رحيل عالم الاثار العراقي منير يوسف طه.

الاشراق | متابعة.

يعدّ الباحث وعالم الآثار العراقي منير يوسف طه (1939 – 2020) الذي رحل منذ أيام، أحد المتخصّصين في التاريخ القديم لبلاد الرافدين وشبه الجزيرة العربية، من خلال بحوثه التي تناول العديد منها الحضارة السومرية وأثرها الثقافي الممتدّ، إلى جانب عمله ومسوحاته الميدانية في العديد من البعثات الأثرية لأكثر من نصف قرن.

أكمل الراحل التاريخ والآثار دراساته العليا في جامعتي كامبريدج ونيويورك، ثم عاد إلى بلاده وعمل في مواقع عدّة، حيث كان رئيساً لهيئة الآثار ومديراً للمتحف العراقي، وانتقل في السبعينينات للعمل في حملات التنقيب الأولى في بلدان خليجية عدّة منها البحرين والإمارات، وكذلك في ليبيا وقطر سنة 2011.

اهتمّ طه بالأدب سواء في كتاباته السيرة وفي أدب الرحلات، أو في تناوله للجوانب الثقافية والفنية في الحضارات القديمة، كما في دراسته لقصيدة التي تضيء قصة الحب التي جمعت بين الإله الراعي تموز وإلهة الخصب عشتار، وتعود إلى نحو خمسة آلاف عام، محلّلاً نصوصها التي تعكس المعتقدات والميثولوجيا المتعلّقة بالحب في بلاد ما بين النهرين.

ومن خلال عمله في منطقة الخليج، ينحاز صاحب كتاب "البحث عن جلفار" إلى أن السومريين ارتحلوا قسراً إلى دلمون في الجزيرة العربية، خلافاً للروايات المتعدّدة حول أصول السومريين التي تذهب معظمها إلى قدومهم من الجنوب، مثبتاً ذلك من خلال رسوم ومنحوتات لأبرز رموزهم المتمثّل بالثعبان، إلى جانب أدوات مثل السكاكين والفخاريات من جرار تستخدم لخفظ الماء، والمباخر متعدّدة الأنماط، التي تتشابه جميعها مع أوابد مماثلة في جنوب العراق خلال فترات تاريخية متقاربة.

وضع طه ايضاً كتابيْن بعنواني "قطر في عصور ما قبل التاريخ" (2003)، و"قطر عبر عصور ما قبل التاريخ و العصور التاريخية" (2012)، تناول خلالهما أعمال الحفر التي بدأت في قطر منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وبيّنت اتصالها بحضارة العُبيد التي ازدهرت في بلاد الرافدين خلال الألف الخامس والرابع قبل الميلاد، كما تعود بعض المكتشفات إلى عصر الوركاء الذي ظهر التدوين فيه التدوين خلال نهاية الألف الرابع قبل الميلاد، بالإضافة إلى العديد من المواقع الاثرية في قطر التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ مثل الجساسية.

ترك الراحل العديد من الكتب التي تتبّع خلالها تلك الوشائج والصلات الحضارية التي ربطت حضارات العراق القديم بالجزيرة العربية في حقب تاريخية مختلفة، كما دوّن مقاطع عديدة من سيرته في كتابيه "مذكرات عالم آثار عربي"، و"أدب الرحلات وتداعيات الذات".