القمة السورية … في تونس
تهيمن القضية السورية على القمة العربية التي ستنعقد في تونس في 31/3/2019. فمن جانب قضية الجولان ستسيطر على اجتماعات القمة وستطرح كقضية رئيسية في البيان الختامي.
ومن ناحية أخرى سيكون لمشكلة النازحين كقضية انسانية هي الأخرى ستحتل مساحة في مناقشات القمة من ضمن الملفات العشرين التي سيتناولها القادة العرب.
ومعنى ذلك ان سوريا ستكون حاضرة في قمة تونس بالرغم من أن مقعدها سيبقى فارغاً منذ عام 2011.
والسؤال الذي سيطرح نفسه …
ماذا سيكون رد فعل الدول العربية إزاء قرار ترامب حول الحاق الجولان باسرائيل؟ وبماذا سيجيبون أهالي مجدل شمس ومسعدة وبقعاتا وعين قنية والغجر وسحيتا الذين ينتظرون قراراً عربياً يرفع عنهم بؤس الاحتلال الاسرائيلي! بل بالأحرى بماذا سيجيبون الشعب العربي الذي ينتظر بفارغ الصبر من يعيد لهم الكرامة العربية التي انتهكها ترامب بقراره الأخير حول الجولان ومن قبل ذلك الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، ونقل السفارة الامريكية إليها.
فالقمة العربية اليوم أمام اختبار صعب بين أن تختار مصالح الشعب العربي في الوقوف بوجه العربدة الاسرائيلية المدعومة من قبل الولايات المتحدة والتي كان آخرها ضرب المنطقة الصناعية في حلب بالطائرات الاسرائيلية، وبين أن تختار المصالح الضيقة للبعض من الذين وضعوا رصيدهم في الحساب الأمريكي مخدوعين بالحماية الأمريكية لأنظمتهم وهم على يقين تام بأن لا مصلحة لأمريكا فوق المصلحة الاسرائيلية، وإن ترامب لايريد أن يسمع صوتاً إلا صوت نتنياهو، وان لا حليف له في المنطقة سوى اسرائيل وانه مستعد ليرمي بكل شيء في البحر من أجل اسرائيل وان يضحي بمصالح أمريكا في المنطقة العربية من أجل عيون نتنياهو.
عودة للقمة العربية…
فقضية الجولان تمس الأمن العربي من جانب، ومن ناحية أخرى تمس الموارد العربية أيضاً. فمن فوق هضبة الجولان تطل اسرائيل على لبنان وسوريا وقد وضعت نقاط رصد مراقبة باستطاعتها أن ترصد كل شيء يتحرك على الأراضي السورية واللبنانية وهذا ما يشكل تهديداً مستمراً للأمن العربي.
ومن ناحية أخرى يعتبر الجولان خزان مائي يغذي بحيرة طبريا بثلث ما تحتاجه من مياه، وهي المصدر الرئيسي للمياه في اسرائيل وفلسطين، الامر ما يشكل استنزافاً مستمراً للمياه العربية.
وفوق هذا وذاك فان قضية الجولان تمس الكرامة والعزة العربية وتكشف للعالم عن مدى ما بلغه الطغيان الترامبي وتعسف نتنياهو باقتطاعهما لـ(1200 كيلومتر مربع) من الأراضي السورية العربية وضمها لاسرائيل والأدهى انهما اتخذا هذا القرار في وضح النهار وأمام مرأى ومسمع الأمم المتحدة ضاربين بعرض الحائط بعشرات القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة حول الجولان.
وكل واحد منهما يسعى نحو هدفه.
فترامب يريد بذلك أن يقسم سوريا إلى قطع متناثرة وتالياً تجزءة الدول العربية نحو صياغة جديدة لخارطة الشرق الأوسط.
أما نتانياهو يريد بذلك أن يصل إلى الصوت الاسرائيلي ليضعه في صندوقه الانتخابي.
فأهم شيء لترامب هو الفوز بصفقة القرن.
وأهم شيء لنتنياهو هو الفوز بولاية خامسة في التاسع من أبريل.
وكليهما يصبان في هدف واحد هو اسرائيل الكبرى. وهذا ما تقرر في القمة الأمريكية الاسرائيلية قبل أيام في لقاء ترامب – نتنياهو في واشنطن الذي تم فيه وضع اللمسات الأخيرة على صفقة القرن والتي سيتم الاعلان عنها بعد الانتخابات الاسرائيلية بحسب ما ذكرته القناة العبرية 20.
والسؤال ماذا سيقرره العرب في قمة تونس؟!
هل سيكتفون بكلمات الرفض والتنديد في بيانهم الختامي؟! أم سيُجبروا ترامب ونتنياهو على التراجع ليسمعوا ولو مرة واحدة بصوت العقل والضمير ولصوت المجتمع الدولي بحق الشعوب في اقرار مصيرهم.