أبدوا امتعاضهم من الدفاع عن حدود السعودية .. مرتزقة يمنيون : غُرر بنا

 

ترجمه القسم السياسي في قناة ألاشراق

كما سبق وأن عملت على تشكيل تنظيم القاعدة في أفغانستان بحجة مناهضة الوجود السوفيتي هناك نهاية ثمانينات القرن الماضي، تعمل السلطات السعودية على تشكيل ألويـةٍ عسكريةٍ يمنية مسلحة تحارب بالوكالة المقاومة التي تبديها حركة أنصار الله بقيادة السيد عبد الملك الحوثي ضد النظام "اللا شرعي" في اليمن.  

لفيفٌ من اليمنيين المغرر بهم، يتم استغلال حاجاتهم المادية، وتوظيفهم وتدريبهم لمحاربة أخوتهم في بلادهم، تجلس الوحدات العسكرية السعودية خلف الجبهات بمسافة لا تقل الوف الامتار، بينما يتقدم مرتزقة ما يسمى التحالف العربي تلك الميادين الوعرة لمقاتلة أبناء جلدتهم في الوطن. 

مرتزقة عائدون، بحسب تقارير لمواقع أخبارية غربية، قالوا انهم لم يعطوا الا اسابيع قليلة من التدريب، ثم نشروا في الحدود السعودية الجنوبية بشكل افواج دفاع وعلى الاغلب كان طاقمها حصريا من قبل اليمنيين، ودفعوا أجور بمعدل 800 دولار شهريا لقتال القوات اليمنية وحركة أنصار الله المتفوقة ميدانياً.

ويقول احمد (أحد المرتزقين اليمنيين)، "عندما وصلت الى ساحة المعركة لم اجد سوى اليمنيين يقاتلون على الخطوط الامامية".

وتؤكد هذه الخطوة مدى عجز وضعف القوات السعودية أو عدم رغبتها في وضع جنودها في خط المواجهة في الحرب التي ساهمت فيها في أسوأ أزمة إنسانية في الشرق الأوسط وجوعت الملايين من اليمنيين ومئات الآلاف في أسوأ أزمة للكوليرا في العالم. 

مرتزقة يمنيين في مدينة مأرب . وكالة  (AFP) 

احمد ذو (29 عاماً) والذي قاتل كمرتزق على حدود محافظة نجران جنوبي السعودية قال "بعد عامين من الحرب، كان لدي خيار إما القتال مع السعوديين أو العيش في ركام قريتي المدمرة في محافظة تعز".

يكمل المرتزق الذي فضل أن يتخفى تحت اسم مستعار: " كنت اعرف انه سيكون القتال على الحدود أكثر خطورة لكن القتال بدلاً عن القوات السعودية هو أفضل فرصة للوصول الى احلامي"، وأضاف "كان من الأفضل أن أموت من أن أعيش عبئاً على والدي".

وبعد أن تلقى احمد بضعة أسابيع فقط من التدريب في مأرب وهي التجربة العسكرية الوحيدة التي حصل عليها هو ومرتزقة اخرون مثله نقل في السفينة الى جبهة نجران على الحدود السعودية لمواجهة حركة أنصار الله المدعومين من الجيش اليمني الوطني.
 

لا سعوديون في الأفق 

قبل وصوله الى الخطوط الامامية السعودية بنهاية سبتمبر /ايلول 2016 ، احمد كان يعتقد انه سيقاتل جنباً الى جنب مع القوات البرية السعودية. ومع ذلك عندما وصل احمد الى نجران لم تكن القوات السعودية في الافق وقال "وجدت فقط  اليمنيين يقاتلون على الخطوط الامامية". 

توفيق، مقاتل يمني آخر اشتراه السعوديون، أطلق النار على ساقه من أجل الفرار والنجاة بحياته من الجبهة. وقال، "إننا لم نرى جنوداً سعوديين على الحدود السعودية، وشعرنا بالخيانة من قبل بلد يستخدم اليمنيين المدربين تدريبا ضعيفا كطعم لحماية مصالحهم الخاصة"

يضيف توفيق "السعودية تريد الحرب باستخدام اليمنيين بينما يتجنب السعوديون القتال على خطوطهم الأمامية، ويريد السعوديون العيش بينما نموت نحن ويموت اليمنيون على الطرف الاخر من الحدود... فضلت أن أفقد ساقي لكي أنجو بحياتي"، مضيفا أنه "سينصح اليمنيين الآخرين أن يموتوا جوعا في بلدهم أفضل من أن يموتوا في سبيل حماية قوة أجنبية".

رواية أحمد تتفق مع رواية توفيق: "لا أعرف عدد المقاتلين اليمنيين الموجودين على الحدود السعودية، ولكن كان هناك أكثر من 300 مقاتل في مجموعتي وحدها".

وقال أحمد: عندما سألت عن القوات السعودية، قال “المقاتلون اليمنيون إنهم يجلسون على بعد عدة كيلومترات من الجبهة دون أن يقاتلوا بالفعل في الخطوط الأمامية".

ويضيف أحمد: "في تلك المرحلة، بدأت أفكر في العودة إلى اليمن... من الخطأ أن أموت من أجل المال"، 

 
وعلى مدى العامين الماضيين، شنت السعودية وغالبية التحالف العسكري الخليجي آلاف الغارات الجوية واستخدمت عددا قليلا من القوات البرية على الحدود اليمنية السعودية في محاولة لتغيير موازين القوى بين حركة أنصار الله وقوات الجيش الوطني وإعادة الرئيس المنتهية ولايته عبدربه منصور هادي الى العاصمة صنعاء التي غادرها الى السعودية بعد فقدانه الشرعية الدستورية لحكم اليمن. وعلى نحو متزايد، كان الحوثيون وقوات صالح يحققون انتصارات وضربات صاروخية نوعية عبر الحدود وعلى أهداف عميقة داخل المملكة.

 

مقاتل من حركة أنصار الله اليمنية . وكالة Reuters

وعلى الرغم من أن المرتزقة اليمنيين يهربون بانتظام من جبهات الحدود، فإن آلافا آخرين ما زالوا ينضمون إلى القتال. ووفقا للتقارير، فإن معظم القوات التي يستخدمها التحالف السعودي في اليمن هي أيضا قوات أجنبية.

حربٌ يقودها السعوديون.. يقاتلها بدلاً عنها الاجانب

إن معظم القوات النظامية التي يستخدمها التحالف السعودي في اليمن هي ايضا اجنبية، في عام 2015 أدعى مسؤولون في الحكومة اليمنية ان مصر ارسلت قوات برية للقتال جنبا الى جنب مع القوات الحكومية، وفي وقت سابق من هذا العام قالت مصادر أمنية رفيعة المستوى لـ "ميدل أيست أي" ان الجيش الباكستاني أرسل لواء من القوات القتالية لتعزيز الحدود الجنوبية الضعيفة للمملكة العربية السعودية .

شون ماكفيت .ألاستاذ المساعد في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن 

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز عن دولة الامارات العربية المتحدة والتي هي جزء من التحالف السعودي لتجنيد المئات من المرتزقة من كولومبيا وباناما والسلفادور وشيلي للقيام بعملهم "القذر" في اليمن...وقال شون ماكفيت وهو زميل بارز في المجلس الاطلسي ومؤلف " المرتزقة الحديثة" : "يعتبر المرتزقة خيارا جذابا للدول الغنية التي ترغب في شن حرب حتى الان ، وقد لايرغب مواطنوها في القتال". 


محاولة الهروب أو الفرار 

كانت الايام الاولى في ساحة المعركة صعبة بالنسبة الى احمد حيث شهد الموت عن  قرب. ويقول احمد "عندما ترى زملائك يقاتلون لا تريد أي شي سوى الفرار".

مضيفاً "لقد تم تدريبنا لمدة 40 يوما للقتال لذلك تجاربنا كانت محدودة جدا، ولكن المقاتلين من أنصار الله  كانوا يقتلون العشرات منا في آن واحد" 
عندما حاول احمد الفرار منعته فرقة الدفاع الحدودية هو وآخرين من المغادرة إلا إذا جرحوا أو قاتلوا لمدة ستة أشهر على الأقل.

طوال فترة عمله على الخطوط الامامية، فكر احمد في عائلته والمشورة التي قدمها والديه للبقاء الى جانبهم. ندم لأنه تمرد عليهم وفي نفس الوقت يفكر بأصابة نفسه بطلق ناري يجعله غير صالح للقتال كما فعل بعض اصدقاء احمد الى اصابة أنفسهم عمدا من اجل السماح لهم بالعودة الى اليمن.


صراع النفوذ في المملكة

نشرت صحيفة “لوجورنال دوديمانش” الفرنسية؛ تقريرا بقلم الكاتب، أوليفيه دو لارج ذكرت فيه الصحيفة أن محمد بن سلمان ولي العهد السعودي ووزير الدفاع قد عمل على إثبات نفسه عندما تولى منصب وزير الدفاع؛ عن طريق تنفيذ مخطط التدخل العسكري السعودي "المحكوم بالفشل" في اليمن واضافت الصحيفة
“تدخل محمد بن سلمان عسكريا في اليمن ليس لمحاربة انصار الله بل ليملي رأيه على باقي وزراء آل سعود”.

محمد بن سلمان ولي العهد السعودي والمتسبب بكارثة اليمن الانسانية . وكالة GettyImages

 

وبعد قضاء تسعة أشهر على الخطوط الامامية في قتال فرض على اليمنيين ضمن صراعات السلطة والنفوذ في المملكة السعودية، التي شنت حرب جديدة على اليمن تحت ذريعة اعادة الشرعية المتمثلة بالرئيس المستقيل عبد ربه هادي بينما تشير معطيات عديدة الى صراع على النفوذ داخل العائلة السعودية الحاكمة شكل السبب الأساس في هذه المغامرة السعودية المفتوحة على كل الاحتمالات الخاسرة.

رجع احمد الى قريته في اوائل تموز يوليو وبعد أن وعد عائلته لا يعود أبداً الى الخطوط الامامية السعودية، حيث يعتبر الحرب غير مجدية، اليمنيون يقاتلون بعضهم بعضا بدون سبب وجيه.

وقال احمد، "الدول تدعمنا لتدمير بلادنا بدلا من دعمنا لبنائها" واضاف "انصح جميع اليمنيين ببناء بلادهم بدلا من قتال بعضهم البعض".

عن "ميدل إيست آي".