"Dropsite" .. النفايات تسمّم غزة

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

موقع "Dropsite News" ينشر تقريراً يتناول أزمة النفايات والصحة العامة في قطاع غزة بوصفها إحدى أخطر نتائج تدمير البنية التحتية المدنية خلال الحرب، مع التركيز على آثارها الإنسانية والبيئية المباشرة على السكان النازحين.

أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:

كانت خيمة أمين صبري المتهالكة من بين الخيام الكثيرة الملقاة عند سفح تل من القمامة المتعفنة التي يبلغ ارتفاعها نحو 25 قدماً في وسط مدينة غزة. أطفال حفاة، ملابسهم ملطّخة بالأوساخ، يركضون في الجوار. الذباب منتشر في كلّ مكان، ورائحة النفايات النتنة تملأ الأجواء. 

في حديثه إلى موقع "دروب سايت"، قال صبري: "هذه خيمتي، وهذا مكب النفايات الذي أعيش مقابله. لا ننام لا ليلاً ولا نهاراً بسبب القمامة. فالرائحة الكريهة تلاحقنا باستمرار، وأطفالنا مرضى ويعانون من صداع شديد. نحن نواجه تفشّياً للجراثيم والحشرات". 

على مدى العامين الماضيين، دمّر "الجيش" الإسرائيلي البنية التحتية المدنية في غزة بشكل ممنهج، بما في ذلك خدمات إدارة النفايات. وتراكمت أكوام هائلة من النفايات في جميع أنحاء القطاع. وتحوّلت الأسواق التي كانت تعجّ بالحياة والشوارع المظلّلة بالأشجار إلى جبال لا متناهية من النفايات، الأمر الذي فاقم بشكل خطير الأزمة البيئية والصحية العامة في غزة.

قبل الحرب، كان يتمّ تنسيق جمع النفايات في مدينة غزة عبر موقع نقل النفايات في اليرموك، الواقع بالقرب من ملعب المدينة، حيث تُنقل إلى مكب نفايات جحر الديك. ومع تعذّر الوصول إلى جوهر الديك - لوقوعه شرقي "الخط الأصفر" الذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية المحتلة - تحوّل موقع اليرموك اليوم إلى مكبّ نفايات ضخم.

ولا تزال بعض مركبات المطمر تعمل في غزة، وتصعد إلى قمة موقع اليرموك لتلقي المزيد من النفايات غير المعالجة يومياً. وتلجأ بعض المجتمعات إلى حرق النفايات، ما يؤدّي إلى انبعاث غازات سامّة في الهواء. ويركض الأطفال عبر أكوام النفايات المتعفّنة بحثاً عما يمكنهم جمعه.

وقال صبري: "لقد نزحنا من مدينة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، ووصلنا إلى مدينة غزة. ووجدنا أنّ كلّ زاوية من القطاع تعجّ بالنازحين. فأُجبرنا على العيش بين القمامة، في مكبّ نفايات اليرموك التابع لبلدية غزة. كنا نظن أننا سنقيم في مكان آمن ولائق، لكننا أُجبرنا على المجيء إلى هنا ولا يوجد مكان آخر نذهب إليه. اضطررنا للبقاء في هذا المكان البائس، بين القمامة والنفايات... أنا أعاني بسبب هذا المكان البائس. أعاني من الجراثيم والفئران والكلاب. كلّ يوم، أجد ما بين 20 و30 فأراً داخل خيمتي التي لا تصلح للسكن أصلاً". وأشار إلى أنّ العواصف الشتوية والفيضانات الأخيرة في غزة ألحقت دماراً أكبر. فقد "أُصيب أطفالنا بأمراض وتحمّلوا، لكنّ هذه الرائحة الكريهة القوية لا تزال تهبّ نحونا بشكل يفوق الخيال. وعندما تمطر، تتدفّق مياه الصرف الصحي علينا". 

وحتى قبل الحرب، كانت غزة تعاني من مشكلات حادّة في إدارة النفايات، إذ لم يكن لديها سوى 3 مكبّات نفايات رئيسة تعمل فوق طاقتها الاستيعابية. ولا يزال الوصول إلى هذه المكبّات الـ3 ممنوعاً، حتى بعد وقف إطلاق النار، وتقع في مناطق تسيطر عليها القوات الإسرائيلية. وخلال الحرب، تمّ استخدام العشرات من مواقع التخلّص المؤقتة والمكتظة بالنفايات في مناطق ذات كثافة سكانية عالية. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تمّ إنتاج نحو 900 ألف طن من النفايات الصلبة وإلقاؤها في مواقع التخلّص المؤقتة في غزة بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتشرين الثاني/نوفمبر 2025.

ووفقاً لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، تمّ تدمير الغالبية العظمى من مركبات جمع النفايات ونقلها في غزة، والتي كانت تعاني من نقص حادّ قبل الحرب، بحيث انخفض عددها من 261 مركبة قبل الحرب إلى 48 مركبة فقط اليوم. كما انخفض عدد حاويات النفايات من 7300 إلى 900 حاوية، بينما انخفض عدد آلات طمر النفايات من 18 وحدة إلى صفر. وعلى الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصّل إليه قبل شهرين، إلا أنّ "إسرائيل" منعت دخول الإمدادات الجديدة. و"لا يزال دخول شاحنات جمع النفايات والنفايات الطبية، وآلات وأدوات المعالجة معلّقاً، إلى جانب الإمدادات الحيوية الأخرى مثل قطع الغيار لنقاط تجميع النفايات وحاويات النفايات"، حسبما ذكر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره الصادر هذا الشهر.

وقد أصدر تقرير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تحذيراً شديد اللهجة بشأن أمطار الشتاء والفيضانات التي اجتاحت غزة خلال الأسبوعين الماضيين. وجاء فيه: "مع اقتراب فصل الشتاء، يواجه القطاع تحدّيات جديدة. فقد تتسبّب الأمطار والفيضانات في انتشار النفايات المتراكمة إلى المجتمعات المحيطة وتلويث مصادر المياه. وتؤدّي أنظمة الصرف المسدودة والنفايات غير المجمّعة إلى زيادة خطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه، وتعوق الوصول إلى الملاجئ. ومن دون جمع النفايات بشكل مستمر والتخلّص الآمن منها، يُتوقّع أن تتفاقم مخاطر الصحة العامة هذا الفصل". 

وبحسب حسني مهنا، المتحدّث باسم بلدية غزة، تراكمت نحو 350 ألف طن من النفايات الصلبة في مدينة غزة وحدها. وفي حديثه إلى موقع "دروب سايت"، قال: "تعاني مدينة غزة اليوم من سلسلة أزمات خطيرة، أبرزها أزمة الكميات الهائلة من النفايات المتراكمة. فقد منع الاحتلال الإسرائيلي فرق البلدية من الوصول إلى مكب النفايات الأساسي شرقي المدينة، في منطقة جحر الديك. ونتيجة لذلك، اضطرت البلدية إلى تكديس النفايات في وسط المدينة؛ وبالتالي، أصبحت هذه النفايات المتراكمة بمثابة قنبلة موقوتة مزروعة في قلب المدينة بين سكانها". 

كذلك، دمّر "الجيش" الإسرائيلي مئات الآلاف من الأمتار من شبكة الصرف الصحي في غزة، إضافة إلى جميع محطات ضخ ومعالجة مياه الصرف الصحي تقريباً. وقال مهنا: "أصبح خزّان الشيخ رضوان اليوم بيئة خصبة لانتشار الأمراض والأوبئة، نتيجة لتراكم مياه الصرف الصحي وتسرّبها إلى هذا الخزّان، الذي كان مخصصاً لتجميع مياه الأمطار. وتمّ تدمير أكثر من 95% من البنية التحتية في مدينة غزة نتيجة حرب الإبادة التي شنّها الاحتلال الإسرائيلي على مدار عامين كاملين. ونتيجةً لذلك، نتحدّث عن واقع بالغ الخطورة، وانهيار شبه كامل للخدمات الأساسية. وتواجه البلدية اليوم تحدّيات جسيمة، أبرزها معالجة أزمة تراكم النفايات في مركز المدينة".

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP