قبل 5 سنە
ميشيل كلاغاصي
442 قراءة

سقوط الإدعاءات الأمريكية وذرائع “حماية” الأرض والبشر

لأجل “حماية” الأرض والبشر … ترامب يحاصر لاجئي الركبان ويمنع عودتهم ويقصف مدنيي الباغوز بالفوسفور الأبيض، وينتشل دواعشه بالطائرات والحافلات المكيفة، وأردوغان ماضٍ بدعم الإرهاب والإحتلال والتتريك وبالسعي لإقامة المنطقة الاّمنة، أما “قسد” فتتجاهل الطعنة الأمريكية الأولى في الظهر، وقد تفاجئها الطعنة الثانية، فيما “مسد” تجوب العواصم بحثا ًعن تأييد الإنفصال…. وكل هذا لأجل “حماية” الأرض والبشر …!

من خلال تتبع سياق العدوان الأمريكي والدولي والإقليمي والإرهابي على سوريا، في ظل النظام الدولي التابع والخاضع للهيمنة الأمريكية، يتضح أنها تقدمت عبر مسالك وإعتبارات بعيدة تماما ًعن المسارات القانونية، واعتمدت كافة الإعتبارات السياسية التي تبيح لها اتخاذ إجراءاتٍ عسكرية تحقق لها غاياتها وأهدافها من الحرب على سوريا.

وفي هذا السياق اعتمدت إستراتيجيتها على ملفاتٍ توثقها جهاتٌ دولية تدعم مزاعمها في شيطنة الدولة السورية وإتهامها بإرتكاب المخالفات والجرائم بحق الإنسانية، لتشرعن لنفسها الأسس القانونية التي تجيز وتبرر عدوانها تحت عنوان “حماية المدنيين”، وتبقى الاعتبارات والمسالك السياسية بمثابة رصفٌ أوتوماتيكي لأحجار البناء على الأساس القانوني…. وبذلك يبدو وجودها (إحتلالها) على الأرض السورية لأجل هدفٍ إنساني ولحماية البشر.

لذلك احتاجت وعبر أدواتها الإرهابية, وعديد المنظمات الإنسانية المسيسة ومنظمات حقوق الإنسان واللجان الأممية, ولجان تقصي الحقائق, ومنظمات حظر الأسلحة الكيماوية … إلخ, إلى مراكمة ملفات “الجرائم” التي تنسبها إلى الدولة السورية للنيل من شرعيتها, وكان لا بد لها من استخدام التضليل الإعلامي ومسرحيات الكيماوي والصور المزيفة التي تُثبت تعذيب البشر وقلع الأظافر واستخدام الأسلحة المحرمة دوليا ً, وكافة الممارسات التي يعاقب عليها القانون الدولي, واحتاجت إلى قوى مسلحة تحتل الأرض, وإلى مخيمات وأماكن لتجميع البشر بعيدا ًعن متناول دولتهم بهدف “حمايتهم”.

وقد بات معروفا ً أن المخيمات بُنيت على الحدود وفي دول الجوار قبل بدء العدوان، ودُربت الكوادر على تصوير الفبركات، وأُنشأت فرق الإنقاذ الوهمي – الخوذ البيضاء -من عناصر إرهابية تابعة لجبهة النصرة، واعتمدت الأمم المتحدة صورهم وتقاريرهم المزيفة، ونَسبت جرائمهم التي ارتكبوها بحق المدنيين إلى الجيش والدولة السورية.

عشرات ومئات التقارير المزيفة قُدمت إلى مجلس الأمن كمشاريع قرارتٍ لإتهام وإدانة الدولة السورية, ومئات الصور والأفلام المفبركة عُرضت في قاعات الأمم المتحدة, وأُهملت أدلة الدولة السورية والشهادات الحية التي قدمها المواطنون السوريون في لاهاي, وأُطلقت عشرات التهديدات للدولة ورُسمت عشرات الخطوط الحمراء أمام دمشق, فيما حملت رقيقة القلب إيفانكا ترامب صورا ً مزيفة إلى والدها الذي ذرفت عيناه دموع الإنسانية, وأمر بإطلاق مئات الصواريخ والقذائف الصاروخية على عشرات المواقع السورية المدنية والعسكرية وبشكلٍ عشوائي, راح ضحيتها مئات الأبرياء… هو ذاته القلب الحنون الذي انتشل دواعشه عبر الحوامات والحافلات المكيفة, والذي عاقب المدنيين في الرقة ودير الزور والباغوز وغير مكان بقنابل الفوسفور الأبيض المحرمة دوليا ً لأنهم وقفوا مع دولتهم.

ومع الوقت، ومع استمرار الإرهابيين بسرقة المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين في المخيمات ودول اللجوء بأوامر أمريكية، أصيب اللصوص بالتخمة، فيما عانى اللاجئون من البرد والمرض وسرقة الأعضاء وتعرضوا إلى شتى أنواع الإعتداءات التي يندى لها جبين الإنسانية … أمورٌ أدت بمجملها إلى تدهور حالة اللاجئين، ما استدعى مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق في تلك الإنتهاكات، والتي خرجت بعشرات التقارير المزيفة والتي ادعت مسؤولية الدولة السورية ومنعها أو تقصيرها بتقديم المساعدات.

لم يعرف التاريخ ظلما ً أبشع مما تعرض له السوريون والدولة السورية وعناصر الجيش العربي السوري، جراء الإعتداءات الإرهابية والعدوان العسكري، والهجوم الدبلوماسي، وعشرات الجلسات في مجلس الأمن، حتى أصبح العنوان السوري طبقا ً دائما ًعلى مائدة الوحوش في المحافل الأممية … أشياءٌ لا تُصدق، حربٌ قاسية، كانت مادتها الأساسية الأرض والبشر في قاموس الدجل والنفاق الأمريكي.

ولا بد من الإشارة إلى تهرب الرئيس ترامب من الإتفاق في قمة هلسنكي مع الرئيس بوتين، على خطة عاجلة تتضمن عودة 1.7 مليون لاجئ سوري إلى مناطق سيطرة الدولة، ما يؤكد أن أمريكا لا تزال تسعى إلى البقاء على الرغم من إعلان الرئيس ترامب بدء إنسحاب قواته العسكرية، وبات من الواضح أنها لا تنوي الإنسحاب ولا تنوي التخلي عن قاعدة التنف والقواعد المحيطة بها، وأنها لا تزال تتمسك بملف اللاجئين في مخيم الركبان وتمنع عودتهم إلى وطنهم وإلى مناطقهم الاّمنة التي استعادها الجيش وأعاد إليها الأمن والأمان والإستقرار،

لقد تحول مخيم الركبان بفضل الهمجية الأمريكية إلى ما يشبه “معسكرات الإعتقال الفاشية والألمانية” –بحسب رئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما الروسي “فلاديمير شامانوف”، الذي عبر عن استياء موسكو الشديد وبأن: “روسيا لن تنظر إلى ذلك بعدم الإكتراث بعد اليوم” في إشارةٍ صريحة إلى الممارسات الوحشية التي يتعرض لها اللاجئون في المخيم وعمليات القتل والتعذيب التي يتعرضون لها، واستمرارها بإحتجازهم كرهائن ودروع حية وأدوات لتنفيذ سياساتها العدائية ضد الدولة والشعب السوري.

كذلك قيام سفير روسيا في الولايات المتحدة “أناتولي أنطونوف” بدعوة واشنطن للتعاون من أجل “إنهاء معاناة المهجرين وعدم إستغلال أوضاعهم الإنسانية”… فيما أكدت المتحدثة ماريا زاخاروفا أن: “وجود قواتٍ أجنبية في سوريا يعيق عودة المهجرين”, وأكدت على دور سوريا الهام في حل قضايا المنطقة, وبذلك أشارت إلى المشاكل التي تعاني منها تركيا ولبنان والأردن بما يتعلق بالوضع الإنساني للاجئين وضرورة عودة إلى وطنهم, في الوقت الذي تضغط فيه واشنطن وحلفائها على الحكومة اللبنانية عبر موفديها المتعاقبين ولم تكن أنجيلا ميركل أولهم ولن يكون ديفيد ساترفيلد اّخرهم , وبالإعتماد على عملائها في الداخل اللبناني اللذين يعيقون ويمنعون عودة اللاجئين والنازحين, في الوقت الذي أعلن فيه الرئيس ميشال عون دعمه لعودتهم دون شروط ودون إنتظار لحين إيجاد الحل السياسي … كذلك قامت الحكومة الأردنية بمنع دخول اللاجئين إلى الأراضي الأردنية بهدف توجيههم نحو وطنهم والعودة إلى بيوتهم التي خرجوا منها.

كذلك شكل مخيم الركبان محورا ً أساسيا ً لبحث الرئيس فلاديمير بوتين مع الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الروسي، حيث تم التأكيد على استمرار موسكو بمطالبة واشنطن بإخلاء سبيل المهجرين السوريين اللذين تحتجزهم قسرا ً وتمنعهم من العودة الاّمنة بهدف تبرير وجودها اللاشرعي في سوريا.

وتبقى مأساة المهجرين في مخيم الركبان بمثابة شاهدٍ ودليلٍ جديد على وحشية وعدائية وعدوان الولايات المتحدة على سوريا، ويكشف زيف إدعاءاتها وتشدقها حيال الحرية وحقوق الإنسان، ويقوّض أهدافها وأسباب وجودها اللاشرعي في سوريا تحت ذريعة حماية المدنيين … في الوقت الذي قامت فيه الدولة السورية بالتعاون مع روسيا بفتح ممراتٍ اّمنة وبتأمين كافة الوسائل والإمكانات التي تضمن إنتقال ووصول اللاجئين إلى مناطق مستقرة، ووصول المساعدات إليهم في محيط التنف.

وبعد ثماني سنوات للحرب على سوريا، وبعد الإنتصارات الكبرى التي حققها الجيش العربي السوري وحلفاء الدولة والشعب السوري، تأكد للقاصي والداني أن حماية الأرض والبشر كانت ولا زالت المهمة والواجب الوطني المقدس الذي قامت به الدولة السورية تجاه حماية أراضيها ومواطنيها، ولم يقم بها أحدٌ سواها…. وسقطت أمام إنتصاراتها أضاليل وإدعاءات “حماية” المدنيين.

لقد فقدت واشنطن كل مبررات تواحدها اللاشرعي على الأراضي السورية، ولم يعد يجدي نفعا ًوعد ترامب بإعلان النصر على “داعش” فلا يزال يحتاجهم للبقاء في غير ساحات … وعلى الرئيس التركي أن يتوقف عن دعم الإرهابيين وأن يتصرف كدولةٍ ضامنة للحل، وأن تتجه “قسد” نحو الحوار الحقيقي مع الدولة السورية، فقطار النصر السوري لن ينتظر أحدا ً.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP