قبل 6 سنە
نارام سرجون
507 قراءة

اين المعارضة السورية ؟؟ هل تبخرت ؟؟

مهما انسجم الممثل في دور البطولة فانه لايمكن ان يكون ذلك البطل .. وخاصة عندما يجسد سيرة حياة بطل حقيقي ويلبس ثيابه ويقول كلامه المنسوب اليه أو شعره او خطاباته او بياناته ويغير على الكتائب والفرسان ووجهه غاضب محتقن بالبأس .. وما ان ينتهي التصوير ويخلع ثياب الفرسان ويؤخذ منه الصولجان والسيف حتى يعود الينا بلا فروسية ولاملك .. ويعود الى حقيقته حيث لا درع ولاشجاعة .. وفي سنوات ما يسمى الربيع العربي كنا نتابع مشاهد تمثيلية لممثل يلعب دور البطولة لفارس قادم من المستقبل اسمه المعارضة السورية التي ستطيح بكل فرسان المنطقة ..

وهؤلاء الممثلون لأدوار البطولة والفروسية لم تجعلهم الادوار والعدسات ابطالا ولا فرسانا في قلوبهم وعقولهم ومواقفهم .. فليس كل من ارتدى الدروع وحمل السيوف والرماح وامتطى الصهوات صار فارسا .. فالفروسية شيء ينمو في القلب ويسري مع الدم وتضوع من المواقف والأخلاق كما العطر من الورد وتسيل كما العسل من فم النحل ..

فأين هي المعارضة السورية فارسة الفرسان ؟؟ اين اختفت وتبخرت؟ وهي التي كانت مصابة باسهال التصريحات والتهديدات والرفض والعناد؟ هل لاتزال موجودة أم هي في الظل ام انها تاهت في الدنيا وضاعت؟؟ .. هل ان الصوت الخافت الصادر عنها هذه الايام سببه انني لا ابحث عنها لأنني اعتبر ان من الافضل ان اسمع للقضايا من مصادرها الرئيسية وعواصمها الرئيسية؟؟ .. وربما انني شخصيا افضل دوما ان اسمع اللحن والعزف من العازف الأول وليس من جوقة المقلدين والمرددين الهواة .. وكنت دوما أفضل أن أشرب من النبع وليس من الباعة المتجولين والسقائين .. لذا فانني كنت أتجاهل المعارضات العربية لأنها أصداء مجوفة وطبول فارغة .. فما يقوله اردوغان يغنيني عن سماع كل المعارضة وماكان يقوله عادل الجبير او تميم او حمد او نتنياهو او ماكرون او ديفيد كاميرون وتيريزا ماي او اي سفير امريكي .. يجعل الاستماع للمعارضة اضاعة للوقت لأنهم الصدى الاجوف وفرسان المشاهد التمثيلية .. فمنذ ان بدأت المعارضات العربية مشروع التعاون مع الاستعمار كان من المؤكد انني لن استمع الى خطاباتها التي لم تكن الا صدى لما يقال في مؤسسات الحكم الغربية وغرف المخابرات الدولية ..

أما اليوم فاننا نفتقد الطبول والصنجات للمعارضة السورية التي كانت تدق بصخب وبألحان وضجبج متنوع وتخفي خلفها أصوات العزف الغربي لأوبرا الربيع العربي .. اوبرا الموت والرعب ..

فقد اعلن الامريكيون عن نيتهم الخروج من سوريا وقامت الدنيا ولم تقعد حتى في بيت ترامب وغرفة نومه .. ولكنني لم اسمع باجتماع طارئ للجنة ثورية او لمجلس وطني وهيئات معارضة لوضع خطة للحلول محل الاميريكيين لأن مسؤولية الثائر هي كل الوطن .. ولأنهم ثاروا من أجل الجميع في الوطن وليس من اجل بعض الوطن .. ومنذ شهور عندما تم تحرير درعا والجنوب سمعنا بعضم يقول "الثورة مستمرة" ولو لمئة سنة اخرى .. وكأن تلك الارض التي سيغادرها الامريكان في الشرق ليست سوريا او انها ليست في مجال عمل واهتمام الثوار .. وسكانها لايحتاجون الحرية والديمقراطية التي صنعها الثوار بدمائهم .. ولم يصدر موقف يوضح موقف الثورجيين من الجدال التركي الكوردي وكأن الأرض ليست ارضا سورية بل تركية .. وهو لا يشبه الصمت الرسمي للحكومة السورية التي تعني بالصمت انها قالت كلمتها سلفا ومنذ عام 2011 وهي ان الارض كلها سورية وهي لاتقبل باي وجود غير شرعي على اراضيها .. وليس هناك من داع لاعادة التذكير ببيان قيل عشرة آلاف مرة حتى اليوم ..

المعارضة السورية تبخرت وأبطالها غابوا او وقعوا في غيبوبة .. او انهم في رحلة البحث عن تدخل اجنبي وصلوا الى القطب الجنوبي ليسألوا البطاريق عن مساعدة ثورتهم بعد ان خذلهم العالم .. اين هو كيلو وغليون والخطيب والمحيسني والعريفي السعودي والجولاني واين هو العرعور وقضماني والأتاسي وووو ؟؟.. كل هؤلاء أكلت القطط ألسنتهم .. او انهم باعوا شرق الفرات لتركيا كما باع غليون والمعارضة العلمانية الجولان لنتنياهو بذريعة ان الاسد عدو اسرائيل والشعب السوري وان المعارضة ستهدم النزاع مع الاسرائيليين وتسويه بتنازل عن الجولان .. وكما باع الشقفة لواء اسكندرون لاردوغان فانه يبدو انه باع شرق الفرات له أيضا طالما انها أهلية محلية .. مسلمون يبيعون لمسلمين .. ورعايا عثمانيون يبيعون للخليفة أرضه ..

المعارضون في الحقيقة لم يصمتوا .. لكنهم مشغولون بشيء آخر .. انهم منشغلون بلعن ترامب وشتمه والتبشير بخراب امريكا لأن ترامب يقود امريكا الى الهلاك والسقوط .. لأن الطريقة الوحيدة لانقاذ عظمة امريكا هي ان يتابع الاميريكون احتلال سوريا ومحاصرة ايران وحزب الله والشرق نكاية بالأسد .. اما خروجهم منها فانه خروج من الأخلاق العظيمة والمكانة العظيمة .. لم تسقط امريكا في نظرهم بسبب اهداء القدس للاسرائيليين كعاصمة للدولة اليهودية .. بل امريكا سيسقطها ترامب بخروجه من سوريا وترك المعارضة واسرائيل لمصيرهما ..

من يسمع للاخوان المسلمين وأبواقهم الاعلامية المستترة وغيرها يلحظ رغبة في الانتقام من ترامب لأنه بعد اليوم لا يجد جدوى من احتلال ارضهم .. وهم يفضلون الاحتلال على الاستقلال طالما ان الاستقلال لا يعني وصولهم الى السلطة ..
هؤلاء صاروا يكرهون كل شيء في الوجود لانهم استعملوا كل شيء في الوجود ولم يصلوا الى السلطة .. كرهوا ترامب وكرهوا الغرب وكرهوا روسيا والصين والسيسي وايران والعراق .. وكرهوا الملائكة التي حاربت معهم ولكنها انسحبت الى السماء قبل ان تسلمهم السلطة .. وصاروا يكرهون الله نفسه انه لم يمدهم بنصر من عنده ولم يأخذ بلدهم وجيشهم أخذ عزيز مقتدر ..

هؤلاء لا نريد ان نشتمهم بل نتمنى لهم ان يعيشوا في منافيهم في حسرة الى ان يتحولوا الى محنطات وتحولهم كراهيتم الى حجارة يمر بها الناس .. وان يبقوا درسا للانسانية كلها .. وكما تحولت قصص القدامى الحقيقية الى أساطير اغريقية واساطير كنعانية وبابلية روت لنا القصص عن الشجعان والفرسان وعن الجبناء والخونة والغدارين واللصوص الذين تصارعوا مع الشجعان وطعنوهم وقاتلوهم وكمنوا لهم في الطرقات ودسوا لهم السم والعقارب ورموا بالافاعي في قدورهم وآبارهم .. وصاروا حكايات ترويها الاجيال والتراث الانساني على شكل اسطورة وحجارة كانت من لحم ودم وغضبت عليها الالهة فحولتها الى مخلوقات شريرة وكانوا في الاسطورة ثيرانا او تيوسا ووحوشا وخنازير برية .. ولكنهم هزموا ودفنوا او غرقوا او احترقوا أو تحولوا الى حجارة .. ان القصص القديمة للانسان ليست اساطير بل هي نشرات أخبار الصراعات البشرية التي كانت تنقل للاجيال بهذه الوسائط الاخبارية الميثولوجية البديعة كي ترسخ كدروس في الذاكرة لاتنسى وتكون ملكا للانسانية كلها .. ارجعوا الى كل أساطير كنعان واليونان وبابل .. ستجدون انها صراعات تاريخية .. ارتدت ثياب الحكايات .. فالاساطير هي طريقة قديمة لكتابة التاريخ .. وحكاياتنا السورية سترتديها الانسانية كدروس عن الالهة التي كانت بشرا من لحم ودم وصعدت شهداء الى السماء .. وتحكي ايضا فصولا عن الخونة والجبناء وقطاع الطرق الذين يريدون احتلال بلادهم اما من قبل الاتراك او الامريكان او الاسرائيليين .. وهؤلاء ستحولهم الحكايات الى غرقى وطيور قبيحة والى حجارة وتيوس وثيران .. ودواب غريبة كثيفة الشعر وطويلة القرون .. والى شيطان يرجم .. ويرمى بالحصى في مواسم الحج ..

A.K

 

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP