التطبيع الخليجي الإسرائيلي: من السرّ إلى العلن
تترقب البحرين زيارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأيام المقبلة. هذه الزيارة وُصفت في الإعلام الإسرائيلي بأنها إشارة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى استعداده لإنهاء مقاطعة إسرائيل في العلن.
معلق الشؤون السياسية في القناة العاشرة باراك رابيد كان قد قال إن "أي شرط للتقدم مع الفلسطينيين يقابله أي تقارب مع دولة عربية، ونتنياهو يتحدث عن دولة عربية أخرى سيجتمع مع زعيمها قريباً وانا أقدر بشكل شخصي هي البحرين"، مضيفاً أن "كل شيء تقوم به السعودية مع إسرائيل بهدوء، تقوم به البحرين علناً وهي تتقدم على السعودية بخطواتها مع إسرائيل".
بالتزامن، استضاف ولي العهد السعودي الخميس وفداً من المسيحيين الإنجيليين في الرياض، وترأس المجموعة الكاتب والناشط الإسرائيلي جويل روزنبرغ، ومؤسس جمعية أصدقاء متحف صهيون في القدس مايك إيفانز بالإضافة إلى مشاركين آخرين، وفق ما نقلته جيروزليم بوست التي وصفت اللقاء بـ "الخطوة التاريخية".
أعضاء الوفد أعربوا في بيان عن سرورهم بالدعوة التي وُجّهت إليهم منذ أكثر من شهرين من قبل المملكة العربية السعودية. وقالوا إنه "لا شك أنه موسم تغير هائل في الشرق الأوسط، ولذلك كنّا ممتنين لفرصة أن نلتقي وجهاً لوجه مع قادة عرب مركزيين لفهم أهدافهم وطرح الأسئلة المباشرة. ونحن نتطلع إلى البناء على هذه العلاقات ومواصلة الحوار".
في الأسبوع الماضي، زارت ثلاثة وفود إسرائيلية الخليج العربي، أبرزها زيارة نتنياهو سلطنة عمان ولقاءه سلطانها قابوس بن سعيد في مسقط برفقة زوجته، حيث تناول اللقاء سبل دفع "عملية السلام" في الشرق الأوسط وفق ما قاله نتنياهو على صفحته على تويتر.
ولم تكتفِ سلطنة عمان هنا، بل استقبلت أيضاً فريقاً إعلامياً إسرائيلياً، وصل إلى مسقط لأخذ آراء الناس بالتطبيع والعلاقة مع إسرائيل. ووفق ما قالته وسائل إعلام إسرائيلية فالفريق تم استقباله بالترحاب، وتحدث مع الكثير من الناس ولم يخف هويته الإسرائيلية.
صحافي ممن رافقوا نتنياهو إلى عمان قال إن "من يقف وراء هذه الثمرة الدبلوماسية بين إسرائيل والعالم المسلم هو رئيس الموساد، يوسي كوهِن، الذي رافق نتنياهو في زيارته إلى مسقط، كوهن يعمّق كثيراً التعاونات السرّية بين إسرائيل ودول ليس لها علاقات دبلوماسية معها، ويعزز الحلف الإقليمي بين إسرائيل والدول السُنّيّة – وهو حلف أُقيم بسبب الخشية الثقيلة للسعودية ودول الخليج ودول سُنّية أخرى من التمدد الإيراني".
الصحافي أضاف إن "زيارات كزيارة عُمان، والوفد الإسرائيلي الذي زار مؤخراً تشاد سرّاً، وإقامة علاقات مع أذربيجان، هم مجرد رأس جبل الجليد الذي يزداد ضخامة وانتفاخاً تحت المياه".
أيضاً، في الإمارات، استُقبلت وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف على رأس وفد رياضي إسرائيلي في أبو ظبي، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن ريغيف أن "المشاركة في البطولة في الإمارات قرار تاريخي له دلالات بعيدة المدى، وفاتحة لما بعدها".
وكانت الإمارات قد خطت في وقت سابق خطوة جديدة نحو التطبيع الرياضي مع اسرائيل، حيث أقيمت مباراة في أيار/ مايو الماضي بين منتخبها للسيدات مع نظيره الإسرائيلي في بطولة أوروبا المفتوحة للـ "النت بول" أو كرة الشبكة.
المسلسل التطبيعي العلني يستمر في العاصمة القطرية الدوحة، حيث استقبلت أيضاً وفداً رياضياً إسرائيلياً في الأسبوع نفسه للمشاركة في بطولة العالم للجمباز الإيقاعي. ويشارك 8 لاعبين في البطولة، منهم أحد ضباط جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تطبع قطر علاقاتها مع إسرائيل عبر نشاطاتها الرياضية، فقد سبق ذلك، استضافة الدوحة فريقاً إسرائيلياً في بطولة العالم المدرسية لكرة اليد.
نجد دائماً في خطابات نتنياهو وتصريحاته، تمهيدا لما يخفى تحت الطاولة العربية الإسرائيلية، وجاء في آخر تصريحاته "علاقات الدول العربية بإسرائيل الآن هي في الظل، وإن اليوم الذي سيخرج فيه هذا التعاون إلى النور ليس ببعيد"، وعلى ما يبدو هذا اليوم لم يعد بعيداً أبداً.
وفق وسائل إعلام إسرائيلية تدرك القيادة الإسرائيلية أن "عملية السلام" أو على الأقل المفاوضات بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية يمكن أن تشجع وتحثّ كثيراً على عملية التطبيع مع الدول العربية والعكس صحيح.
في كلمات أخرى، تؤكد هذه الزيارات على أن الخليج على أهبة التطبيع العلني والإعلان الرسمي عن سلامه مع إسرائيل والاعتراف بها كدولة ذات سيادة وأرض وشعب. في الوقت الذي تناست هذه الدول، أن مصافحتها لإسرائيلي أياً كان، هي طريق يعبّد فيها الاحتلال الإسرائيلي طريقه لشرعنة احتلال فلسطين، وبعض الخبراء والمحللين يستنتجون أيضاً أن هذه الزيارات هي مؤشرات حثيثة على مساعي صفقة القرن الأميركية. مما لا شك فيه أن القضية الفلسطينية عادت إلى الأضواء من باب سعي بعض العرب إلى إنهائها، وإن بدا ذلك غير ممكن اليوم لما يراه العالم من عزيمة لدي الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه، ومسيرات العودة في غزة خير دليل، ولعله ليس الوحيد.
D.H