أنقذوا الشباب بالتدخل الحكومي المنظّم
كيف نوفر المزيد من فرص العمل الجيدة للشباب هذا السؤال طرحه نيال اوهيغنز في كتاب تناول فيه طرق التصدي لبطالة الشباب في العالم، صادر عن منظمة العمل الدولية.
وأشار الباحث إلى إن أفضل الطرق لمعالجة مشكلة البطالة هو التدخل الحكومي المنظم لتعزيز فرص العمل لفئة الشباب من خلال الإتجاه إلى تعزيز العمل الحر والمشروعات الصغيرة وصولا إلى تحقيق سياسات الاقتصاد الكلي.
وهناك أمثلة كثيرة انتهجتها دول العالم عندما مرت بأزمة البطالة منها إدراج الباحثين عن العمل في برامج تدريبية شاملة قصيرة وطويلة بهدف إكسابهم مهارات جديدة تساعدهم على إنشاء عملهم الخاص والاستفادة من الدعم الذي توفره لهم الدولة فعلى سبيل المثال طبق الاتحاد الاوروبي برنامج الضمان الشبابي عام 2014 بهدف توفير التعليم والتدريب للفئات الشابة التي لم تحظى بفرص العمل أو التعليم وقد صمم البرنامج للتأقلم مع الأوضاع الاقتصادية فيتوسع مع ارتفاع البطالة أو ينكمش في حالة انخفاضها.
و قامت ألمانيا بتفعيل خطة عمل وطنية لسياسة العمالة عام 2003 تركزت على التدريب المهني وتعزيز نظام التعليم وتحويل العمل غير المعلن إلى عمل نظامي وقد راعت في هذا الجانب الفوارق بين الأقاليم والمناطق كما وجدت خيارات تمويلية لأصحاب المشاريع الصغيرة ونظمت الأعمال المهنية الحرة كأعمال الصيانة والسباكة والكهرباء والأنشطة التي تدار من المنازل.
ولماليزيا تجربة متقدمة حيث قامت بالإستثمار في التكنولوجيا الجديدة وفي مجالات علم الوراثة والاتصالات والهندسة الحيوية والصناعات التكنولوجية وصناعة النقل الجوي والخدمات الموانىء وتطوير البنية التحتية لقطاع الشحن بهدف خلق فرص عمل للمواطنين وقد كان تنشيط تلك المجالات الأثر المباشر في تطوير الاقتصاد والصناعات التحويلية الالكترونية وصناعة الصلب وفي تنمية القطاع السياحي بشكل غير مباشر .
إن الأزمات الاقتصادية التي عصفت على منطقة الخليج في السنوات الماضية كشفت أن دول المنطقة غير محصنة ضد التحديات، دول مازالت تمتلك مخزونا هائلا من الذهب الأسود والغاز الطبيعي وموقع جغرافي مميز، فخطط التنوع الاقتصادي الذي لا ننفك أن نسمع عن أخبارها بين الحين والأخر والتي تمخضت عن إطلاق مشروعات اقتصادية واعده تحتاج إلى أعوام حتى تدر أمولا على خزائن الدول وتجعلها تستغنى تدريجيا عن النفط كمورد أساسي للتنمية.
فالتحديات الاقتصادية الراهنة أثرت بشكل مباشر على الأنماط الإجتماعية وزيادة رقعة الفقر وارتفاع عدد الخريجين الباحثين عن وظائف تتلاءم مع مؤهلاتهم ومهاراتهم العلمية والعملية ولا نتوقع أن نرى حلولا جذرية في المستقبل القريب فأرقام البطالة تزداد مع زيادة المخرجات التعليمية والنمو البطيء في خطط التنوع الاقتصادي.
مما لا شك فيه أن المجتمعات تحتاج إلى كل المهن والوظائف ومع بزوغ الطفرة النفطية استعانت دول المنطقة بالكوادر من مختلف دول العالم لتغطية النقص في المجالات المختلفة ولاغراض التنمية والبناء.
ومن خلال النظر في خارطة التوظيف والعمالة في المنطقة والمشروعات الصغيرة نجد أنه وبعد مرور أكثر من أربعة عقود مازلالت المنطقة تستعين بعقول وافدة لتنمية القطاع الخاص تحديدا من الدول الآسيوية ، وعددهم اصبح يشكل هاجسا ديمغرافيا قد يؤثر على مستقبل المنطقة .
وهذا المؤشر له عدة دلالات من أهمها:
1) أن هناك عزوفا من أبناء المنطقة للعمل في مهن ووظائف معينة والانخراط في العمل الخاص.
2) قلة المخرجات العلمية والمهنية من المواطنين التي تتلاءم مع الوظائف المطروحة.
3)إن خطط التعليم الأكاديمي والمهني لم توجه حتى الآن إلى المهن والوظائف التي يحتاجها القطاع الخاص، وإن ارتفاع معدلات البطالة تحتاج إلى دراسة واستراتجيات تهدف إلى خلق فرص عمل للأجيال الشابة لمعالجة الوضع الراهن وإيجاد استراتيجية لخلق فرص العمل في أطار الاقتصاد الكلي .
لذلك فإن الإهتمام يجب أن ينصب أكثر على الاستفادة من الكوادر الشابة بالتأهيل ودعمهم ماديا معنويا لإنشاء مشروعاتهم الصغيرة في المجالات الصناعية والتكنولوجية والخدمية التي تمثل البنية الأسياسية لإقتصاد حديث وحمايتهم من المنافسة غير المتكافئة من الشركات الكبرى وعدم تركهم ضحية للفراغ والتبعات الاجتماعية والنفسية التي ستنعكس سلبا على استقرار المجتمع.