19/09/2024
تقاریر 142 قراءة
"خذوا عيني لجريح فقد بصره".. آلاف اللبنانيين يهبون أعضاءهم ودماءهم للمصابين
الإشراق
الإشراق | متابعة.
أبرز مشاهد التضحية كانت المبادرات العفوية الفردية التي أطلقها عدد كبير من اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم، باستعدادهم للتبرّع بأعضاء من أجسادهم للجرحى، منها العيون، القرنيّات، الكلى، جزء من الكبد، وحدات دم، وغيرها.
لم يكن السابع عشر من أيلول/سبتمبر يوماً عادياً في حياة اللبنانيين وذاكرتهم وقلوبهم، عدوان إلكتروني غادر ودموي نفّذه الاحتلال الإسرائيلي، مستهدفاً الآلاف من أبناء هذا الشعب المقاوم، الذي شارك غزة وأطفالها مسيرة النصر المعبّدة بالدم والشهادة وما زال.
في تفاصيل الحدث الأليم والدموي ثمة مشهدٌ وطني استثنائي غير عابر، مشهد يجسّد أعمق أشكال التضامن الإنساني بين أبناء الوطن وتحديداً مع أبناء بيئة المقاومة، ويحمل في طياته ومظاهره أرقى صور الأخوّة والعطاء، بعيداً عن التفرقة السياسية والطائفية بين أبناء الوطن الواحد.
وأبرز مشاهد التضحية كانت المبادرات العفوية الفردية التي أطلقها مئات اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم ومناطقهم، باستعدادهم للتبرّع بأعضاء من أجسادهم للجرحى، منها العيون، القرنيّات، الكلى، جزء من الكبد، وحدات دم، وغيرها. اندفع هؤلاء بعزم وحبّ ليعوّضوا للجرحى ما فقدوه من جراء العدوان.
انتشرت طلباتهم وأمنياتهم عبر حساباتهم الشخصية في مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضهم أرسل طلبه مع زمرة دمه وطلب نشرها عبر مجموعات أخرى في المنصات الإعلامية المختلفة.
مشهدٌ تضامني وطني آخر تجسّد من خلال مبادرات الوافدين من أبناء طريق الجديدة إلى المستشفيات في العاصمة بيروت والضاحية الجنوبية، ونداءاتهم ودعواتهم لأبناء منطقتهم للتوجّه المباشر إلى مختلف المستشفيات والتبرّع بالدم، والصورة تجسّدت على نحو لافت أمام مستشفى المقاصد الذي تجمهر المتبرعون أمامه بانتظار دورهم للتبرّع بالدم لإخوانهم الجرحى الوافدين من مناطق لبنانية مختلفة.
المشهد انسحب أيضاً على أبناء منطقة الناعمة وصيدا وإقليم الخروب وطرابلس الذين جاءوا إلى المستشفيات القريبة للتبرّع بوحدات دم.
"نحن دم واحد بوجه عدو واحد"، بهذه الكلمات توجّه أحد الممرّضين العاملين في المستشفى الإسلامي في طرابلس برسالة مصوّرة عبر حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي، أثناء انطلاقه من مكان عمله إلى مستشفيات الضاحية الجنوبية لبيروت لتقديم خدماته الطبية.
هذا المشهد سبقه مشهد آخر لفريق طبي من أبناء عكار في الشمال، ضمّ ممرّضين وأطباء توجّهوا مباشرةً بعد الحادث إلى مستشفيات بيروت لتقديم الدعم الطبي والمساندة.
وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت أيضاً بمنشورات أطباء كثر شرّعوا عياداتهم لاستقبال الجرحى، ولا سيما أطباء العيون والجراحة والأسنان الذين توافدوا بدورهم إلى المستشفيات القريبة منهم، ومكث بعضهم ساعات طويلة جداً في المستشفيات للقيام وتقديم كلّ ما يلزم.
"يا شباب الجنوب والنبطية، إصابات العيون ممكن ترسلوها لعندي عالعيادة، أنا حاضر استقبلهم"، بهذه الكلمات عمّم أحد الأطباء دعوته واستعداده لتقديم أي مساعدة في هذا الإطار.
الصورة انسحبت أيضاً على الحملات التي خُصّصت للتبرّع بالدم، والمراكز المتنقّلة التي تمّ تشييدها على الفور منذ اللحظات الأولى لوقوع العدوان.
استنفرت العديد من الجمعيات طواقمها وشكّلت صفوفها للقيام بكلّ ما يُمكن.
في محلّة "ميدان الشهداء" في الضاحية الجنوبية لبيروت وتحت شعار "نهديهم دماءنا ودفء قلوبنا" أطلقت جمعية "ود" مستشفى ميدانياً للتبرّع بالدم للجرحى.
كذلك، أطلقت جمعية "وتعاونوا" حملة مشابهة عبر الطلب من المتبرّعين ملء استمارة التبرّع الخاصة، مع تأمين وسائل نقل لضمان سلامة المتبرّعين وسرعة وصول الدم.