قبل 6 سنە
ميشال كلاغاضي
443 قراءة

الإرهاب يَحزم اّخر حقائبه في سوريا

 

داعش، النصرة، حرّاس الدين، أحرار الشام، جيش الإسلام، الجيش الحر، معارضات مسلحة، معتدلة...إلخ. مبايعات وأسماء تبدأ من أسامة بن لادن والظواهري والبغدادي والجولاني والشيشاني، وتكاد لا تنتهي! ما الذي يحدث؟ هل نحن أمام شخصيات قرّرت من تلقائها تغيير العالم ورسم خرائطه الجديدة على مرأى ومسمع دول العالم؟ وهناك من يريد إقناعنا بأنها تنظيمات وكيانات منفصلة بذاتها وبقراراتها! لا بدّ لنا من مقاربة موضوعية، ويكفي أن نطرح سؤالاً ليصبح دخولنا الى الموضوع مقنعاً.. هل تطابقت أحلام من اعتبروا أنفسهم "شعب الله المختار" مع أحلام التنظيمات الإرهابية أخواتها!؟ وهل تخلّوا عن أحلامهم في إقامة "إسرائيل الكبرى" لصالح أحلام الآخرين!؟ هل هي أحلام الصهاينة أم الإرهابيين؟ وماذا عنّا نحن دول وشعوب المنطقة؟

مخطط ٌ كبير تم رسمه بدقة قبل آلاف السنين في صحراء سيناء وحيث تاه فيها ووراء كثبانها يهود ٌ طُردوا من مصر على يد أهلها ومحرّريها، وعَرَفوا أن المال وحده لا يحمي الرؤوس ولا بدّ من الاستحواذ على الأرض بأية وسيلة وثمن.. فقد خططوا لسرقة الأرض بعد أن وقع اختيارهم على فلسطين، واحتاجوا تحريفاً  للعهد القديم وأوجدوا تلموداً يبرّر لهم سلبها وامتلاكها وإقامة دولتهم المنشودة على أرضها، هدفٌ تطلّب الوقت الطويل والعمل الدؤوب على مدى أكثر من 3000 عام.

ففي أوروبا سعوا لجمع المال والسلاح والتأييد، فانطلقوا كفرسان ونبلاء يدافعون عن الظلم والقهر والفقراء، واستهدفوا المال بحوزة الإقطاع والملوك فسعوا لإسقاطهم وبعثرة أموالهم عبر ثورات شعبية قاتل فيها الناس لأجل "حريتهم وكرامتهم" كعناوين مزيّفة، لقد دعموا حركات التحرّر والأفكار العلمانية.. أرادوها حروباً دينية "مقدّسة" مدعومة ً من الله (خاصتهم) مع أعداء بلا دعم ٍ إلهي ملحدين أو كافرين أو علمانيين، ليحافظوا على تفوّقهم.

وتحرّكوا في ظل ّحكم الكنيسة كرهبان وفرسان، فكانوا قلاعاً داخل الكنيسة واستحضروا طقوس السحر اليهودي القديم "الكابالا" التي تعلّموها من أوثان مصر القديمة، وشنّوا الحملات الصليبية على الشرق وأثخنت سيوفهم رقاب الناس ، خصوصاً في العام 1099 م حيث أريقت الدماء وأغتصبت النساء وملأوا الأرض خوفاً ورعباً ودماً، واحتلوا القدس والمسجد الأقصى لقد دعوا أنفسهم "فرسان المعبد أو الهيكل"، وأسسوا لوجودهم العسكري على أرض فلسطين من جهة، وفي حكم أوروبا من وراء الستار من جهة ٍ أخرى، وكان لابد للعالم من أن ينسى سيوفهم المضرجة بدماء الأبرياء، بعد انكشاف أمرهم وملاحقتهم واعتقالهم في فرنسا، فقرّروا الإختفاء لحين تنسى الناس جرائمهم ووجههم القبيح، ثم عادوا للظهور كمهندسين وأطباء ومحامين وبمظهرٍ جديد وتحت مسمّى "البناؤون الأحرار"  وعلى رأس أهدافهم السيطرة ليس على أوروبا وأميركا فقط بل على العالم كله.

في الشرق الأوسط والعالم العربي.. كان لا بد للأوروبيين من دحر الدولة العثمانية واقنتاص ضعفها، فاحتاجوا نسخة ً إسلامية عربية تحارب النسخة العثمانية فاعتمدوا على كراهية بعض العرب للاحتلال والدولة العثمانية نتيجة التفرقة بين الأتراك والعرب والظلم والقهر والممارسات القمعية التي مارسها الأتراك، الأمر الذي صبّ في صالح الأوروبيين ومهّد لمجيء قواتهم إلى المنطقة العربية. فاعتمدوا على عملاء وضباط استخبارات بريطانيون كـ "لورنس العرب وجون فيلبي" والمصري "حسن البنا"، الذي اعتمدوا عليه لإنشاء حركة الإخوان المسلمين بداية ً في مصر 1928.. وأرادوا تأسيس مهبطا ً رئيسيا ً أبدياً لمصالحهم يَخرج من بيوت وأزقة العرب ويدبّ الفرقة بينهم إلى الأبد، فكان أن ظهرت الأحلام وفسّرت المنامات والرؤى..

أحلام، أساطير، أكاذيب.. "الطاعون" يضرب ضربته؟
الأسطورة الوهّابية وحلم سليمان جد محمّد بن عبد الوهاب الذي رأى شعلةً  تخرج من جسمه فتتخذ شكل عامود من لهب يجوب البوادي ويحرق خيام الصحراء والعشب وسكان المدن.. حلم ٌ فُسّر على أنه رؤيا صالحة وأن ولده سوف يدعو إلى مذهب جديد ويتبعه البدو والحضر. لم تتحقق الرؤيا في ولده عبد الوهاب لهزالته وضعف شخصيته، وتأجل تحقيق الحلم ستين عاماً لتتحقّق في حفيده محمّد بن عبد الوهاب المؤسّس الأول لما بات يعرف بالوهّابية، التي حرقت بالفعل الإنسان والأرض والمعتقدات.

أما "حسن عبد الرحمن محمّد البنا الساعاتي"، والذي جاء بعد أن حلمت والدته وهي حامل به بأنها ستلد طفلاً وعليها أن تسميه أحمد وتحفظّه القرآن، هكذا سار إبن الأربعة أعوام إلى الكتّاب وعاد في التاسعة عشر شيخاً جاهزاً لتفخيخ وتسميم مصر وسوريا ولبنان والعالم العربي ويؤسّس ما دُعي بحركة الإخوان المسلمين.. ومن اللافت للنظر أنه لُقّب بـ "الساعاتي" تلك الحرفة التي عمل بها لبعض الوقت، أما "البنا" فلم يستطع أحدٌ تأكيد أنه أو أحد أسلافه قد عمل في البناء الأمر الذي يتيح المجال لتأكيد إنتمائه الماسوني ورفاقه إلى البناؤون الأحرار، وأن الماسونية وضعت بصمتها على إسمه لتؤكّد أن الحركة من صنائعها.

إبن لادن، الظواهري، البغدادي، الجولاني.. من السذاجة بمكان اعتقاد أن القصة بدأت منذ أحداث أيلول 2001 عندما قام تنظيم القاعدة بتفجير برجيّ التجارة العالميين.. ولا بدّ من ملاحظة أن إبن لادن والظواهري هما ممن تأثرا بتعاليم سيّد قطب وتتلمذا على يده.. الأمر الذي يؤكد الإرتباط الوثيق والرحم الواحد لكافة التنظيمات الإرهابية.

ولا يزال الصهاينة مهتمين بفك رموز الشيفرة في إسم الرئيس باراك أوباما، بما يتوافق مع إحدى النبوءات التلمودية، فيما يقول الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش:" كلّمني الرب وطلب مني دخول العراق"، أما نتنياهو فلا يكاد "ربه" يغادر أحلامه ورؤاه، في قتل الفلسطينيين وإغتصاب أرضهم.. فيما لا يفاجئنا وليّ عهد العرش السعودي -الوهّابي محمّد بن سلمان برؤيته للعام 2030، والتي بدأها بعواصف الحزم والأمل معتبراً  دماء اليمنيين بطاقة عبوره نحو تحقيق رؤيته ومهامه الصهيونية.

الانتقال إلى أميركا.. إن اتجاههم نحو القارة الجديدة بعد اكتشافها، لم يكن إلاّ بدافع جمع المال وضمان القوة وإمكانية دخول الحروب الطويلة.. فكان لهم ما أرادوا وغدت أميركا القوية والثرية خاتماً  في أيديهم وقاعدة  ينطلقون منها للإنقضاض على العالم..

إطلاق أذرع الأخطبوط ... بات من الواضح أنهم تمردوا على الله وحرّفوا كتبه وقتلوا أنبياءه، وحوّلوا الدين اليهودي إلى حركةٍ صهيونية, وسرقوا الأنبياء وتكنّوا بأسمائهم (النبي إسرائيل)، ومزّقوا العالم بالحروب ورسموا الخرائط له فكانت سايكس- بيكو للعهد الجديد، التي أضعفت المنطقة وشعوبها عبر الاستعمار الفرنسي والبريطاني والإسرائيلي، مضافا ً إليها التاّمر العربي– العربي بفضل من وظّفوه وجنّدوه عميلاً وخائناً، حتى في معارك "الربيع" المزوّر، فكانت النسخ الإسلامية المنحولة الإخوانية - الوهّابية أدوات مميزة  فيه لتحقيق أهدافهم تحت ذريعة الدين وتطبيق "شرع" الله ، فكان التطرّف سيّد الموقف وتكنّى الإرهابيون ومجاميعهم بعشرات ومئات المسمّيات خصوصاً بعد قتل أسامة بن لادن في مشهدٍ لا يعدو أكثر من قطعٍ متعمّد لرأس الأخطبوط وإطلاق أذرعه في كل مكان.. هي الفوضى الكاملة هو القتل العشوائي، هي الحرب التي يصلح لها كل من أراد القتال والسلب والنهب من كافة أصقاع الأرض .

إعلان العصيان الإلهي ... لقد حرّكوا العالم كما يشاؤون وجرّوه الى حروبٍ عديدة وحروب عالمية أولى وثانية وباردة، ولا زالوا يسعون إلى صِدامٍ عالمي يدمّر الكون، على طريق تحقيق هدفهم الرئيس الذي جاهر به القائد "لاف أريدج" في مؤتمرٍ للماسونية عام 1865 قائلاً "يجب أن يتغلّب الإنسان على الإله وأن يعلن الحرب عليه وأن يخرق السموات ويمزّقها كالأوراق". ويبقى الإلتقاء (الإخواني -الوهّابي – الصهيوني) مظهراً وطقساً لعقيدةً قديمة – جديدة  تعلن العصيان الإلهي وتبدأ بالشيطان نفسه ولا تنتهي عند أدواته وأزلامه وأتباعه فقط وما خُفي أعظم.

أخيراً.. إن اختفاء "فرسان الهيكل" المحسوب عن أنظار العالم كما حدث قبل سنوات وعقود وقرون، لا يعني اندحارهم ونهايتهم، فقد ثبت أنهم يتحوّلون من شكل لاّخر ومن ساحةٍ لأخرى بعد نهاية كل معركة.. واليوم هم يهزمون عسكرياً في سوريا، ويحزمون اّخر حقائبهم في مدينة إدلب، فمنهم من اختفوا سُحبوا ليلاً في حوامات وطائرات أميركية ( قادة داعش )، ومنهم مَن غادر تحت أعلام القوات الفرنسية والبريطانية، ومنهم مَن اختفى تحت رعاية وأنظار الأمم المتحدة نحو الأراضي المحتلة والأردن واتفق العالم على إخفائهم بعيدا ً عن الأنظار( قادة النصرة - الخوذ البيضاء ).. ومنهم مَن اهتمّت به الإستخبارات التركية وأصبح بعهدتها اّمنا ًعلى أراضيها ( قادة الإخوان المسلمون ) ، ومنهم مَن سيبقي ليكون كبش فداء وعنوانا ً للتصفية والمساومة وابتزاز الدولة السورية..

ويبقى السؤال، هل سيختفون، وإلى أين سيذهبون، وعلى أية هيئة وشكل سيعودون ويظهرون؟

d.h

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP