21/02/2018
تقاریر 595 قراءة
تعرف على فضائح مؤتمر ميونخ
صورة من الارشيف
مؤتمر ميونخ للأمن لهذا العام حضره 600 شخصية من معظم أنحاء العالم بينهم رؤساء والعديد من وزراء الخارجية والدفاع، كان أشبه بحفلة تنكرية تم نزع الأقنعة في أخرها، وظهر الساسة الذين كانوا يتباهون بمظهر الاعتدال والحكمة والرصانة عل حقيقتهم.
أولى هذه الفضائح الفضيحة الكبرى التي فجرها وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري في كلمة له أمام المؤتمر عندما كشف في معرض دفاعه عن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 ، عن أن الملك السعودي السابق عبدالله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك طلبا من أمريكا قصف إيران كحل وحيد لقضية النووي الإيراني، وهو الطلب الذي رفضت إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تنفيذه، لأنه لن يقضي على البرنامج النووي الإيراني، كما أكد جون كيري أمام المؤتمر.
هذا الاعتراف الأمريكي الصريح عن رفض السعودية، لاعتماد الدبلوماسية والحوار مع ايران لحل قضية البرنامج النووي الايراني، والضغط بالمقابل على واشنطن لقصف إيران، افسد على وزير خارجية السعودية عادل الجبير مهمته في تقديم بلاده على انها “حمامة سلام” تكافح “الإرهاب الإيراني”.
فضيحة جون كيري كشفت أيضا عن أن إيران، التي تتهمها السعودية و”اسرائيل” ليل نهار، بأنها تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم، هي من أكثر الدول تمسكا بالحوار والدبلوماسية لحل القضايا والأزمات التي تهدد أمن واستقرار المنطقة والعالم.
من فضائح مؤتمر ميونيخ أيضا، الضجة المفتعلة حول الجهة التي أرسلت الصواريخ إلى حركة أنصار الله والجيش في اليمن، بينما خيم صمت أشبه بصمت القبور على المشاركين في هذا المؤتمر إزاء مئات الالاف من الصواريخ والقنابل الغربية والأمريكية، التي تتساقط ليل نهار ومنذ 3 اعوام على الشعب اليمني الاعزل، وأسفرت عن مقتل الالاف من الأطفال والنساء، ونشرت المجاعة والأمراض والأوبئة بين الشعب اليمني.
ومن فضائح مؤتمر ميونيخ فضيحة رئيس وزراء “اسرائيل” بنيامين نتنياهو الذي عرض قطعة من الحديد الخردة على أنها جزء من طائرة إيرانية بدون طيار، مهددا كالعادة ايران، بينما فات المشاركون بالمؤتمر أن يطلبوا منه عرض القنابل والصواريخ والأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها ضد المدنيين في لبنان وغزة، وارتكب ابشع المجازر بحق الأطفال والنساء وهم في الملاجىء والمدارس.
بعد اعترافات جون كيري حول الضغوط التي مارستها السعودية على إدارة أوباما لقصف إيران، بات واضحا أن هذه الضغوط تمارس الأن وبإصرار أكبر على إدارة ترامب، لا سيما بعد أن اظهر الأخير عداء هستيريا ضد إيران، وهو ما انعش آمال السعودية و”اسرائيل” في تحقيق حلمهما الأثير بقصف إيران.
من نافلة القول أن رفض إدارة أوباما قصف إيران لم يكن من باب الحكمة أو الإنسانية أو المسؤولية الدولية، فكل هذه القضايا لا اعتبار لها في قاموس السياسة الأمريكية، فأمريكا لا تتوانى لحظة واحدة عن استخدام القوة العسكرية اذا ما كانت مضمونة النتائج، وهو ما اعترف به أوباما اكثر من مرة بقوله أنه يتمنى تفكيك أخر مسمار في البرنامج النووي الإيراني، إلا أن مثل هذا الأمر غير واقعي.
عدم واقعية القضاء على البرنامج النووي الإيراني باستخدام القوة العسكرية يعود إلى عدة أسباب منها ؛ قوة الردع الهائلة التي تمتلكها ايران، وانتشار البرنامج النووي الإيراني على امتداد الجغرافيا الإيرانية، وامتلاك العلماء الإيرانيين لناصية التقنية النووية.
هذه الحقيقة التي غفلت وتغفل عنها السعودية و “اسرائيل” ، مازالت قائمة، والقدرات العسكرية والاستخباراتية لأمريكا في عهد ترامب هي كما كانت في عهد اوباما، والعوامل التي دفعت اوباما مضطرا للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع إيران، هي التي ستضطر ترامب للقيام بنفس الفعل عاجلا أم اجلا، وعلى السعودية أن لا تضع نفسها في خانة واحدة مع “اسرائيل” ، فالهدف الأول والأخير لكل الضجيج الذي يثيره ترامب وأعضاء إدارته حول إيران، هو شفط ما تبقى في الخزينة السعودية من أموال.