قبل 6 سنە
بشير البكر
427 قراءة

السعودية وإسرائيل.. قلوب وأجواء مفتوحة

يزداد الحب بين الرياض وتل أبيب حرارة ويتأجج في كل يوم، كما لو أنه بين عاشقيْن اكتشفا أنهما يحبان بعضهما منذ زمن طويل، ولكن اللقاء تأخر، ولذا يعملان على ملء الوقت الضائع بكل ما من شأنه أن يرتقي بالعلاقة، ومن بعد زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، السرية إلى إسرائيل، في سبتمبر/أيلول الماضي، صار ما كان، في السابق، محرّما ويجري في السر مباحاً، ويتم في صورة علنية، ومن دون أن يثير رد فعل من أحد، بعد أن قام بن سلمان بحملة اعتقالات واسعة شملت غالبية الشخصيات المعروفة بتأثيرها في الرأي العام.  
وباتت سياسة الأبواب المفتوحة من السعودية على إسرائيل مفاجئة لكل التقديرات، وخالفت كل الحسابات، حيث صارت تتقدم بوتيرة سريعة، لتتجاوز العتبات التي بقيت ممنوعةً منذ تأسيس المملكة. وأخذ تسارع خطوات التقارب والتطبيع بين الرياض وتل أبيب يثير أسئلة كثيرة حول أسباب الهجوم الحميمي السعودي على إسرائيل، وما الذي تريده الرياض من التنازل عن الثوابت العربية على نحو مجاني؟ 
تتحدث آخر الأخبار عن فتح الأجواء السعودية أمام الطيران المدني الإسرائيلي، الذي بات، حسب التسريبات، قادرا على التحليق في الأجواء السعودية في صورة عادية، وقد سبق ذلك الإعلان الإسرائيلي عن سماح السعودية للهند بحرية تحليق الطيران المدني الهندي، وهو في طريقه بين الهند وإسرائيل. 
كان رد فعل إسرائيل على سماح السعودية بمرور الطيران الهندي في أجوائها في الذهاب والإياب، المطالبة بالمزيد، ومعاملة الطيران المدني الإسرائيلي بالمثل. وقالت منابر صحفية إسرائيلية إن الأمر الأساسي هو مرور الإسرائيليين في الأجواء السعودية، بغض النظر عن وسيلة النقل، ونقلت عن مصدر مسؤول في شركة العال الإسرائيلية قوله: "نحن في شركة العال، وغيرنا من شركات الطيران الإسرائيلية، نأمل بأن يُطبّق اتفاق الطيران فوق السعودية على طائراتنا أيضاً، وليس فقط على الرحلات الأجنبية"، مضيفاً: "نحن لا نرى فرقاً بين الركاب الإسرائيليين على متن الشركات الإسرائيلية، والمسافرين الإسرائيليين على متن شركات غير إسرائيلية". وتبين أن هذا الأمر محسوم في الاتفاق الذي سوف يسري مفعوله أول شهر مارس/آذار المقبل. وتفيد أوساط مطلعة بأن الذي أبلغ القرار السعودي للهند هو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال زيارته أخيرا إلى الهند، أي أنه هو من نقل الهدية السعودية إلى نيودلهي. 
جرى الحديث كثيرا في السابق عن استخدام الطيران الحربي الإسرائيلي أجواء السعودية للقيام بعمليات في الخارج، أو استطلاع وتدريب، وتم النفي من السلطات السعودية، وسط تأكيدات غربية، وها هو جاء الوقت الذي باتت فيه الأجواء السعودية مفتوحةً كليا أمام إسرائيل، الأمر الذي ستترتب عليه خطوات لاحقة، مثل الاستفادة من خدمات المطارات، كالتزود بالوقود والترانزيت، ومن غير المستبعد فتح المجال أمام الإسرائيليين ليتنقلوا داخل السعودية نفسها من أجل السياحة. 
هذا التطبيع بلا حدود هو من ثمار صفقة القرن التي وضعتها إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، بالاتفاق مع بن سلمان من أجل تصفية القضية الفلسطينية، والتي تريد تل أبيب أن تلعب السعودية فيها دورا أساسيا في الضغط على الفلسطينيين من أجل الرضوخ والقبول بالإملاءات الأميركية، وأولها نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ومن ثم القبول بهيكل دويلة مسخ تابعة لإسرائيل. 
يتم فتح المجال الجوي السعودي أمام إسرائيل، في حين أنه لا يزال مغلقا أمام الطيران المدني القطري، منذ تم فرض الحصار على قطر في يونيو/حزيران الماضي. 
فتح أجواء السعودية أمام إسرائيل هو بمثابة فتح صفحة جديدة في سجل بن سلمان المخزي، وهو موقف يصلح مقياسا لأسلوب الرجل الذي يحكم المملكة العربية السعودية، وما يعد به منطقة الخليج.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP