02/12/2023
ثقافة و فن 148 قراءة
نحبكم.. مارسيل خليفة يخاطب أهل فلسطين
الاشراق
الاشراق|متابعة
يواصل موسيقيون وفنانون دعمهم لغزة وفلسطين، ومنهم مارسيل خليفة.
في ظل استمرار وحشية الاحتلال وهمجيته، والصراع الوجودي الذي يستوجب نفساً طويلاً في المجابهة، يواصل العديد من الموسيقيين والفنانين دعمهم لأهل غزة وفلسطين عبر نشر وإعادة نشر أعمال فنية تعكس مؤازرتهم ومواقفهم، فيما يناصر آخرون فلسطين من خلال كلمات وجدانية تحض على الثبات، يخاطبون بها أصحاب الحق والأرض المحتلة.
لم يكف الفنان اللبناني الملتزم مارسيل خليفة عن رفع الصوت والصرخة مستعيناً بالأدوات الإبداعية والفنية أدباً وشعراً، وموسيقى وصوتاً، وصورةً واقعية مخصصاً متن صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل إيصال المعنى الجوهري الذي واظب طوال عقود على حمله.
وقد وجه صاحب "أحمد العربي" رسالة صوتية ليخاطب أهل غزة وفلسطين النابضة في عروقه: "لن ننسى فلسطين. يطيب لي البوح لكن الكلام يخدش حرمة الصامدين على أرضنا، يختلط الواقع بالأسطورة في ذلك الشارع، في تلك الساحة".
وأردف: "يطلعون من أرضهم، يلعبون ويكتبون النشيد المغمس بالدم والحياة. هذه الأرض لأبنائها منذ الأزل وإلى الأبد. كان الأولاد يعدون السنين وحبات المطر ليكبروا، هؤلاء المولودون على الحراب، وعلى عتبات الزنازين وطرق غير معبدة في زمن الاحتلال، هم يدلون التائهين على الطريق، يطلعون من هنا وهناك، من خيمة نازحة، من رصاصة وكتاب، من تراب، من "وطن الوطن". في وسع الهزائم أن تخلع خيامها وترحل إلى الجحيم، لأن هناك شعلةً واحدة مرفوعة على أصابع الأولاد في غزة، ومهما حشدوا لها من ليل جديد لا مفر من الحرية. غزة وحدها في العاصفة تبحث عمن يشبهها فلا تجد".
وشدد خليفة على أن المقاومة هي حبل النجاة والأمل: "من يمكنه أن يقاوم وهو يعيش في الموت، ذلك هو الرجاء، وذلك هو الخلاص من هذا الزمن الإجرامي السافل، ومن حقارة الواقع والمشهد المرعب".
وناجى ابن عمشيت الفلسطينيين: "يا أهلنا في غزة، في القدس، في الضفة، في فلسطين من البحر إلى النهر، نحبكم، مع أجمل تحية".
أما "معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" فقد نشر فيديو يتدثر بدلالات رمزية لافتة لموسيقيين فلسطينيين شبان يؤدون عزفاً على الأعواد "إني اخترتك يا وطني" و"يا بحرية هيلا هيلا" و"منتصب القامة أمشي" لمارسيل خليفة، فوق الأنقاض والركام وآثار المباني المدمرة ممهورةً بوسوم "غزة تقاوم"، و"طوفان الأقصى"، و"ساندوا غزة"، وسواها. هكذا يستمر موسيقيو فلسطين في انتهاج طريق المقاومة الثقافية ببسالة، ويتوسلون بالفن والشعر أداةً نضالية وأداة صمود متشبثين بالحياة لمواصلة المسار والمواجهة والتصدي عبر التحدي.
وللغناء في لبنان أيضاً صداه المعبر النافذ إلى المسامع عربياً، حيث نشرت المغنية والمطربة اللبنانية جاهدة وهبه مقتطفاً معبراً من قصيدة "خطبة الهندي الأحمر - ما قبل الأخيرة- أمام الرجل الأبيض" للشاعر الفلسطيني محمود درويش مرفقاً بصورته، ومموسقاً بصوتها الشجي وبأداء الـ"أكابيلا" A cappella في إطار الغناء المنفرد، بإحساس مقامي مشرقي عربي أصيل ورفيع: "ألا تحفظون قليلاً من الشعر كي توقفوا المذبحة؟ ألم تولدوا من نساء؟ ألم ترضعوا مثلنا حليب الحنين إلى أمهات؟ ألم ترتدوا مثلنا أجنحة لتلتحقوا بالسنونو؟".
أما الفنانة أميمة الخليل، فتعاونت مع الشاعر الفلسطيني مروان مخول وأطلقا قصيدته الدرامية "نيو غزة" في فيديو أسهم في إنجازه الفنان هاني سبليني، علماً بأنه يشتمل على مشاهد "الأنيمايشن" مرفقةً بصوت أميمة وارتجالاتها التراجيدية المتقنة. وتطوع لتنفيذ الفيديو كل من محمود قرق، وعلاء فليفل، وغسان حلواني، ومنير المحمود من "تعاونية المهن السينمائية" و"تجمع الأنيمايشن في بيروت".
ومروان مخول افتتح قصيدته ببلاغة يتقطر منها وجع الشعب الفلسطيني الجبار في جرحه المفتوح وحكايته المأساوية الممتدة: "لا أيام زائدةً/ فلا تتلكأ في بطن أمك يا بني عجل/ تعال/ لا لأني أتوق إليك/ بل لأن الحرب دارت وأخشى أن لا ترى بلادك كيفما شئت لك/ بلادك لا تراب ولا بحر تنبأ بالذي نحن فيه/ فمات../ إنما هي شعبك/ تعال تعرف إليه/ قبل أن تشوهه القذيفة وتضطرني أن أجمع الأشلاء/ كي تعرف أن الذين راحوا/ جميلين كانوا وأبرياء/ وأن لهم أطفالاً مثلك تركوهم هاربين من ثلاجة الموتى كل غارة/ كي يلعبوا يتامى على حبل النجاة/ قد لا تصدقني إن تأخرت وتصدق أنها أرض بلا شعب وأنا لم نكن هنا فعلاً/ تشتتنا مرتين/ ثم انتفضنا على حظنا خمساً وسبعين سنةً/ عندما أزاح الحظ عنا كل جيده/ فشاب الأمل". قصيدة مخول ترجمت في الفيديو إلى اللغات الفرنسية والإنكليزية والتركية والبرتغالية.
تكتسي الأعمال الفنية المذكورة ثوباً تعبيرياً وثيقاً وتواصلياً قيماً يخاطب العقل والوجدان والضمير الجمعي والعالم بأسره، علماً بأنها ليست وليدة برهة مقطوعة من سياق، بل تنتسب إلى مسار جلي وتنقش بصمتها في المدى في مرحلة شديدة القساوة يسودها الاضطراب والصراع واحتمال التفجر.
يعد الفن الأصيل سلاحاً معنوياً ونفسياً وإبداعياً مؤثراً في المعركة ضد المحتل والأباطيل واليأس وثقافة الاستسلام والانهزام. هكذا يواظب أهل الفن الملتزم بأشكال وأساليب عدة في فضاءات متنوعة على رفد "سيدة الأرض" فلسطين وقضية العرب المركزية التي تمادى العالم في ضربها والتواطؤ عليها، ويشعلون قنديلاً لا ينطفئ في غمرة الظلام.