04/11/2025
دولي 28 قراءة
“أضخم قضايا الفساد ” في إسرائيل.. عشرات الاعتقالات داخل الهستدروت!

الاشراق
الاشراق | متابعة.
أعلنت الشرطة الصهيونية عن تنفيذ واحدة من أوسع حملات الاعتقال في تاريخ التحقيقات الاقتصادية إثر كشفها قضية فساد كبرى داخل الاتحاد العام لنقابات العمال «الهستدروت»، الذي يُعدّ أكبر مؤسسة عمالية في إسرائيل.
يأتي اعتقال أرنون بار دافيد ليشكل زلزالًا داخليًا، خصوصًا أنه كان من أبرز معارضي سياسات نتنياهو
وقالت الشرطة في بيان إن «محققي وحدة لاهف 433 لمكافحة الاحتيال اعتقلوا، صباح اليوم، عشرات المشتبه بهم في قضايا فساد واحتيال وخيانة أمانة وغسل أموال وانتهاكات ضريبية».
وأضاف البيان أن التحقيق «استمر على مدى عامين، وتركز على مسؤولين كبار في اتحاد الهستدروت وسلطات محلية وشركات عامة، يُشتبه بتلقيهم رشاوى ومزايا من رجال أعمال مقابل تمرير مصالح ومكاسب مالية».
وبحسب مواقع “هآرتس” و”تايمز أوف إسرائيل” و”واي نت نيوز”، فقد جرى تفتيش 55 موقعًا في أنحاء البلاد، بينها مكاتب بلديات وشركات عامة واتحادات فرعية. وتم توقيف ما لا يقل عن 35 شخصًا، واستجواب أكثر من 300 مشتبه بهم على صلة بالشبكة، في حين وصفت الشرطة القضية بأنها «من أضخم قضايا الفساد المنظّم في إسرائيل».
وتشمل لائحة الموقوفين رئيس الهستدروت أرنون بار دافيد، الذي مددت محكمة ريشون لتسيون احتجازه لمدة ثمانية أيام، وزوجته التي مُدد اعتقالها أسبوعًا إضافيًا. وتواجه الزوجان تهم تتعلق بتلقي رشاوى واستغلال النفوذ وخيانة الأمانة والتدخل في تعيينات مسؤولين مقابل مكاسب مالية عبر شبكة علاقات مع رجال أعمال وشركات تأمين.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن فريق الدفاع عن بار دافيد قوله إن «اعتقال زوجته يهدف إلى الضغط عليه»، مشيرًا إلى أنه «ليس لديه ما يخفيه»، وأن علاقته برجل الأعمال المركزي في الملف «مجرد صداقة شخصية». غير أن القاضي الذي نظر في القضية رفض الإفراج المشروط عنهما خشية «تدمير الأدلة أو التأثير على الشهود».
وذكرت مصادر أمنية أن التحقيقات تطال مسؤولين في سلطات محلية من مدن بينها كريات بياليك وروش هاعين وريشون لتسيون، إضافة إلى شخصيات من الصندوق القومي اليهودي (KKL-JNF)، وجامعة فينغيت، وسكك الحديد الإسرائيلية، وشركة الطيران «العال». وتشتبه الشرطة في أن التحقيق يكشف شبكة «هات وخذ» متشعبة بين رجال أعمال ومسؤولين حكوميين ونقابيين، تعتمد على تبادل المنافع والرشاوى بملايين الشواقل.
وفي أول رد رسمي على الاعتقالات، أصدر اتحاد الهستدروت بيانًا أكد فيه «إيمانه ببراءة موظفيه» وأضاف: «نحن نتعاون مع السلطات بشكل كامل، ويستمر الاتحاد في أنشطته وتقديم خدماته للأعضاء بصورة طبيعية».
ويُعد الهستدروت، الذي تأسس عام 1920 خلال فترة الانتداب البريطاني على فلسطين، أحد أعمدة الحياة الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل، ويضم أكثر من 800 ألف عضو من العاملين في القطاعين العام والخاص. وغالبًا ما لعب دورًا سياسيًا مؤثرًا في الحكومات المتعاقبة، نظرًا إلى نفوذه الواسع في سوق العمل والنقابات المهنية.
ويأتي اعتقال رئيسه الحالي أرنون بار دافيد ليشكل زلزالًا داخليًا، خصوصًا أنه كان من أبرز معارضي سياسات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ففي عام 2023، دعا بار دافيد إلى إضراب عام احتجاجًا على إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، كما هدد خلال الحرب على غزة بإعلان إضراب شامل للضغط على الحكومة من أجل التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.
دعا بار دافيد إلى إضراب عام احتجاجًا على إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت، كما هدد خلال الحرب على غزة بإعلان إضراب شامل للضغط على الحكومة
من جانبها، قالت وسائل إعلام عبرية إن القضية قد تمتد لتشمل شخصيات سياسية، من بينها وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار من حزب الليكود، الذي ورد اسمه في تقارير أولية كأحد من يُحتمل استدعاؤهم للتحقيق. ولم تصدر أي تعليقات رسمية من مكتبه حتى الآن.
ويرى مراقبون أن هذه القضية، التي تهزّ أركان المؤسسة العمالية الإسرائيلية، تعكس أزمة أوسع في منظومة الحوكمة والشفافية داخل البلاد. وكتب محللون في صحيفة هآرتس أن «التحقيق الجديد يضيف طبقة أخرى من الشك في نزاهة المؤسسات العامة، ويكشف عن ترابط مقلق بين النقابات والسلطات المحلية ورجال الأعمال».
كما أشار محللون اقتصاديون إلى أن «تكرار الفضائح خلال السنوات الأخيرة، من الأجهزة الأمنية إلى البلديات والمؤسسات العمالية، يدل على تفشي فساد بنيوي في إسرائيل، في ظلّ ضعف أدوات الرقابة والمساءلة وتداخل المصالح السياسية والمالية».
وفيما يتوقع أن تستدعي الشرطة مزيدًا من المسؤولين للتحقيق خلال الأيام المقبلة، تؤكد مصادر قضائية أن القضية قد تستمر لشهور، وربما تتحول إلى محاكمة علنية تُعدّ الأكبر من نوعها منذ عقدين، بما يعمّق أزمة الثقة بين الجمهور والمؤسسات الرسمية في إسرائيل.