مجزرة نيوزيلندا، نتاج طبيعي لخطاب ترامب العنصري
يوم أمس الجمعة، شهدت مدينة "كرايست تشيرش" النيوزلندية هجوما إرهابيا بالأسلحة النارية والمتفجرات على مسجدي “النور” و”لينوود”، أسفر عن استشهاد 50 شخصا وإصابة آخرين. مجزرة نشر سفاحها المدعو "برينتون تارانت" بيانا قبيل إرتكابه الجريمة وقال انه غير نادم على فعلته، وان هدفه طرد المهاجرين والانتقام من المسلمين لما فعلوه في القرون السابقة، على حد زعمه.
وتوج جريمته الارهابية الشنيعة بالقول "إنه يتمنى أن يستطيع قتل أكبر عدد ممكن من المهاجرين وإنه يدعم الرئيس الاميركي دونالد ترامب كرمز للهوية البيضاء المتجددة والهدف المشترك". ليكون هذا الهجوم الارهابي هو احد إفرازات سياسة ترامب و"الاسلام فوبيا" في العالم.
وفي نظرة عابرة على تفاصيل الجريمة والتحضيرات التي سبقتها ينكشف للمتتبع أن الجريمة جاءت مع سابق اصرار، وبدعم رسمي من الجهات المعنية خاصة اذا ما أخذنا بنظر الإعتبار النقاط التالية:
أولا- أن منفذ الجريمة كان قد بث فيلما أكد فيه يريد الإنتقام من الجالية المسلمة المقيمة في نيوزيلندا بسلاحه الشخصي الذي لوحه به في الفيلم، وكان السلاح رشاش آلي من صنع كيان الإحتلال الإسرائيلي،
ثانيا- أن الجريمة تم تنفيذها على يد استرالي مقيم في نيوزيلندا، وينحدر من أبوين متصهينين، علما أن نيوزيلندا ألغت تطبيق حكم الإعدام على المجرمين عام 2007، فيما سبقتها استراليا بنفس الخطوة بعامين أي أنها الغت عقوبة الإعدام ضد المجرمين عام 2005، كي يكون المنفذ في مأمن من الإعدام في البلد الذي تتم فيه الجريمة وفي بلده الأم.
ثالثا- قام منفذ الجريمة العضو في الحركة الماسونية الممهدة للصهيونية العالمية، بتصوير فعلته الشنيعة وبثها مباشرة على الهواء عبر الشبكة العنكبوتية، كما يفعله الماسونيون وعبدة الشيطان لدى ذبحهم الأطفال الأبرياء وتقديمهم قرابين للشيطان. وقد حصل تنفيذ الجريمة على ارض نيوزلندا وهي من الدول التي تحارب الاسلام واغلب مسؤليها منتمين للماسونية.
رابعا- قبل تنفيذ الجريمة قام منفذه بزرع ١٢ قنبلة بالمنطقة التي تحيط بالمسجد وربطها بآلة التفجير عبر جوال يتمكن التحكم بالآلة عن بعد، لإيقاع أكبر عدد من الشهداء بعد أن اختار توقيت تنفيذ الجريمة في وقت أداء صلاة الجمعة ليكون أكبر عدد من المصلين داخل باحة المسجد. والمثير للتساؤل عن سبب غياب الشرطة المحلية، هو ان وقت اطلاق النار استمر لـ ١٧ دقيقية و٤ ثواني، اي فترة كافية لسرعة لوصول الشرطة لمنطقة الجريمة التي لاتبعد عن المسجد سوى كيلومترين فقط!!!...
خامسا- الأكثر من كل ذلك خلال الفيديو المأساوي الذي بثه السفاح، ظهرت لقطة أثناء تبديله للسلاح عقب عودته لسيارته، أنه كان ينوي إستخدام غالونين كبيرين من البنزين لإشعال المسجد بكامله وبداخله المصلون الضحايا والمصابون، إلا أن حقده حمله لتغيير السلاح والعودة للمصليين مرة أخرى للقضاء على المصابين، عسى أن يشفي غليل حقده الدفين ضد المسلمين.
هذه التفاصيل التي قلما تم التطرق اليها في الإعلام، وخاصة الإعلام "الرسمي" الغربي، تكفي للتعرف على المزيد من الأحقاد الدفينة والمؤامرات التي يخطط لها العالمي الإستكباري للإنقضاض على الاسلام و المسلمين في كل ارجاء المعمورة ودون تمييز بين مذهب ومذهب.
فالمراقبون يرون ان الحملة الشعواء التي بدأها سمسار البيت الأبيض دونالد ترامب منذ تسلمه السلطة ضد المهاجرين والمهاجرين المسلمين بالتحديد، أعادت نفس الإسطوانة الغربية المشروخة للتمييز العنصري، بحيث انه بات لايقبل دخول مواطنين من القارة الامريكية نفسها(المكزيك) الى الولايات المتحدة الأمريكية.
والدليل الآخر على ان المجزرة الشنيعة كانت نتاجا لسياسات ترامب وخطاباته العنصرية، هو استحسان مرتكب الجريمة لأقوال ترامب العنصرية في منع المهاجرين من الدخول الى بلاده، والأكبر من ذلك تماشي الساسة الغربيين مع الجريمة، بحيث لم يشيروا ولا بحرف واحد الى هوية الضحايا، علما ان الجريمة وقعت في مسجد للمسلمين، وأن كل الضحايا والمصابين هم من بين المسلمين.
وإكتفى الغربيون بتقديم التعازي لنيوزيلندا حكومة وشعبا، دون أي ذكر للمسلمين أو الجالية الإسلامية في نيوزيلندا. وكان ذلك واضحا في تصريحات كبار المسؤولين الأمريكيين والفرنسيين والألمانيين والبريطانيين وأمين عام حلف الناتو و... .
ويرى المراقبون أن المرور العربي الرسمي الخجول على الجريمة النكراء، يأتي من باب الإضطرار فقط، لأنهم لاخيار لهم في التعليق على ذلك، خاصة وإن الاسلوب الذي تم تطبيقه خلال الجريمة هو من نفس النوع الذي تتبعه عصاباتهم الإرهابية التي اسسوها بأموال البترودولار بالتعاون مع سدنتهم في البيت الأبيض، حسب اعتراف رئيسه السابق الاسود، ووزيرة خارجيته العجوز الشقراء.
ويبقى التكريم للمواقف المشرفة التي وقفت وقفة انسانية، لتتضامن مع عوائل الضحايا بكل ما للكلمة من معنى، وعلى رأسها مواقف الجمهورية الإسلامية التي أدان رئيسها الدكتور حسن روحاني بشدة الجريمة الارهابية المروعة في نيوزيلندا، واعتبرها مؤشرا اخر على ضرورة التصدي الشامل لظاهرة الإرهاب وبث الكراهیة تجاه الادیان والقومیات وكذلك الاسلاموفوبیا الرائجة في الغرب والتي للاسف یتم النفخ فیها من قبل بعض الحكومات الغربیة ایضا.
وبدوره أدان رئيس مجلس الشورى الاسلامي علي لاريجاني في برقية تعزية وجهها الجمعة لنظيره النيوزيلندي "تروفر مالارد"، الحادث الارهابي الذي استهدف المصلين في مسجدين في نيوزيلندا مؤكدا أن الجريمة تذكّر مرة اخري بضرورة اليقظة وتعاون جميع الدول في مكافحة الارهاب وتاتي تاكيدا لحقيقة انه من دون تجفيف الجذور الفكرية للجماعات الارهابية لن يتحقق السلام والاستقرار في اي منطقة من العالم.
كما ان وزیر الخارجیة الایراني محمد جواد ظریف شجب الهجوم الارهابي ضد المسلمین في نیوزیلندا، ودعى الى عقد اجتماع طارئ لمنظمة التعاون الاسلامي لاتخاذ الموقف المناسب ازاء هذه الجریمة المروعة،من خلال اتصاله بنظیره التركي "مولود جاویش اوغلو" هاتفيا مساء الجمعة، ليؤكد ضرورة عقد اجتماع طارئ وعاجل على مستوى الرؤساء او وزراء الخارجیة في ضوء هذه الجریمة الارهابیة التي ارتكبت في نیوزیلندا، وتجاوزات الجنود الصهاینة على المسجد الاقصی.
يبقى على المؤسسات المعنية بالحريات وحقوق الإنسان إعادة النظر في سلوكياتها، وعدم إتباع سياسة ترامب العنصرية والسكوت امام مثل هذه الجرائم، فإن غضب الشعوب إذا ما إشتعل فتيله، فإن لهيب نيرانه لن يبقي ولا يذر، والأيام بيننا.