قبل 8 شهور
حسني محلي
124 قراءة

من القوقاز إلى آسيا الوسطى... هل من ربيع تركي؟

من القوقاز إلى آسيا الوسطى... هل من ربيع تركي؟

تركيا الآن بوضعها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي بل وحتى الديني في حالة لا تحسد عليها أبداً.

بعد الدور السياسي والعقائدي الذي أداه إردوغان في بدايات "الربيع العربي"، والذي اكتسب طابعاً عسكرياً بدخول القوات التركية سوريا في آب/أغسطس 2016 بضوء أخضر روسي، تحوّلت تركيا إلى لاعب رئيسي في مجمل تطورات سوريا على الصعيد الداخلي والإقليمي والدولي.

واستغل إردوغان هذا التفوّق السياسي والعسكري والنفسي فأصبح لاعباً رئيسياً في مجمل تطورات المنطقة، بعد أن أرسل الجيش التركي والمرتزقة السوريين إلى ليبيا، ثم أقام العشرات من القواعد العسكرية في الصومال وشمال العراق، وأرسل قواته إلى قطر للدفاع عن حليفه العقائدي ومموّله المالي تميم آل ثاني ضد التهديدات السعودية والإماراتية والبحرينية والمصرية في حزيران/يونيو2017.

وحقّق كلّ ذلك لإردوغان مكاسب نفسية إضافية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ولا سيما بعد أن أصبحت تركيا لاعباً رئيسياً في أحداث ناغورنو كاراباخ، حيث تدخّلت عملياً إلى جانب أذربيجان التي حظيت في الوقت نفسه بدعم كبير جداً من الكيان الصهيوني.

وساعد ذلك الرئيس إردوغان لزيادة حظوظه في المساومة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية، باعتبار أن أذربيجان من أهم وأغنى دول القوقاز القريبة من البحر الأسود وبحر قزوين المهمين جداً بالنسبة لروسيا وإيران العدوَّين التقليديّين والتاريخيّين للدولة العثمانية. ويقول إردوغان إنه امتداد لهذه الدولة وإمبراطوريتها ليس فقط سياسياً وقومياً بل دينياً وتاريخياً.

يفسّر ذلك الاهتمام التركيّ السريّ منه والعلنيّ بمنطقة آسيا الوسطى حيث الجمهوريات الإسلامية ذات الأصل التركي، وهي تركمنستان وأوزبكستان وقرغيزيا وكازاخستان، وهي جميعاً ومعها أذربيجان كانت الحديقة الخلفية للاتحاد السوفياتي الذي أسقطه الغرب ثم مزّقه بنظرية الحزام الأخضر الإسلامي.

وهو ما يسعى إليه الغرب، أي أميركا بالدرجة الأولى الآن أيضاً، وربما هذه المرة عبر تركيا التي تقول إن شعوب الجمهوريات المذكورة ذات أصل تركي، حالها حال الأقليات المسلمة التي تعيش في جمهوريات الحكم الذاتي داخل روسيا، كما هو الحال بالنسبة للأقلية المسلمة في شبه جزيرة القرم. وقال إردوغان أكثر من مرة إنه لن يعترف بضم روسيا لها كما أنه سيستمر في دعم المسلمين هناك من أجل حقوقهم.

الرئيس إردوغان وهو على نهج الرئيس الراحل تورغوت أوزال الذي جمع زعماء الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى في أول قمة تركية في تشرين الأول/أكتوبر 1992 في أنقرة وتحت شعار "أمة تركية واحدة من الأدرياتيكي إلى حدود الصين"، يبذل قصارى جهده لكسب الجمهوريات المذكورة الغنية جداً بثرواتها الطبيعية إلى جانبه في مساوماته مع الأطراف الإقليمية والدولية، وأهمها روسيا والصين وإيران، والأهم من كل ذلك أميركا، عدو الدول الثلاث.

ويزيد ذلك من أهمية اللقاء المهم بين الرئيس بايدن وزعماء جمهوريات آسيا الوسطى الخمسة في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولم يلتقِ خلالها الرئيس إردوغان ورجّح عليه نتنياهو الذي فاجأ الجميع بلقائه إردوغان الذي أصر عليه أن يزور تركيا بأقرب فرصة بعد أن ألغى زيارته إلى أنقرة في 27 تموز/يوليو الماضي.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP