26/12/2025
مال و آعمال 10 قراءة
"فورين بوليسي" .. عام الصبر في الصين!

الاشراق
الاشراق | متابعة.
مجلة "فورين بوليسي" الأميركية تنشر مقالاً يقدّم تقييماً عاماً لمسار الصين خلال عام صعب اقتصادياً وسياسياً، مع التركيز على ثلاثة محاور رئيسة: إدارة الصين للحرب التجارية مع الولايات المتحدة، والتحديات البنيوية للاقتصاد الصيني داخلياً، وتقدّم الصين في قطاعات التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر.
أدناه نص المقال منقولاً إلى العربية بتصرف:
كان عاماً من الصبر بالنسبة إلى الصين، إذ تكافح البلاد للتخلص من التداعيات الاقتصادية الطويلة لجائحة "كوفيد-19".
قاد الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا العام الصين خلال مواجهات تجارية حادة مع الولايات المتحدة، خلال تحديات اقتصادية مستمرة على الصعيد الداخلي. ورغم أنّ هذا العام أبرز بلا شك النفوذ الاقتصادي لبكين على الساحة الدولية، إلا أنّ الطريق أمامها، بعد عقود من الازدهار الاقتصادي، لا يزال غامضاً.
فيما يلي اتجاهات الصين التي رصدتها "فورين بوليسي" خلال هذا العام:
الانتصار في الحرب التجارية
توقع كثيرون أن تؤدي التعرفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى وضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع الصين. إلا أنّ قلة توقعت مدى حسم بكين في هذه الحرب.
بعد أن أعلن ترامب في نيسان/أبريل عن حزمة تعرفات جمركية واسعة النطاق على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، والتي هددت بتدمير التجارة بين الولايات المتحدة والصين، بدا أن كلا الجانبين يُدرك ضرورة التفاوض. تم التوصل إلى هدنة هشة في أيار/مايو، لكنها سرعان ما انهارت لتتحول إلى أشهر من التصعيد والردود الانتقامية، تلاها تراجع غير مسبوق بعد لقاء ترامب وشي وجهاً لوجه في تشرين الأول/أكتوبر.
منذ ذلك الحين، بذل ترامب قصارى جهده لاسترضاء شي، ساعياً على ما يبدو إلى إبرام اتفاق تجاري: فقد ضغط على اليابان لتخفيف موقفها من تايوان، وحاول تحييد الإجراءات الأميركية التي قد تُثير غضب بكين، ووافق على تصدير بعض أقوى رقائق الذكاء الاصطناعي في العالم إلى الصين.
في غضون ذلك، تراجعت الصين بهدوء عن تعهدها بشراء فول الصويا الأميركي، وتُصدّر اليوم كميات من البضائع تفوق أي وقت مضى رغم الرسوم الجمركية الأميركية الباهظة. ويعود فشل إدارة ترامب في ممارسة ضغط فعّال على بكين جزئياً إلى تهميشها للخبرات الصينية في مختلف أجهزة الحكومة الأميركية، فضلاً عن رغبة ترامب الشخصية في نيل استحسان القادة، ولا سيما القادة ذوي النزعة الاستبدادية.
لكن قدرة الصين على تضييق الخناق على سلاسل التوريد العالمية، بفضل هيمنتها على قطاع المعادن الحيوية، كانت حاسمة أيضاً. فبعد أكثر من عقد من تجاهل التحذيرات، تسعى الولايات المتحدة جاهدةً الآن لكسر قبضة الصين على هذه الموارد، لكنها قد تفتقر إلى الخبرة أو القدرة الحكومية اللازمة لتحقيق ذلك في المستقبل المنظور.
اقتصاد ضعيف
في الداخل، ظلت الصين غارقة في مشاكلها حتى عام 2025، وعلى رأسها اقتصاد لم يتعافَ بعد من صدمة جائحة "كوفيد-19"، التي كشفت بوضوح عن مواطن ضعف كانت تتراكم على مدى سنوات.
أخطر هذه المواطن ضعف قطاع العقارات، الذي يُشكّل الجزء الأكبر من ثروة الأسر الصينية. حتى قبل الجائحة، كان من الواضح أنه فقاعة حاولت بكين مراراً وتكراراً تفجيرها من دون التسبب في أزمة أوسع. لكن كل محاولة قوبلت بمقاومة من الطبقة المتوسطة العليا في المدن، ما أجبر الحكومة على التراجع.
نجحت الصين حتى الآن في احتواء انهيار شركات عقارية عملاقة مثل "إيفرغراند"، لكن مبيعات العقارات تراجعت بشدة، ولا تزال شركات تطوير عقاري كبرى مثل "فانكي" على حافة الانهيار.
أدّى تراجع سوق العقارات بدوره إلى إلحاق أضرار جسيمة بالحكومات المحلية، التي لطالما اعتمدت على مبيعات الأراضي لسدّ العجز في ميزانياتها. كما كشف عن مستويات ديون غير مستدامة، تفاقمت بسبب تكاليف تطبيق سياسات مكافحة "كوفيد-19". رغم محاولات الحكومة المركزية إعادة هيكلة جزء من هذا الدين أو استيعابه، إلا أنها لا تزال تواجه صعوبة في تقييم حجم المشكلة الحقيقي.
ويزيد ارتفاع معدلات بطالة الشباب من حدة هذه الضغوط، ويقوض جهود بكين لتعزيز الاستهلاك المحلي.
انتصارات التكنولوجيا
على الرغم من ركود الاقتصاد الصيني بشكل عام، لا يزال بعض قطاعات التكنولوجيا الصينية يشهد ازدهاراً كبيراً. وقد أبرز إطلاق برنامج "DeepSeek-R1" في كانون الثاني/يناير مدى قوة الصين كمنافس في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
أعاد إطلاق "DeepSeek" إشعال النقاش حول ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة فرض ضوابط أكثر صرامة على صادرات الرقائق الإلكترونية المتطورة إلى الصين، أو ما إذا كان ذلك سيُسرّع من طموحات بكين لتطوير قطاعها الخاص بالرقائق. وسرعان ما طغى على هذا النقاش إعلان ترامب هذا الشهر بأنه سيسمح بتصدير بعض الرقائق المتطورة، شريطة حصول الحكومة الأميركية على نسبة من المبيعات.
يُثبت نهج الصين في مجال الذكاء الاصطناعي اختلافاً كبيراً عن نهج الولايات المتحدة. فبدلاً من السعي وراء وهم الذكاء الاصطناعي العام، ركزت بكين على التكامل العملي مع قطاعي التصنيع والصناعة. إضافةً إلى ذلك، فإنّ القيادة السياسية الصينية هي من تضع أجندة هذا القطاع، لا أقطاب التكنولوجيا الذين خضعوا فعلياً لحملة قمع حكومية استمرت من عام 2020 إلى عام 2023. وإذا كانت الصين قادرة على المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، فهي مهيمنة في مجال التكنولوجيا الخضراء، لا فقط لأنّ الولايات المتحدة تُحكَم الآن من قبل منكري تغير المناخ. فالصين هي الرائدة عالمياً في مجال السيارات الكهربائية، مع أنّ حرب الأسعار الشرسة في هذا القطاع دفعت العديد من الشركات المصنّعة المحلية إلى الإفلاس.
كما تُضيف الصين مصادر الطاقة المتجددة إلى شبكتها بسرعة ونطاق غير مسبوقين، ما يُساعد على التخفيف من وضعها كأكبر مُصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم. في عام 2025، استحوذت الشركات الصينية على ما يقرب من 75% من طلبات براءات اختراع الطاقة النظيفة العالمية، و31% من الاستثمارات الخضراء العالمية، أي أكثر من أي دولة أخرى.
لا تتبنى الاشراق بالضرورة الاراء والتوصيفات المذكورة.