موقع السعودية بين المحاور الاقليمية
زاد اسراع الدول العربية المصطفة ضمن المحور السعودي، الى الاذعان بانتصار محور المقاومة الذي تقوده ايران في سورية، واعادة فتح سفاراتها في دمشق، في عزلة السعودية التي كانت في زمن ما، متحالفة مع المحور التركي القطري ومن يدور في فلكه من جماعات واحزاب وتيارات، سياسيا وعسكريا واعلاميا بهدف اسقاط الحكومة السورية.
وتبين اية جردة حساب للسياسات السعودية خلال السنوات الأخيرة، وخصوصا في العهد السلماني، ان الرياض تكبدت خسائر كبيرة واخفاقات واسعة على مستوى سياساتها الخارجية في المنطقة. فحساباتها في سورية بإسقاط حكومة الرئيس بشار الاسد، سياسيا أو عسكريا، باءت بالفشل، ومحاولاتها اختراق الساحة العراقية والتأثير في خارطته السياسية اصطدمت بتراكمات اختزنها الوجدان العراقي من مواقف السعودية، حكومة ورجال دين وجماعات تشترك معها في الفكر الوهابي، ضد الشعب العراقي وتطلعاته بالحرية والسيادة والاستقلال.
وتذبذبت السعودية في علاقتها مع لاعب اقليمي كبير هو تركية، وانتقلت من تحالف عابر معها في سورية، الى تنافس واستعداء ثم محاصرة قطر وجريمة مقتل خاشقجي فأصبحت فريسة لإعلام تركي قطري، حصر السعودية في زاوية المتهم الذي لا يجيد الدفاع عن نفسه واشعرها بعجزها الاعلامي حتى اقالت وزيرا واعادت تشكيل مجلس تحرير قناتيها العربية والحدث.
وفي وقت تعيش السعودية عداء مستحكما مع المحور التركي القطري، تعاني الرياض من انتكاسات امام محور المقاومة الذي تقوده ايران، ونتائج الإنتخابات في لبنان والعراق تكشف عن هزائم سياسية اخرى لها. وفي اليمن فإن الرياض اضطرت، بعد طول انكار، الى الاعتراف بأنصار الله، طرفا شرعيا وممثلا لأغلبية اليمنيين بعد ان كانت تروم تدميرهم في شهور!
وانفرط عقد المحور السعودي عندما بادرت مصر والامارات والبحرين الى التطبيع مع الحكومة السورية العضو في محور المقاومة، وكذلك خسرت، بسبب غرور ابن سلمان، الاردن والمغرب وعُمان كحلفاء تقليديين، وحتى في العلاقة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي فان غيرها، غلبها في اعلان العلاقة رسمياً.
وعلى هذا، بقت السعودية في موقع لا تحسد عليه وهي ترى ان ليس لها الا تاجر البيت الأبيض دونالد ترامب، الذي لا يتوانى عن وصفها ببقرة حلوب وظهر ركوب، وها هم الديمقراطيون يحاصرون ترامب سياسيا فينتزعون منه مجلس النواب بينما يحمل مجلس الشيوخ ولي العهد السعودي مسؤولية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي وقد تتغير الامور في الولايات المتحدة بما لا تشتهي سفن آل سعود المتهالكة.
وكما كان قرار ترامب بالانسحاب المفاجئ من سورية مباغتا حتى لوزير دفاعه وحلفائه الأوروبيين، فعلى السعودية ان تخشى منه استدارات صادمة تجعلها في مهب الريح بسبب قصر نظر قيادتها وقلة تجربة ولي عهدها، وهي تعيش في بيئة زرعت فيها الكرة لها وغذت الحقد عليها حتى ان ولي عهدها ابن سلمان دخل دولا عربية خلسة وخرج وهو يخشى غضبة الجماهير العربية.
رغم كل محاولات تبييض ولي العهد السعودي بسبب ما سجله الضمير الانساني من تلطيخ يديه بدماء اليمنيين والصحفي خاشقجي وغيرهما داخل السعودية وفي دول عربية واسلامية اخرى، وما سببه المذهب الوهابي من ارهاب وقتل وتكفير، يبقى على اهل الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية والمنطقتين الشمالية والجنوبية مسؤولية انقاذ ما يمكن إنقاذه من مستقبل اجيالهم وعدم السماح بسعودتهم والذهاب بهم الى مصير مجهول.
على آل سعود ان يدركوا انهم في اصعب وقت يمر به حكمهم وانهم لم يسجلوا مكسبا لهم في صراعهم مع محور المقاومة الكبير، ولا حتى مع المحور التركي القطري، وان رهانهم على ترامب وكيان الاحتلال الاسرائيلي يزيدهم عزلة ونفورا داخليا وعربيا واسلاميا وهو ما يتمناه اهل نجد والحجاز قبل غيرهم بأمل الخلاص والتحرر ممن اختزل تاريخهم ومذاهبهم وتسامحهم باسم عائلة آل سعود ومغامراتهم.
A.K