22/12/2025
تقاریر 15 قراءة
إعمار أم استثمار.. الفلسطينيون يحذّرون من تحويل غزة لصفقة !

الاشراق
الاشراق | متابعة.
أثار مخطط مزعوم لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي اعتمدته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تحت اسم «شروق الشمس»، حالةً من الرفض في الأوساط الشعبية والاقتصادية الفلسطينية، وسط تحذيرات من تحويل الإعمار إلى مشروع استثماري مشروط سياسيًا وأمنيًا، يتجاهل حقوق السكان المتضررين وجذور الأزمة.
ويجمع الرافضون للخطة على أن إعادة إعمار غزة يجب أن تقوم على أسس واضحة، تشمل رفع الحصار، وضمان حرية الحركة والتجارة، وإشراك الكفاءات المحلية، والاستثمار في القطاعات الإنتاجية، إلى جانب تحميل الجهة التي دمّرت البنية التحتية مسؤولياتها القانونية والمالية.
ويؤكد مواطنون وخبراء أن الإعمار الحقيقي لا يبدأ بالعروض الترويجية والمجسمات العمرانية، بل بإعادة بناء الإنسان، وتمكينه اقتصاديًا، والحفاظ على حقه في موارده وأرضه، مشددين على أن غزة ليست مشروعًا استثماريًا، بل قضية شعب يسعى إلى العدالة والحياة الكريمة.
وبحسب ما أوردته صحيفة وول ستريت جورنال، يهدف المخطط إلى تحويل غزة إلى ما اسمته "مدينة تكنولوجية متطورة ووجهة سياحية ساحلية"، بمشاركة دول مانحة محتملة، فيما قد تغطي الولايات المتحدة جزءًا من التكاليف على مدى عشر سنوات.
من جانبهم، عبّر مواطنون فقدوا منازلهم خلال الحرب عن رفضهم القاطع للمخطط، معتبرين أنه يتجاهل معاناة الناس اليومية ويقفز فوق أولوياتهم الأساسية.
ويقول المواطن أحمد النوري (45 عامًا)، الذي دُمّر منزله بالكامل: "قبل أن يتحدثوا عن ناطحات سحاب ومدينة ذكية، فليعيدوا لنا بيوتنا وكرامتنا. نحن نعيش في خيام ومراكز إيواء، وأطفالنا بلا استقرار. غزة ليست كيكة تُقسَّم بين الاحتلال وحلفائه، ولا مشروعًا يُبنى فوق ركام بيوتنا". أما أم محمد النزلي، التي تقيم مع أطفالها في مركز إيواء منذ شهور، فتؤكد أن الحديث عن مشاريع فخمة لا يلامس واقع الناس، قائلة: "نريد بيتًا آمنًا، ومدرسةً لأطفالنا، وعلاجًا، وعملاً كريمًا. لا نريد مدنًا ذكية تُقام فوق أنقاض ذكرياتنا، نريد إعمارًا عادلًا يحترم حقنا في أرضنا وحياتنا".
ويضيف المواطن أبو خالد العطار، وهو رب أسرة فقد مصدر رزقه بعد تدمير ورشته: "الإعمار الحقيقي يعني أن نعود إلى العمل، وأن نعيش بكرامة، لا أن ننتظر مساعدات مشروطة. أي خطة لا تضع الإنسان الغزي في مركزها هي خطة مرفوضة".
ويرى الاختصاصي الاقتصادي د. نور أبو الرب أن المخطط يحمل ملامح ما يُعرف بـ "اقتصاد ما بعد الحرب"، حيث تُفتح الأبواب أمام الشركات الكبرى والاستثمارات الخارجية، بينما يُهمَّش الدور المحلي، وتذهب العوائد إلى خارج القطاع.
ويحذّر أبو الرب من أن ذلك قد يقود إلى "استعمار اقتصادي ناعم"، تُدار فيه غزة من الخارج دون تمكين حقيقي لسكانها، مؤكدًا أن "أي خطة إعمار تُطرح بمعزل عن السيادة والحقوق الوطنية محكوم عليها بالفشل".
وقال أبو الرب لصحيفة لـ"فلسطين" إن غزة "ليست أرضًا بلا شعب، ولا اقتصادًا منهارًا بلا مقومات"، مشيرًا إلى أن القطاع يمتلك موارد اقتصادية حقيقية، أبرزها حقول الغاز البحرية، والموقع الجغرافي الاستراتيجي، والأراضي الزراعية الخصبة، إضافة إلى الإمكانات الكبيرة في مجال الطاقة الشمسية. وأضاف أن "المشكلة ليست في غياب الموارد، بل في حرمان الفلسطينيين من إدارتها والتحكم بها"، محذرًا من أن ربط الإعمار بشروط سياسية وأمنية، مثل نزع السلاح، يحوّل التنمية إلى أداة ضغط، ويكرّس نموذجًا اقتصاديًا تابعًا قائمًا على المنح والمشاريع الخارجية، بدل بناء اقتصاد إنتاجي مستقل يخدم المجتمع المحلي.