الجبير والتلاعب بالكلمات
أثار وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، من خلال التصريحات الجديدة التي اطلقها، استغراب جميع المراقبين السياسيين، ورغم ان تصريحات الجبير ضد ايران “مزاعم معادة ولا ينبغي الرد عليها”، لكن جزء من تصريحاته حول اليمن تستدعي التوقف عندها.
وهنا نكرر تصريحاته كما أوردها بالضبط دون التغيير فيها، حيث قال عادل الجبير في تصريحاته حول اليمن والتي نقلتها قناة العربية السعودية:”اليمن حرب لم نخترها بل فرضت علينا”.
في المصطلح العسكري، تستخدم عبارة “الحرب المفروضة” من قبل بلد يتعرض الى اعتداء بلد أخر، والبلد المعتدى عليه ليس لديه مجال سوى مواجهة الخطر والدفاع عن نفسه، وفي هذه الحالة يقال ان “الحرب فرضت علينا”، كالحرب المفروضة على الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث قامت ايران بالدفاع عن نفسها وصد الاعتداء، بينما لايمكن للسعودية استخدام عبارة الحرب المفروضة او الخيار العسكري ضد اليمن، لانها هي من اعتدى على اليمن بإرادتها وقرار منها ولتحقيق مصالحها وبدأت عدوانها على اليمن.
لكن السؤال الرئيس هو ، لماذا استخدم عادل الجبير في الوقت الراهن هذه العبارة وهل اطلاقه لهذه العبارة كان مجرد صدفة ام تعمد ذكر ذلك؟ وفي الاجابة يجب القول لايبدو ان الجبير اطلق هذه التصريحات بسبب عدم نضوجه السياسي وذلك لانه امضى سنوات عديدة في امريكا وقضى وقته مع الكثير من الشخصيات السياسية رفيعة المستوى هناك.
ويتفق المحللون السياسيون على ان السعودية لم تتمكن في هذه الحرب من ان تحقق اهدافها التي خططت لها منذ البداية، حيث كان السعوديون يبغون من عدوانهم على اليمن تحقيق هدفين رئيسيين: الاول ايصال هادي الى الحكم وكما يقولون هم اعادة الشرعية، والثاني هو اخراج انصار الله من صنعاء ونزع سلاح هذه الحركة.
وخلال فترة العدوان، رغم ان السعودية استهدفت البنى التحتية في اليمن وقتلت وشردت الآلاف وعرضت الشعب اليمني الى نقص في الغذاء والدواء جراء الفقر والكوليرا، ‘لا أنها لم تحقق اي هدف من الهدفين الرئيسيين.
يبدو ان السعوديين بحاجة الى استقرار داخلي وهدوء على الحدود نظرا الى التغييرات في السلطة الداخلية وتوفير الظروف الملائمة لوصول بن سلمان الى الحكم، ويتطلب هذا الامر الاعلان الفوري عن نهاية العدوان على اليمن.
ويمكن اعتبار تصريحات الجبير في الوقت الراهن تبريرا لسياسات بلاده في العدوان على اليمن وفي الحقيقة التهرب من مسؤولية العدوان وتبعاته التي لا يمكن التعويض عنها وتوفير الترتيبات الضرورية للاعلان عن نهاية العدوان على اليمن.
ويحاول المسؤولون السعوديون اقناع الرأي العام في السعودية والقول بأن انصار الله لم يدعوا لهم خيارا سوى الخيار العسكري وأن الجماعة هي التي فرضت خيار الحرب على الرياض، بعبارة اخرى؛ السعوديون لا يريدون تقبل فكرة الهزيمة في هذه الحرب وينوون ابعاد هذه المسؤولية عنهم من خلال هكذا تصريحات والهروب الى الامام، والقاء نتائج هذه الحرب السيئة على عاتق انصار الله وباقي مجموعات المقاومة الشعبية في اليمن.
بالتأكيد ان اطلاق المسؤولين السعوديين هكذا تصريحات لن تجنبهم تحمل مسؤولية شن العدوان لان الرأي العام السعودي والعالمي لن يقتنع بهكذا تبريرات بسهولة، وبدلا من تبرير الاعتداء على اليمن، على المسؤولين السعوديين الاعتراف بهزيمتهم العسكرية في هذه الحرب وفي هذه الحالة سيقتنع الراي العام العالمي ويغض النظر عن ملاحقة مسؤولي هذا النظام.