العبادي مباركاً : انتصارنا اليوم هو انتصار على الظلام والوحشية والإرهاب

 

أعداد القسم السياسي في قناة الاشراق

بمشاعرها الملتبسة بين فرح وأسى، نادت معلمة الرياضات المتقاعدة (فاطمة محمد -51 عام) ابنتها الكبرى زهراء ذات الخمس عشر ربيعاً وطلبت منها مساعدتها في خلع ملابس الحزن السوداء التي ارتدتها منذ استشهاد زوجها العقيد في الجيش العراقي حسن عبد الله أثناء تصديه لأول الهجمات التي شنها تنظيم ما يسمى "داعش" على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى شمالي العراق أوائل شهر حزيران 2014.

    لو صحتي تساعدني جان هللهت لهذا الخبر , فرحة ما بعدهه فرحة وهسه يلا برد كلبي... دم أبو زهراء ماراح هدر .

تصمت لوهله الحاجة فاطمة كما يطيب لجيرانها ان يسموها قبل ان تتابع بصوت يملأه الفخر  

    جابوهه ولدنه للموصل وردوهه لحضن اهلهه خلي شكو واحد انلجم بعزيز كلبه هناك بالموصل بالانبار بتكريت خلي يفرح.   


  وبعد ان أخفت بمنديلها دمعة كادت ان تهرب منها تقاطعها أبنتها بالقول 

   ماما اني اهلهل بدالج .خلي يسمع فرحتنا بابا وهو بالنجف دا يشوف اخوته شلون عجّبوا كل العالم بزودهم. 

  وبتلك الزغاريد التي كسرت هدوء مساء العاشر من تموز / يوليو في مدينة الكاظمية المقدسة شمالي العاصمة بغداد. بدت هكذا اول ملامح الغبطة بعد الإعلان الرسمي لرئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي اكتمال عمليات تحرير مدينة الموصل وبدأت سراعاً مسيرات فرح عفوية نظمها جمع كبير من المواطنين في أغلب مدن ومحافظات العراق بعد بيان النصر الذي تلاه العبادي في الموصل داخل مقر عمليات جهاز مكافحة الإرهاب في المدينة متحدين ذلك درجات الحرارة الخانقة التي عرف بها العراق في هذا الشهر من كل عام.

 

أحتفالات عفوية في الشارع العراقي بمناسبة أعلان تحرير الموصل.

 

صيف تموز الذي قاربت فيه درجة الحرارة 55 مئوية لم تمنع مقاتلي الشرطة الاتحادية وجهاز مكافحة الإرهاب من تحقيق نصر صعب بالمفاهيم العسكرية الخاصة بقتال الشوارع. والحديث هنا للملازم عباس الساعدي من فوج المهمات الخاصة في جهاز مكافحة الارهاب.

    بين الازقة الضيقة ومن غرفة الى أخرى طاردنا المسلحين الذين اتخذوا من المدنيين دروعاً وراهنوا على ان يثنينا تكرار الاشتباك القريب ولهب الصيف المملوء بدخان  الأسلحة والعجلات العسكرية من ردعهم وطردهم خارج العراق قتلى او معتقلين او هاربين. ولكن ايماننا بقرب اعلان الحسم وبعدالة القضية التي نقاتل من اجلها حفزنا  على ان لا نقبل بغير النصر. 

 

ضباط جهاز مكافحة الارهاب العراقي أثناء تحرير حي الزهور في الموصل.

 

صعوبة المعركة التي حسمتها القوات العراقية لصالحها اليوم سبق وأن أقر بها قادة كبار في التحالف الدولي لقتال تنظيم ما يعرف ب" داعش " .منهم الجنرال الأمريكي ستيفن تاونسند الذي قاد قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة في العراق ضمن (عملية العزم التام)
 

الجنرال الأمريكي ستيفن تاونسند 

أعتقد أن الأمر سيكون صعبا جدا بالنسبة لأي جيش، القتال في مدينة هو أكثر تحديا، خاصة في المدن الكبرى مثل الموصل. وسيكون ذلك صعبا على جيشنا.. وسيزداد صعوبة.

هذا الرأي وافقهه قبلاً ديبلوماسيون كبار على رأسهم السفير الأميركي لدى العراق، دوغلاس سليمان الذي ذكر المجتمع الدولي في بيان صحفي بحجم المهمة المطلوبة لتحرير محافظة نينوى.


السفير الأميركي لدى العراق، دوغلاس سليمان

المعركة صعبة لأن الموصل تحتوي على 285 ألف بناية، بواقع مليون وثماني غرف تجعل التفتيش أمرا صعبا، فضلا عن فظاعة داعش الذي استخدم المدنيين كدروع بشرية وهاجم المناطق المحررة.

ألا أن هذه التصريحات غيرت بوصلتها بعد الانتصارات الميدانية المتلاحقة التي فرضتها الإرادة العراقية ممثلة بالقوات الأمنية ورديفها الحشد الشعبي التي استمرت بالقتال التدريجي واستعادة أقضية وقرى نينوى صعوداً نحو مركز المحافظة الذي تبلغ مساحته 180 كيلومتر مربع ويسكنه قرابة المليوني نسمة قبل سيطرة التنظيم الإرهابي على المدينة.
حين هلت بشائر التحرير من بلدة قرقوش (15 كيلومترا من الموصل) في أكتوبر/تشرين الأول 2016حيث استعادت قوات الجيش العراقي السيطرة على هذه البلدة الاستراتيجية. وفي غضون أسبوعين من المعركة، استعيدت عشرات المناطق التي تقع حول الموصل، كبرى مدن محافظة نينوى. بعدها بشهر واحد أعلن الجيش العراقي الدخول لأول مرة إلى الموصل منذ سيطرة تنظيم ما يسمى بداعش عليها، وهو ما وصفه قائد قوات مكافحة الإرهاب، ببداية "التحرير الحقيقي" للمدينة. 
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2016 قوات الحشد الشعبي أعلنت أنها وبنجاح قد قطعت الطريق الرئيسي الذي يربط الموصل بالرقة، المعقل الرئيسي لأرهابيي التنظيم في سوريا، والتي تقع على بعد نحو 400 كيلومتر إلى الغرب من الموصل لتتوالى بعدها المدن المحررة وصولاً الى الإنجاز التاريخي الذي أعلن اليوم الاثنين وسط مدينة الموصل العائدة الى أحضان العراق.