ما ورائيات القمم الدولية “وارسو وسوتشي”
صراعات سياسية كثيرة حدثت خلال الحرب السورية، وأقول السورية لأنها كانت الأساس للمخطط الصهيو امريكي، لتتبعها حرب اليمن، حيث أن الدول المشاركة في الحروب على اليمن وسوريا هي نفسها، ولكن الاختلاف في تعداد الدول الغازية، لتعمد امريكا خلال سياستها الشيطانية في الشرق الاوسط إلى الحرب الناعمة، عبر اتخاذ اجراءات قسرية احادية الجانب، ولتبدأ بالتزامن حربها الاقتصادية على روسيا وإيران، الحليفان القويان اللذان يشغُلان الوساطة مع الأطراف المعادية للدولة السورية، لكن سياسة الإدارة الترامبية اتخذت على عاتقها الكيل بمكيالين، وذلك حسب مقتضيات المرحلة التي تمر بها.
لكن ما حدث من وقائع على الارض السورية، رغم ان المنهجية التي اتبعتها امريكا وحلفاؤها وأدواتها، كانت تحمل في جعبتها الكثير من الادوار، بدءً من انتشار الإرهابيين وعمليات القتل والتدمير الممنهج للبنى التحتية، إلى اصطناع منظمة الخوذ البيضاء لتكون الشماعة التي تعلق عليها اهدافها المزيفة، ولتبدأ بفبركة الحقائق عبر مسرحيات الكيماوي وخصوصا مع تزامن فشل أدواتها على الارض، وضيق المساحة المتبقية لها، والغريب انه رغم انكشاف امر الخوذ البيضاء، إلا ان واشنطن مستمرة في التعويل عليها، وهذا بحد ذاته دليل فشل الأمم المتحدة ومجلس الامن في ردع ترامب.
الوضع الميداني السوري في المناطق المحررة تحت السيطرة، ولكن الورقة الكردية في الشمال والشمال الشرقي شكلت نتيجة تعنت بعض الاكراد في تسوية الأمر، والتي وجد منها التركي ذريعة للتدخل العلني، لان الاكراد يشكلون تهديدا لأمن تركيا القومي حسب زعمه، لتبقى مسالة إدلب رغم مؤتمري استانا وسوتشي على حالها.
امريكا تعلن انسحاب قواتها من سوريا، ولكنها تُبقي زمن الانسحاب غامضا.
أردوغان يستغل أمر الكرد والانسحاب الامريكي ليماطل في تنفيذ البنود المتفق عليها مع روسيا وايران.
في خضم التطورات التي شهدتها الساحة السورية الشمالية والشمالية الشرقية، انعقد مؤتمر سوتشي الرابع في موسكو، تزامنا مع قمة وارسو للسلام والامن في الشرق الاوسط.
سوتشي عُقد بين الدول الثلاث الضامنة للحل السياسي في سوريا، أما وارسو عُقد بمشاركة 60 دولة لتصفية القضية الفلسطينية، لا لمحاربة إيران فقط، فقد اصبحت هذه الجمهورية الإسلامية في إيران شبحاً يُهدد دول العالم، لان امريكا أمرت بذلك، لكن في طيات محاربة إيران تكمن مخططات استخباراتية أوسع للقضاء على محور المقاومة ككل، فالإيعازات التي انطلقت من اسرائيل، والمؤشرات الناتجة من الحرب على سوريا واليمن والعراق، أثبتت أن محور المقاومة يتعام قوةً و تشبيكاً، ولم يتم النيل منه كما كان متوقعا، لتتسارع حدة التصريحات السياسية بين الدول وفتح ملفات سياسية تحاول بها امريكا النيل من روسيا وإيران عبر تشويه التزامات هذه الدول اي روسيا وإيران، فيما يخص معاهدات الصواريخ او الملفات النووية، لتتوسع امريكا في طموحاتها وتصل إلى استملاك العراق ارضا ونفطا، لعلها توقف ممراً لإيران، و تواصلا يبدأ من طهران مرورا بالعراق و سوريا، وصولاً إلى لبنان.
اسرائيل تجد في بعض العربان ممن يولونها الطاعة مداسا للعبور والتوسع، على الرغم من يقينهم بأن الوجود الإسرائيلي على الارض الفلسطينية غير شرعي، لكنهم يقدمون فروضهم للأمريكي مرغمين صاغرين.
الحقائق المزيفة قد انجلت خلال السنوات الثمان للحرب على سوريا واليمن، وما تبعه من تحركات إن كان على صعيد الرؤساء أو المنظمات، أو التصريحات وهي كثيرة خلال هذه السنوات، حيث أن سوريا والعراق واليمن و لبنان، بلاد مقاومة، ولولا الخذلان العربي واجتماعهم مع الغرب ضد اهلهم العرب، لما حدث كل هذا، والمفارقة الكبيرة انه رغم تفنيد كل السيناريوهات، مازالت بعض الدول العربية ترضخ للأمريكي والصهيوني، وهذا دليل تشتت وضعف كبير، و يُنذر بتطورات و المزيد من التعقيدات على المستويين الإقليمي و الدولي، فقد استطاعت هذه المؤامرة الاستعمارية الأمريكية الصهيونية، ان تجذب حكام الخليج لركب السياسة الأمريكية، لتبقى ما ورائيات القمم رهنٌ بالتطورات التي سيفرضها محور المقاومة ككل.