الفرق بين خبز الساوردو والخبز العادي .. أيهما أفضل؟

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

يُعدّ الخبز واحداً من أكثر الأطعمة استهلاكاً حول العالم، لكنه ليس متشابهاً في كل أشكاله. فبين الخبز التجاري العادي وخبز «الساوردو» (الخميرة الطبيعية)، تكمن فروقات جوهرية تمتد من طريقة التحضير إلى القيمة الغذائية، الهضم، وطريقة تأثيره في الجسم والوزن.

أولاً: كيف يُصنع كل نوع؟
يُحضّر الخبز العادي التجاري غالباً باستخدام الخميرة الصناعية المعبّأة ووفق ما يُعرف بـ«طريقة تشورليوود» التي طُوّرت في بريطانيا أواخر الخمسينيات لتسريع عملية الإنتاج.
تتضمن هذه الطريقة خلط العجين بسرعة عالية مع خميرة إضافية ودهون صلبة ومواد مؤكسدة وإنزيمات ومُستحلبات لتقوية العجين وإطالة عمره على الرف.
تسمح هذه التقنية بإنتاج كميات ضخمة بسرعة وبتكلفة منخفضة، لكنها تجعل الخبز أكثر معالجة صناعياً وأقلّ قيمة غذائية.

أما خبز الساوردو فيُصنع من مزيج طبيعي بسيط: طحين، ماء، وملح، مع ما يُعرف بـ«الخميرة الأم» أو الستارتر، وهي مزيج حيّ من الخمائر البرّية والبكتيريا اللبنية (Lactobacillus).

تختمر العجينة ببطء شديد، أحياناً لمدة تتجاوز 24 إلى 36 ساعة، ما يتيح للبكتيريا أن تُحلّل الكربوهيدرات والبروتينات وتُنتج أحماضاً عضوية تُعطي الخبز طعمه المميّز وتغيّر من تركيبته الكيميائية والغذائية.

ثانياً: القيمة الغذائية والهضم
تُظهر الأبحاث أن عملية التخمير الطويلة في الساوردو تجعل الخبز أسهل هضماً من الأنواع الأخرى.
فالبكتيريا اللبنية تُقلّل من نسبة السكريات صعبة الهضم (FODMAPs) وتُساعد على تكسير الغلوتين جزئياً، ما يجعل الخبز ألطف على الجهاز الهضمي خصوصاً لمن يعانون من الانتفاخ أو الحساسية الخفيفة تجاه القمح (لكنّه غير مناسب للمصابين بمرض السيلياك).

كما تُسهم الأحماض المنتَجة أثناء التخمير في خفض المؤشر الغلايسيمي للخبز، أي أنها تُبطئ امتصاص السكر في الدم، مما يساعد على استقرار مستويات الغلوكوز ويُقلّل الرغبة الشديدة في الأكل بعد الوجبات.
في المقابل، يحتوي الخبز الأبيض العادي المصنوع من طحين مكرّر على كمية أقل من الألياف وأكثر من السكريات البسيطة، ما يجعله يرفع سكر الدم بسرعة ويُسبب الجوع المبكر.

إضافة إلى ذلك، فإن عملية التخمير في الساوردو تُقلّل من محتوى مُركّبات الفسفور النباتية التي تُقيّد امتصاص المعادن في الجسم، ما يعني أن الحديد والمغنيسيوم والزنك تصبح أكثر قابلية للامتصاص مقارنة بالخبز العادي.

ثالثاً: الشبع والتحكم في الوزن
تبيّن دراسات عدّة أن تناول خبز الساوردو قد يُساعد في الشعور بالشبع لفترة أطول مقارنة بالخبز العادي، بسبب محتواه الأعلى من الألياف وبطء امتصاصه.
كما أن التخمير يُنتج مركّبات تُعرف بـ الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFAs)، وهي مواد تُساعد في تنظيم عملية التمثيل الغذائي للطاقة، وتحفيز حرق الدهون، والتحكم في الشهية.

وبحسب دراسات نُشرت في مجلة BMJ، فإن زيادة إنتاج هذه الأحماض في الأمعاء يرتبط بانخفاض السمنة الناتجة عن النظام الغذائي.
ومع ذلك، يبقى خبز الساوردو غنيّاً بالكربوهيدرات، ما يعني أن الإفراط في تناوله يمكن أن يُعيق خسارة الوزن رغم فوائده الأيضية.

رابعاً: المعالجة الصناعية والعناصر المضافة
تُصنَّف معظم أنواع الخبز التجاري المنتشرة في الأسواق ضمن فئة الأطعمة فائقة المعالجة (Ultra-Processed Foods)، بسبب ما تحتويه من إضافات كيميائية مثل المستحلبات والمواد الحافظة والدهون المهدرجة والسكر المضاف.
تُستخدم هذه المواد لتسريع الإنتاج، وتحسين المذاق، وإطالة مدة التخزين، لكنها تُفقد الخبز كثيراً من قيمته الغذائية الأصلية.
أما خبز الساوردو التقليدي، فيُعتبر «منتجاً حياً» خالياً من الإضافات الصناعية، وغالباً ما يُصنع بمكونات يمكن العثور عليها في أي مطبخ منزلي.

الجدير بالذكر أن بعض الشركات اليوم تُنتج «ساوردو تجاري» سريعاً عبر إضافة الخميرة الجاهزة ونكهة حامضة مصطنعة، وهو لا يحمل فوائد الساوردو الحقيقي. لذا يُنصح بقراءة المكونات: إذا احتوى الخبز على أكثر من خمسة مكوّنات أو إضافات غير مألوفة، فالأرجح أنه ليس ساوردو حقيقياً.

خامساً: ماذا عن خبز القمح الكامل؟
يُعدّ الخبز المصنوع من الحبوب الكاملة خياراً صحياً آخر يُمكن أن يُنافس الساوردو من حيث الفوائد.
فالحبوب الكاملة تحتفظ بالطبقات الثلاث لحبة القمح: الجنين، والنخالة، والإندوسبرم، ما يجعلها أغنى بالألياف، والبروتين، والمعادن، ومضادات الأكسدة.
تشير الدراسات إلى أن تناول ثلاث حصص من الحبوب الكاملة يومياً يمكن أن يُخفض مؤشر كتلة الجسم (BMI) ودهون البطن، ويُقلل خطر أمراض القلب والسرطان مقارنة باستهلاك الحبوب المكرّرة.

ومع ذلك، يمكن الجمع بين الخيارين باختيار خبز ساوردو مصنوع من طحين القمح الكامل، وهو يجمع بين فوائد التخمير الطبيعي ومزايا الألياف العالية.

خلاصة
من حيث القيمة الغذائية والهضم وتنظيم سكر الدم، يتفوّق خبز الساوردو على الخبز الأبيض العادي. لكن من حيث السعر والعملية والمدة التخزينية، يبقى الخبز التجاري أكثر ملاءمة للحياة السريعة اليومية.
الاختيار الأفضل هو الوعي بالمكوّنات، والبحث عن أقل درجة ممكنة من المعالجة. خبز الساوردو الحقيقي، سواء كان محلي الصنع أو من مخبز موثوق، يُقدّم نكهة فريدة وتجربة غذائية أكثر توازناً وصحةً.

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP