23/03/2025
تقاریر 124 قراءة
البداية من الإعلام..كيف قوض "ترامب" القوة الناعمة الأمريكية؟

الاشراق
الاشراق | متابعة.
في ظلِّ سياسات ترامب المتسارعة نحو تقويض أركان الهيمنة الأمريكية التقليدية، تتعرض "القوة الناعمة" للولايات المتحدة لضرباتٍ استراتيجية قد تُعيد تشكيل خريطة النفوذ العالمي، مع تصاعد تحذيراتٍ من انهيارٍ كبير في مكانة واشنطن كقطبٍ أحادي، لصالح قوىً صاعدة مثل الصين وروسيا.
ترامب يُفكك إمبراطورية "الهيمنة الناعمة
منذ بداية ولايته الثانية في آذار/مارس 2025، شنَّ ترامب حرباً شاملة على مؤسسات القوة الناعمة الأمريكية، بدءاً بتعليق المساعدات الخارجية ووقف تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وصولاً إلى تصفية مؤسسة "صوت أمريكا" الإعلامية، التي ظلَّت لعقودٍ أداة دعائية حاسمة في حروب واشنطن الثقافية.
بحسب تقارير محلّلية، تُعتبر هذه الخطوات جزءاً من سياسةٍ ممنهجة لـ"تقليص دور الدولة العميقة"، لكنها في الواقع تُكرِّس تراجعاً تاريخياً للنفوذ الأمريكي، خاصةً في مناطق مثل الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث كانت المساعدات والمنصات الإعلامية أدواتٍ لشرعنة الهيمنة.
من "USAID" إلى "صوت أمريكا".. إضرام النار في ترسانة الهيمنة
أثار قرار إغلاق "USAID" – التي تُعدُّ الذراع "الإنساني" للإمبراطورية الأمريكية – ذعر المنظمات الدولية، حيث تعتمد عشرات الدول على برامجها في مجالات الصحة والتعليم، والتي كانت تُغَلف دائماً بأجندات سياسية. وفي تعليقٍ لاذع، وصف جوزيف ناي – مُنظِّر مفهوم القوة الناعمة – قرارات ترامب بأنها "جريمةٌ ضد المصالح الأمريكية طويلة المدى"، مشيراً إلى أن الصين ستستفيد من الفراغ لتعزيز مشروعها العالمي عبر مبادرة "الحزام والطريق".
أما تصفية "صوت أمريكا"، التي كانت تُبثُّ بأكثر من 40 لغةً لدحض "الرواية المعادية لواشنطن"، فتُعتبر ضربةً لدعاية الولايات المتحدة في مناطق مثل إيران وروسيا وكوريا الشمالية. وقد هنّأت الصين وروسيا بشكلٍ غير مباشر على القرار، حيث وصفت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية الإغلاق بأنه "انتصارٌ للحقيقة على الأكاذيب الغربية".
اقتصادٌ منهار.. فاتورة التهور الداخلي
لم تكن التداعيات الدولية وحدها التي كشفت فشل سياسات ترامب، ففي الداخل الأمريكي، أدت الحروب التجارية العشوائية مع الحلفاء، وفرض رسوم جمركية بنسبٍ جنونية، إلى خسائرَ غير مسبوقة في بورصة وول ستريت، مع تحذيراتٍ من كبار الاقتصاديين من دخول الاقتصاد الأمريكي في "كسادٍ مطوّل".
كما تسببت سياسات خفض الوظائف الفيدرالية وإغلاق المؤسسات الإعلامية في تصاعد البطالة وانتقاداتٍ حادة من نقابات العمال، التي وصفَت ترامب بـ"المنفذ الأول لأجندة الشركات الاحتكارية على حساب الشعب".
ترامب vs الدولة العميقة.. من يدفن من؟
رغم ادعاءات ترامب بأنه "يحرر أمريكا من نخبة واشنطن الفاسدة"، إلا أن تحليلاتٍ استراتيجية تُشير إلى أن إدارته تُسرع بانهيار النظام العالمي الذي قادته الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، لصالح نظامٍ متعدد الأقطاب تتصدره الصين.
في هذا السياق، لفت الباحث الجيوسياسي جاك تومسون إلى أن "إغلاق صوت أمريكا يشبه إطلاق الرصاص على قدمك قبل معركةٍ مصيرية"، مُحذراً من أن واشنطن ستخسر معها آخر أدواتها لمواجهة "القصص المضادة" التي ترويها موسكو وبكين.
خلاصة: هل تنهار "الإمبراطورية" بأيدي أبنائها؟
تبدو الولايات المتحدة، تحت حكم ترامب، وكأنها تُدير عملية انتحارٍ استراتيجي مُمنهج: فتارةً تقطع جسور نفوذها عبر تقويض مؤسساتها الناعمة، وتارةً تُشعل حروباً تجاريةً تُضعف تحالفاتها التاريخية. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل يُدرك الناخب الأمريكي أن "أمريكا أولاً" قد تعني "أمريكا وحدها" في عالمٍ لم يعد ينتظر إذناً من البيت الأبيض؟
يُذكر أن التقرير يستند إلى تحليلاتٍ غربية، وتُعبِّر الآراء الواردة عن انعكاسات سياسات ترامب على النظام الدولي، دون أن تعكس بالضرورة رأي قناة الاشراق.