية وليس التمثيليات الانتخابية والتضليل الديني الذي يواكب هذه الانتخابات ، والأساليب الفاسدة أيضاً التي نراها هنا وهناك حتى في دول يفترض أن يكون حدث فيها تغيير حقيقي كما هي الحال في العراق ومصر..بل الأسوأ الذي حدث في مهزلة انتخابات السودان 2010 الذي قاد إلى انفصال جنوب السودان واستمرار الأزمة السودانية في الشمال حتى الآن ،على الرغم من أن هذه الانتخابات كانت جزءاً من اتفاقية دولية جيدة كان المناط بها أن تكون نموذجاً للتحوّل الديمقراطي في المنطقة.. 
لا نريد أن نغمط الأمم المتحدة حقها ونقول أنها شر مطلق،فقد كان لها أيضاً مواقفها الجيدة كما حدث في ساحل العاج بإبعاد الرئيس المهزوم انتخابياً لوران باقبو بواسطة قوات الأمم المتحدة أصحاب القبعات الزرق وتحت الفصل السابع ..وجهدها المبذول اليوم لتحرير الشعب المالي من طيور الظلام.. كبالونة اختبار جديدة لنظام عالمي جديد بدأ يتشكّل وفقاً لحتمية تاريخية ،لا يترك الآخرين تحت رحمة الغوغاء وشذّاذ الآفاق...ويؤرِق الضمير الإنساني...
ولكنها أخفقت في حال موقابي في موزامبيق وبقي في السلطة رغم أنف الجميع حتى تقاعد أخيراً قبل أن ينكسه الله في الخلق ..ولكن ما يعيق أداء الأمم المتحدة هو تركيبتها التي عفا عنها الزمن المنحصرة في خمس دول أضحت تختلف أيدولوجيا ولكنها تتشابه في السعي المحموم خلف المصالح الضيقة الاقتصادية ، والترمّم على جثث الدول الغنية الموارد والميتة سياسياً هنا وهناك ، وليس هناك أدنى اعتبار للجمعية العمومية المكوّنة من 193 دولة كاملة السيادة في العالم ..
حتى نستشرف عصر الأمم الحرة التي بدأت تباشيره تلوح من بعيد..على الأمم المتحدة وقواتها من أصحاب القبعات الزرق وعبر الفصل السابع أن تجعل الديمقراطية الحقيقية فرض عين على كل دولة في العالم مازالت ترفل في نعيم سباتها الأيدولجي حتى هذه اللحظة ، وتشرّد شعوبها بالملايين وأن تكون للأمم المتحدة فضائية حرة في ألمانيا، تنشر قِيَم العدل والسلام التي يتضمّنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عبر أكثر من لغة في العالم ولكافة شعوب العالم ، ودعم التواصل الثقافي بين الشعوب.. ونشر ثقافة الديمقراطية والدولة المدنية واحترام الأديان أيضاً..وتفعيل الفصل الثامن للنهوض بالدول الأقل نمواً ، وتطوير بنياتها الأساسية على الأقل وبمساعدة محكمة الفساد الدولية..حتى نستحق أن نكون سادة هذا الكوكب وليس عبيد شهواتنا ونزعاتنا الاستعلائية وأنانيتنا المفرطة ، التي لم تعد تجدي فتيلاً..وترسيخ قِيَم العدل والمساواة..التي أضحت تجسّدها لنا التظاهرة الرائعة التي تطل علينا بوجهها الجميل كل أربع سنوات وتسمّى كأس العالم لكرة القدم من ناحية ودورة الألعاب الاولمبية من ناحية أخرى.الأمم المتحدة الحقيقية التي يديرها الإمبراطور بلاتر بكل كفاءة واقتدار، والحديث ذو شجون....

 

ملاحظة/ المقال يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة يعبر عن رأي المؤسسة.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP