استخدام الصواعق الكهربائية بألمانيا..ما علاقة فلسطين؟

ishraq

الاشراق

الاشراق | متابعة.

في خطوة أثارت جدلاً سياسياً وحقوقياً واسعاً، أقرّ البرلمان الألماني (البوندستاغ) في وقت متأخر من ليلة الخميس تعديلاً قانونياً يمنح الشرطة الاتحادية صلاحية استخدام أجهزة الصعق الكهربائي، المعروفة باسم “التيزر”. ويأتي القرار في ظل تصاعد التوترات الأمنية داخل البلاد، ويُعدّ تطوراً بارزاً في ترسانة الأدوات الأمنية الألمانية، لكنه يثير في المقابل تساؤلات حول التوازن بين حفظ الأمن العام وحماية الحريات الأساسية، خصوصاً مع استمرار الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين.

ووفقاً لتقارير إعلامية، تعتزم الحكومة شراء نحو عشرة آلاف جهاز صعق خلال السنوات المقبلة، بميزانية تبلغ نحو خمسة ملايين يورو سنوياً ابتداءً من عام 2025، في إطار خطة لتعزيز قدرات قوات الأمن.

لكن القرار أثار اعتراضات حادة من منظمات حقوقية وأحزاب معارضة، حذّرت من أن إدخال الصواعق إلى ترسانة الشرطة يشكل تهديداً مباشراً لسلامة المواطنين، في ظل الانتقادات المتكررة لاستخدام الشرطة العنف المفرط ضد المتظاهرين المؤيدين لفلسطين.

من المقترح إلى المصادقة

بدأ مسار هذا التعديل في يوليو/تموز 2025 عندما قدّمت وزارة الداخلية الألمانية مشروع قانون يهدف إلى توسيع صلاحيات الشرطة في التعامل مع التهديدات. ووافق مجلس الوزراء على المشروع، مؤكداً ضرورة تزويد قوات الأمن “بجميع الوسائل اللازمة للتصرف بفعالية وتناسب”.
ويضع التعديل الصعق الكهربائي ضمن “التدرج في استخدام القوة”، كخيار وسط بين الهراوات قصيرة المدى والأسلحة النارية ذات الخطر المميت، مع التشديد على أن “الرصاص يظل الملاذ الأخير”.

ودافع وزير الداخلية الاتحادي ألكسندر دوبرينت عن القرار، قائلاً إن أجهزة الصعق “حلّ وسط بين العصا والمسدس” وإنها وسيلة لتقليل الإصابات خلال المواجهات مع المشتبه بهم. وأوضح الوزير المنتمي للحزب الاجتماعي المسيحي أن وزارته ستبدأ خلال الأشهر المقبلة بتجهيز الشرطة بعشرة آلاف جهاز صاعق، مؤكداً أن “الاستخدام سيكون منضبطاً وتحت رقابة صارمة”.
ورحبت نقابة الشرطة بالقرار، واصفةً إياه بأنه “خطوة طال انتظارها” لحماية أفراد الأمن من المخاطر اليومية.

تحذيرات حقوقية ومخاطر صحية
في المقابل، وصفت المتحدثة باسم الشؤون الداخلية في حزب اليسار، كلارا بونغر، القرار بأنه “تراجع خطير في معايير حماية الإنسان”، مشيرة إلى وجود “حالات وفاة موثقة حول العالم” بسبب استخدام أجهزة الصعق.
كما حذّرت منظمات طبية من أن التيار الكهربائي الصادر عن هذه الأجهزة قد يؤدي إلى أزمات قلبية قاتلة، لا سيما لدى كبار السن والمرضى، وأن الألم الناجم عنها قد يترك آثاراً جسدية ونفسية طويلة الأمد.

ويرى معارضون أن ما تسميه الحكومة “تدرجاً في استخدام القوة” قد يتحول عملياً إلى وسيلة قمع ضد المتظاهرين، خصوصاً أولئك الذين يعبرون عن مواقف سياسية غير مرحّب بها رسمياً، مثل المؤيدين لفلسطين.

وجاء التصويت بعد أيام من بيان شديد اللهجة أصدره خبراء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهموا فيه السلطات الألمانية بـ”مواصلة قمع التظاهرات المؤيدة لفلسطين واستخدام العنف ضد المشاركين فيها”.
وقال الخبراء في جنيف إنهم “قلقون بشدة من استمرار القيود المفروضة على حرية التجمع والتعبير”، داعين الحكومة إلى ضمان الحق في الاحتجاج السلمي “دون تمييز على أساس الموقف السياسي أو القومي”.

وخلال العامين الماضيين، منعت الشرطة الألمانية عدداً من المسيرات التضامنية مع غزة، متذرعة بمخاوف من “شعارات تحريضية أو معادية للسامية”، فيما أيدت بعض المحاكم قرارات الحظر استناداً إلى حوادث شغب سابقة.
لكن منظمات حقوقية تؤكد أن هذه الإجراءات تميّز ضد الأصوات المؤيدة للشعب الفلسطيني وتتعارض مع المبادئ الدستورية لحرية الرأي والتعبير.

ويرى مراقبون أن توقيت إقرار القانون يثير تساؤلات حول أهدافه الحقيقية، خاصة في ظل تصاعد الاحتجاجات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة منذ خريف 2023، وتزايد الضغوط الأمنية على الناشطين المؤيدين للفلسطينيين في ألمانيا.

ويخشى هؤلاء أن تتحول الصواعق إلى أداة ميدانية لتفريق التظاهرات بدلاً من استخدامها في الحالات الأمنية الطارئة فقط. والقانون يشرعن القوة بدل تقييدها، ويمنح الشرطة صلاحيات قد تُستخدم انتقائياً ضد فئة معينة من المحتجين”.
 

Copyright © 2017 Al Eshraq TV all rights reserved Created by AVESTA GROUP