«آيباك» في عهد ترامب ــ نتنياهو: «جفاء» مع الديموقراطيين
قبل أيام عدة، اختتم المؤتمر السنوي لمنظمة «آيباك» أعماله. وفيما عكفت المنظمة ووسائل الإعلام المقربة منها على الترويج لنجاحه، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإخفاء الانقسام الذي بدا واضحاً ومتزايداً بين الجمهوريين والديموقراطيين ضمن أروقته ومن على منصّته، فضلاً عن الاعتراض الديموقراطي المتنامي على المنظمة والمقاربة الأميركية الأخيرة للسياسة الإسرائيلية، وهو ما تمثّل في مقاطعة مرشحي الحزب الديموقراطي كافة للمؤتمر.
آلاف النشطاء، قادة من الحزبين الديموقراطي والجمهوري، مسؤولون إسرائيليون وأميركيون... حضروا المؤتمر السنوي لـ«لجنة الشؤون العامة الأميركية ــــ الإسرائيلية» (آيباك)، الذي عُقد في واشنطن من 24 إلى 26 آذار/ مارس. حدثٌ جاء، كما أراده منظّموه، مليئاً بالمزايدات الخطابية، والانتقادات الموجّهة لإيران، والترويج لسياسة دونالد ترامب في الشرق الأوسط، التي حمل لواءها الجمهوريون، بدءاً من نائب الرئيس مايكل بنس، مروراً بوزير الخارجية مايك بومبيو، وليس انتهاءً بالسفير الأميركي في تل أبيب ديفيد فريدمان. وبين هذا وذاك، وصلت نشوة المنظّمين إلى ذروتها، عبر الحملات الهجومية التي شنّها الجميع على النائبة الديموقراطية إلهان عمر (التي انتقدت المنظمة الشهر الماضي)، فكان من أبرزها تلك التي قادتها رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وزعيم الأغلبية في مجلس النواب ستيني هوير. في المحصلة، لم يكن المشهد ليكون أفضل بالنسبة إلى العاملين في أقوى لوبي صهيوني في الولايات المتحدة، لولا حقيقة تحمل له الكثير من الخيبات، وهي أن لقاء الجمهوريين والديموقراطيين في وجه إلهان عمر لا يلغي الانقسام المتزايد، خلال العامين الماضيين، في شأن أساسيات المقاربة السياسية الأميركية المرتبطة بإسرائيل، وبـ«آيباك» بنحو خاص.
بعبارة أخرى، يمكن القول إن الأزمة أعمق بكثير من الصدع الذي أحدثته عمر. وإن لم تنطق هذه الأخيرة بأي كلمة عن إسرائيل، فإن أجندة «آيباك» ستكون موسومة بالخلافات بين الحزبين، في ما يتعلق بـ«الاعتراف بسيادة إسرائيل على الأراضي المحتلة عام 1967»، وبشأن «كيفية محاربة حركة المقاطعة»، و«عملية السلام»... خلافات حفر في عمقها رجلان هما دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، وأطاحا، في طريقهما، كل «هيبة» سبق أن تمتّعت بها المنظمة الإسرائيلية، ليصل الأمر إلى حدّ مقاطع المرشحين الديموقراطيين كافة أعمال مؤتمرها، غير آبهين لحدث كان يُنظر إليه على أنه ضرورة لمن يسعى للوصول إلى أعلى منصب في الولايات المتحدة.
في ظلّ هذا الواقع، بدا القلق الثابت الوحيد طوال أعمال المؤتمر، فعكسته خطابات قادة أميركيين وإسرائيليين دأبوا على إدانة «معاداة السامية المتنامية» من داخل قاعة الاحتفالات الكبرى، حيث شدّدوا على أن «دعم إسرائيل قوي وموحّد، كما كان من قبل». ثلاثة أيام تموضع خلالها القادة الديموقراطيون في موقف دفاعي، سعوا عبره إلى طمأنة الحاضرين إلى أنهم «مؤيدون بقوة لإسرائيل». الكل بدون استثناء أكد أن المنظمة مدعومة من الحزبين، حتى إن نانسي بيلوسي وجدت نفسها مضطرة إلى التذكير بأن «الدعم لإسرائيل في أميركا هو من الحزبين ومن المجلسين التشريعيين».