تركيا و”إسرائيل”.. تآمر مشترك على سوريا
خلافاً لما تظهره الحكومة التركية الحالية من مواقف عدائية وانتقادات حادة – أحياناً - لسياسات الكيان الصهيوني وممارساته في فلسطين المحتلة والمنطقة عموماً إلا إن هناك علاقات وطيدة ومشبوهة واتفاقيات غير معلنة لم يعد بإمكان أنقرة أو تل أبيت إخفاءها عن العالم خاصة فيما يتعلق بسوريا والأطماع التي تبيتها العاصمتان لهذا البلد.
وقد وصل التنسيق والتناغم في تحركات النظام التركي والكيان الصهيوني إلى ذروته على صعيد الأزمة السورية كان آخرها العدوان الذي شنته الطائرات الحربية الإسرائيلية على الأراضي السوري والذي جاء متزامن مع التدخل التركي في شمال تركيا وقصف الطائرات الحربية التركية المستمر لبلدة عفرين بذريعة مطاردة وحدات حماية الشعب الكردي.
والواقع أن التدخل التركي في مدن الشمال السوري جاء وفقاً لمخططات وأجندة خاصة بأنقرة ولا تتفق بأي شكل من الأشكال مع عملية مكافحة الإرهاب ومطاردة فلول تنظيم داعش الإرهابي التي يقوم بها الجيش السوري والقوات الحليفة في مختلف المناطق السورية.
وما يثير الاستغراب أن الحكومة التركية تعتبر عملياتها في سوريا مشروعة وأنها تهدف إلى القضاء على ما تصفهم بالإرهابيين دون أن تعطي توضيحاً مقنعاً كيف يمكن وصف جماعة ما بالإرهابية وهي مدعومة بشكل كامل من أقرب حلفاء تركيا وهي الولايات المتحدة.
من ناحية أخرى فإن التدخل التركي في سوريا لم يتم بالتنسيق مع الحكومة السورية أو دول مهمة مثل روسيا وإيران باعتبارهما الدولتان الضامنتان لاتفاقيات خفض التصعيد ووقف إطلاق النار في مناطق مختلفة من سوريا.
ويرى الخبراء والمحللون السياسيون أن إجراءات تركيا في شمال سوريا تكرارٌ إلى حد كبير لسياسة “إسرائيل” في جنوب لبنان وتشكيلها منطقة عازلة هناك، ويعتبرون أن تشكيل قوات مسلحة موالية لأنقرة من السوريين – على شاكلة قوات لحد في جنوب لبنان – أهم المهام التي تقوم بها تركيا في سوريا وهو ما يأتي أيضاً بتنسيق كامل مع الكيان الصهيوني.
وهذا ليس بالأمر الغريب على السياسة الأردوغانية فرغم الفتور الذي شاب العلاقات الدبلوماسية بين “إسرائيل” وتركيا -في الظاهر- مع وصول حزب العادلة والتنمية التركي إلى سدة الحكم إلا أن الواقع كان غير ذلك تماماً وهذا ما أكده وزير خارجية الكيان الإسرائيلي حينها عندما قال بأن علاقة الحكومتين كاملة ومثالية وأن المفاوضات بين تل أبيب وأنقرة مستمرة حول صفقات التسلح والتعاون في مجالات مختلفة لاسيما في مجال الفضاء وبيع “إسرائيل” تركيا قمراً صناعياً وقد جاءت الزيارات المتبادلة لرموز الحكومتين حينها لتؤكد على هذا المعنى.
وصحيح أن العلاقات الرسمية بين “إسرائيل” وتركيا شهدت قطيعة بعد اقتحام القوات الصهيونية سفينة مرمرة التركية عام 2010 والتي كانت تحمل مساعدات انسانية إلى قطاع غزة المحاصر، لكن المتتبع للأحداث سيدرك جيدًا أن تصريحات أردوغان التي أعقبت الحادث وتهديدات بقطع العلاقات مع “إسرائيل” جاءت للاستهلاك الإعلامي وذر الرماد في العيون ليس إلا.
فلم تتأثر أي اتفاقية موقعة بين تركيا و”إسرائيل” خاصة على الصعيد العسكري بل تم تعزيزه هذه الإتفاقيات في عهد رئاسة أردوغان، وتضاعفت عما كانت عليه في السنوات الماضية وتحولت إلى ما يمكن اعتباره شراكة استراتيجية.
وكان أردوغان بحاجة إلى فرصة لتبرير التطبيع مع “إسرائيل” فجاءته هذه الفرصة على طبق من ذهب عندما قدم رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو في اتصال هاتفي بأردوغان اعتذاراً رسمياً عن حادث سفينة مرمرة وتعهد بدفع التعويضات لعائلات ضحايا الحادث فاستبشر اردوغان خيراً وتم تطبيع العلاقات الدبلوماسية وتبادل السفراء، فيما تم تعزيز التعاون العسكرية بين الحكومتين إلى يومنا هذا.