«إسرائيل» تسعى للحلّ بعد فشل مؤامراتها
المصالحة الفلسطينية هل هي عنوان ومقدّمة للحلّ النهائي والتمهيد لإقامة دولة فلسطينية وفقاً لمشروع الدولتين..
جميع المؤشرات تدعو للتساؤل.. فهذا الاهتمام الدولي والعربي بإتمام المصالحة لم يجر ولا يجري لإزالة خلافات داخلية ومحلية بين التنظيمات الفلسطينية كشأن محلي داخلي.. وإلا بما نفسّر الوفد الأممي المراقب لتنفيذ الاتفاق.. ثم الوفد المصري راعي العملية ومتابع مراحل تنفيذها.. بدقة وتواصل مع مباركة سعودية خليجية.
فالوفد الأممي برئاسة مبعوث الأمم المتحدة الى «الشرق الاوسط» نيكولاي ميلادينوف سيشرف ويتابع عملية المصالحة ودمج موظفي الحكومة.. إجراءات متعدّدة يتمّ تنفيذها في الإدارات والوزارات قبل تشكيل حكومة وحدة وطنية.
نحن نرحّب بالوحدة الوطنية بين كافة مكوّنات وتنظيمات الشعب في فلسطين.. ولكن هذا الاهتمام الدولي الواسع بإجرائها وتنفيذها هو مصدر التساؤل. خاصة بعد الموقف السعودي والخليجي بعد المؤشرات عن التواصل مع «إسرائيل».
فمحاولات إجراء المصالحات بين التنظيمات الفلسطينية ليست جديدة والدور المصري بشأنها مستمرّ منذ عهد مبارك الى اليوم. فلمَ هذا الحماس والتدافع اليوم لإتمام المصالحة والنغمة الإسرائيلية بمباركة المصالحة اذا كانت ستؤدّي بعد إتمامها للاعتراف بـ«دولة إسرائيل».
فهل اقترب حلّ الدولتين وإنهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لتصبح غزة عاصمة الدولة الفلسطينية؟! هذه الحلول تبدو فيها يد اللجنة الرباعية الدولية التي أعلنت أنها تدعم الجهود المبذولة لإعادة تمكين السلطة الفلسطينية من تسلّم مسؤولياتها، ويرحبون بالجهود المبذولة وخاصة من قبل مصر، ويرحبون بخطوات مستقبلية ملموسة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظلّ سلطة شرعية.. وانهم مستعدّون للعمل مع «إسرائيل» ودول المنطقة دعماً لهذه العملية.
نقف أيضاً متسائلين عن الروابط بين تصريحات ترامب في الأمم المتحدة وقادة أوروبيين عن توطين اللاجئين والنازحين في الدول التي يتواجدون فيها، ظاهراً… الموضوع يعني اللاجئين السوريين والعراقيين الهاربين مع بطش وإرهاب داعش والنصرة، وباطنه يعني اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان والبلاد الأخرى.
الربط بين المصالحة والتوطين يكشف خطوات رتبت لإنهاء المسألة الفلسطينية وإجراء المصالحة بين السلطة و«إسرائيل» بمباركة دولية..
ولاية محمود عباس منتهية.. وتشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات هي من أُطر الحلّ وتثبيت قواعده.. هذا مشروع المصالحة وكجزء أساسي فيها هو التوطين لن يلقى ترحيباً ولا قبولاً… في لبنان تحديداً.. وسيشكل العقبة الأساسية فيه.. لذلك برز التحرك النشط لمجابهته عبر البدء بإنهاء وجود اللاجئين السوريين والتفرّغ لمجابهة مشروع توطين الفلسطينيين..
فشل المخططات والمؤامرات في الشام والعراق ولبنان عبر المجموعات الإرهابية التكفيرية دفع بأميركا وحلفائها المتآمرين لإنهاء الموضوع الفلسطيني ووضع حدّ للصراع القائم على أرض فلسطين.
إسرائيل بعد فشل مشاريعها التآمرية وما حققته بغداد ودمشق من انتصارات وما برز من قوة المقاومة المشاركة في دحر الإرهاب.. والإنذار الصريح الواضح الذي أطلقه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله.. وقال فيه موجهاً كلامه لليهود «عودوا الى البلدان التي أتيتم منها، حتى لا تكونوا وقوداً لأيّ حرب تشنّها حكومتهم الحمقاء». مؤكداً أنه «إنْ لم تتمّ معالجة الخروق الاسرائيلية بالطرق السياسية، فإنّ حزب الله سيعالجها على طريقته».
هذه الحقائق التي جابهت «إسرائيل» جعلتها أكثر قبولاً للحلول السلمية المطروحة، وما جرى مؤخراً هل هو أحد هذه الحلول.. واللافت أكثر ما شملته المصالحة من توحيد القوى الأمنية بحيث تصبح شرطة محلية فقط وتختفي القوى المسلحة..
ومهما كان الحلّ تبقى النوايا والمشاريع الإسرائيلية ومؤامراتها قائمة، وإذا عدنا الى البروتوكول الثاني من بروتوكولات حكماء صهيون وقرأناه بتمعّن لتوضحت لنا صورة المخطط الصهيوني..
«إنّ غرضنا الذي نسعى إليه يحتم أن تنتهي الحرب بلا تغيير حدود ولا توسع إقليمي، وينبغي تطبيق هذا ما أمكن، فإذا جرى الأمر على هذا قدر المستطاع تحوّلت الحرب الى صعيد اقتصادي، وهنا لا مفرّ من أن تدرك الأمم من خلال ما نقدّم من مساعدات، ما لنا من قوة التغليب، تغليب فريق على آخر، ومن التفوّق وفوز اليد العليا الخفية.
وهذا الوضع من شأنه أن يجعل الفريقين تحت رحمة عملائنا الدوليين الذين يملكون ملايين العيون اليقظة التي لا تنام. ولهم مجال مطلق يعملون فيه بلا قيد. وحينئذ تقوى حقوقنا الدولية العامة على الحقوق القومية الخاصة في نطاق المعنى المألوف لكلمة حق. فيتسنّى لنا أن نحكم الشعوب بهذه الحقوق تماماً كما تحكم الدول رعاياها بالقانون المدني داخل حدودها».
انها المحاولات التي شهدناها في كثير من المحافل الدولية وآخرها ما حاولت أميركا تحقيقه مؤخراً عبر مشروعها الفاشل والساقط في مجلس الأمن. كلها صور حية لمحاولة تحقيق ما رسمته «إسرائيل» من توسع إقليمي عبر وسائل غير عسكرية والتي فصّلها وايزمن كما يلي:
«1 ـ علاقات متينة مع الدول القوية التي تؤمّن الحماية الدائمة لإسرائيل مقابل أن تضمن إسرائيل مصالح هذه الدول.
2 ـ تكوين جيش قوي يضمن الحماية لدولة إسرائيل من أيّ خطر يتهدّدها.
3 ـ العمل على تفتيت الدول المجاورة وخلق دويلات طائفية صغيرة حول إسرائيل، وإذا ما حققنا ذلك نضمن أمننا وسلامنا إلى الأبد».
ونذكّر بما قاله سعاده: «لم يتسلط اليهود على جنوبي بلادنا ويستولوا على مدن وقرى لنا إلا بفضل يهودنا الحقيرين في ماديتهم الحقيرين في عيشهم الذليلين في عظمة الباطل.
انّ الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن أن يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمة بفضة من اليهود، انّ مصيبتنا بيهودنا الداخليين اعظم من بلائنا باليهود الأجانب.
اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لأمم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها، وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمّتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».