البيان والتبيين في بيان الأربعة الكبار حول ليبيا
أصدرت اربع حكومات غربية ثلاثة منها دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي ومعها الحكومة الإيطالية الحالية حكومة حزب الخمسة نجوم او حكومة اسماعيل ياسين كما يسميها البعض . غابت عن هذا البيان حكومتان مهمتان هما الصين والاتحاد الروسي وكلاهما تتمتعان بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي.
المجتمعون في روما اصدروا بيانا هاما حول ليبيا المنكوبة باهلها وحول ما يجري فيها من غرائب الأمور. كان اهم ما جاء في ذلك البيان في راي ختامه. ولكن لم يكن ختامه مسك. ولكنه كان بيانا من ذلك الذي يتنافس فيه المتنافسون وطعامه من غسلين لا ياكله الا الخاطئون. جاء في ختام البيان ما يلي بالنص وكما تم نشره في صيغته العربية:
” تتعهد حكومات فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بدعم قادة ليبيا في سعيهم لتطبيق هذه التدابير ، ولسوف نستعين بكافة الأدوات المتاحة لنا لمحاسبة كل من يقوض السلام والامن والاستقرار في ليبيا .” انتهى النص
اَي ان اهم ما نقرا في هذا البيان الرباعي هو هذا التهديد الظاهر وغير المبطن لمن يسميهم البيان
“من يقوض الأمن والسلام والاستقرار في ليبيا “بالاستعانة بكافة الأدوات المتاحة. وعلى الجميع ان يفهم ماذا تعني الحكومات الأربعة ” بالادوات المتاحة “. كما على الجميع ان يعرف من ألذي يقوض السلام والامن والاستقرار في ليبيا .
نلاحظ اولا ان ترتيب ذكر الحكومات الأربعة تم طبقا لتسلسل الحروف الهجائية وليس طبقا لاهمية كل حكومة.
نلاحظ ثانيا ان ختام البيان أشار الى انه يدعم ” قادة ليبيا ” دون ان يُبين لنا من هم “قادة ليبيا” الذين
يعنيهم . والليبيون والليبيات يعلمون ان كل من يتصدرون المشهد الليبي اليوم وكل من يقتلون ويسرقون المال العام اليوم في ليبيا من سياسيين مزعومين وقادة مليشيات وعصابات مسلحة يعتبرون أنفسهم ” قادة ليبيا “. !!
ونلاحظ ثالثا ان ختام هذا البيان قد يعني ان الدعم المذكور هو ” لقادة ليبيا ” الذين “يسعون لتطبيق”
التدابير التي اقرتها الحكومات الأربعة المذكورة. فما هي تلك التدابير. !؟
بالرجوع الى النص الكامل للبيان نجد ان التدابير التي اقرتها تلك الحكومات الأربعة هي:
ـ الترحيب بإعلان المؤسسة الوطنية للنفط اسيتيناف عملها الحيوي لصالح جميع الليبيين. وهنا لابد ان نعلم ان الدول الأربعة المعنية لها مصالح واستثمارات ضخمة في قطاع النفط والغاز في ليبيا ولا تريد لا وقف انتاج النفط والغاز ولا تهديد مصالح شركاتها في ليبيا.
ـ الاشادة بالمؤسسة الوطنية للنفط “طرابلس” باعتبارها المؤسسة الشرعية.
ـ التاكيد على ان المؤسسة الوطنية للنفط الشرعية تعمل على إصلاح البنية التحتية وتفي بالتزاماتها التعاقديّة بعد رفع حالة القوة القاهرة في شرق ليبيا واستئناف عمليات انتاج و تصدير النفط لأجل ازدهار ليبيا. دون الإشارة من باب الأدب الدبلوماسي الى مصالح شركاتها في ليبيا.
ـ الاعراب عن تقدير الدول الأربع لمساهمات الجيش الوطني الليبي في استعادة الاستقرار في قطاع النفط في ليبيا. وهنا قد يصبح الاعتراف بالجيش الوطني الليبي ودوره كالاعتراف بالمجلس الرئاسي الذي جاء ذكره في وثيقة الصخيرات ولكن لا وجود له في الواقع رغم اعتراف مجلس الأمن به. ان المؤسسات الشرعية في الدول لا يقيمها مجلس الأمن ولكن تقيمها شعوب تلك الدول عبر الانتخابات الحرة والشفافة والنزيهة.
ـ التاكيد على ان مرافق النفط وإنتاجه وعوائده ملك للشعب الليبي. وهذا تحصيل حاصل ولا يحتاج الى تصريح من هذه الدول الأربع.
ـ ضرورة السماح للمؤسسة الوطنية للنفط بان تعمل لصالح جميع الليبيين. وتلك هي مهمتها قبل وبعد هذا البيان الرباعي.
ـ ضرورة ان تظل موارد النفط الليبية تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط وهي المؤسسة الشرعية وتحت إشراف حكومة الوحدة الوطنية وحدها. حسب قرارات مجلس الأمن.
وبالطبع لم تنس حكومات الدول الكبرى الأربع ان تذكر “جميع الأطراف الليبية” بان الان هو الوقت المناسب بان يتم تقدم في المناقشات الليبية بشأن سبل تحسين الشفافية المالية وتقوية المؤسسات الاقتصادية وضمان التوزيع العادل لموارد البلاد. وذلك كله طبقا لخطة ممثل الامم المتحدة الدكتور سلامة. وهذا بالطبع كلام كبير ولكنه غير قابل للتنفيذ في الظروف الحالية في ليبيا.
كما لم ينس البيان الترحيب باقتراح رئيس المجلس الرئاسي للمضي قدما في تطبيق شفافية اكبر للمؤسسات الاقتصادية الليبية داعيا “قيادات ليبيا” الى انتهاز هذه الفرصة الهامة ( اَي فرصة إصدار هذا البيان ) ضمن إطار الاتفاق السياسي لتسوية الاختلافات بينهم بشأن مصرف ليبيا المركزي وتعزيز ألحوار بشأن توزيع الموارد من خلال ميزانية وطنية والعمل لتوحيد مصرف ليبيا المركزي وحل المؤسسات الموازية حسبما جاء في بيان باريس يوم ٢٩ مايو الماضي. وهذا ايضا مجرد كلام تعلم الحكومات الأربعة انها لا علاقةلها به وانه غير قابل للتنفيذ في ظل الأوضاع الحالية في ليبيا.
وقال البيان ان الحكومات الأربعة تقف تضامنا اَي متضامنة مع “قيادات ليبية” تعمل تجاه عملية سياسية جامعة يملكها الليبيون تفضي الى ” اجراء انتخابات وطنية سلمية ذات مصداقية ويتم الإعداد لها جيدا وفِي اقرب وقت ممكن. ولا نعلم بالطبع من هي “القيادات الليبية ” التي يشير اليها البيان.
هذا هوالبيان والتبيين حول ما صدر اليوم عن حكومات فرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بشأن الأوضاع في ليبيا.
لم نقرا ولم نسمع حتى الان اَي رد او تعليق من ” القيادات الليبية ” التي أشار اليها البيان حول ما جاء فيه خصوصا ما يتعلق ” بالاستعانة بكافة الأدوات المتاحة ” للدول الأربع وهي كثيرة ولا تخفى لا على من يعلم ولا على من لا يعلم. ولا نتوقع ان نقرا او نسمع شيئا بل سيكون الصمت هو سيد الموقف حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجور القادم الينا من مكان قريب.
والله المستعان على ما يصفون.
على من تبقى من عقلائنا ان يتداركوا الامر قبل فوات الاوان وان يجنبوا بلادنا العزيزة شر التدخل الأجنبي في شؤوننا. وان ينقذوا ما تبقى لدينا من السيادة والكرامة.