حين يُعلن ترامب انسحاب القوّات الأمريكيّة من سورية “قريباً جدّاً”!
عين الصواب أن يُعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خُروج بِلاده من سورية، في إعلانٍ مُفاجِئ أذهل الجميع، بل أربك حتى وزارة خارجيّته التي أعلنت أو نفت بالأحرى أن لديها معلومات حول ما أعلنه بشأن خُطط انسحاب القوّات الأمريكيّة من سورية.
ترامب قال في إعلانه المُفاجئ هذا، أن قوّاته هُناك لسبب واحد، وهو التخلّص من “داعش”، والعودة إلى المنزل، وهو ليس هُناك بسببٍ آخر، واعتبر أنه حقّق هدفه إلى حد كبير، والولايات المتحدة كما قال بحاجة إلى الدفاع عن حدودها، وإعادة البُنية المُتهالكة.
الرئيس ترامب، رجل يحكم بعقليّة التاجر، وهو يحسب مصالح أمريكا الاقتصاديّة، ويُقدمها على المصالح السياسيّة، بدلالة حرصه على جمع أموال العربيّة السعوديّة، وكان له ما كان خلال زيارة الأمير محمد بن سلمان الأخيرة، وهو حريص على توظيف الأميريكيين العاطلين، ويبدو بأموالٍ سعوديّة.
قد يقول قائل، أن تصريحات الرئيس مُضلِّلة، وتحمل تسويفاً، فالرجل لم يُحدِّد موعد الخروج من سورية، حين قال سننسحب من سورية قريباً جدّاً، والقريب هذا في القاموس الأمريكي (الاحتلال) التواجد على الأراضي العربيّة، يبدأ بتبريرات للمُساعدة والعون، وينتهي بتواجد دائم عبر قواعد عسكريّة، كما هو حاصل بنوايا القواعد العسكريّة في دير الزور، وهذا القول أو الطرح صحيح، ويجب طرح علامات سُؤال حوله، لكن تخبّط تصريحات الإدارة الأمريكيّة، وعدم علم بعضها بهذا الانسحاب المُفترض، قد يدفعنا إلى القول أن ترامب، يحسبها بمنطق الفائدة الماديّة، وتواجده هُناك كما أشار لا يجلب له الكثير من هذه “الفوائد”.
لا نعلم إذا كان هذا الانسحاب المُفاجئ أيضاً، يصب في مصلحة تركيا التي “احتلّت” عفرين السوريّة أخيراً، وتُواصل معركتها تحت عُنوان القضاء على المشروع الكُردي المُحاذي لحُدودها، أي قرّرت الولايات المتحدة بهذا الانسحاب مُجدّداً أن تختار مصالحها، وتضرب بالأكراد الذين سلّحتهم ودرّبتهم، وتختار حليفها التركي، وتُمهّد له طريقه، فالأخير مُنزعج من هذا الدعم الأمريكي للأكراد، ولا نعلم إن كان الأتراك أم الروس هم المَعنيين في قول ترامب، سنترك للآخرين الاهتمام بالحالة هُناك.
هذا الإعلان يصب بلا شك في مصلحة سورية إن تحقّق، وأمريكا وعبر التاريخ كما تعلّمنا بدءاً من فيتنام مُروراً بالعراق وأفعانستان، لم تخرج من تلك الدول إلا بعد إلحاق الهزائم العسكريّة بها، ولا بُد أن ترامب أدرك تلك الحقيقة، ولعلّه لا يُريد أن يتعرّض لمثل ذلك الإحراج التاريخي، فقرّر أن ينسحب، أو أن هُناك ما تم الاتّفاق عليه خلف الكواليس مع الذين سيترك لهم “الآخرين” الاهتمام بالحالة” هُناك، لننتظر هذا القريب “الترامبي”، ونرى!